“كورونا” ومُستقبَل العلاقات… العربية – العربية* محمد خروب

النشرة الدولية –

لیس مستقبل الاتحاد الاوروبي ھو ما بات قید التساؤل والبحث في أروقة ودوائر العواصم الأوروبیة, وبخاصة تلك التي تكاد جائحة كورونا تقصم ظھرھا وتثقل كاھلھا, وخصوصاً إیطالیا وإسبانیا (دع عنك بریطانیا الخارجة رسمیا ولو بعد حین من منظومة الإتحاد), ولیس ما ستغدو علیه العلاقات الأمیركیة – الأوروبیة (فضلا عن التساؤلات بل الترجیحات بقرب انتھاء الحقبة الأمیركیة) بعد ان وجه لھا ترمب صفعة قویة محمولة على غطرسة وأنانیة أمیركیة معلنة, والمثال الأبرزُ  الذي ظھر مبكراً وعلى شكل فاضح, قیام واشنطن بقرصنة المستوردات الأوروبیة من المستلزمات الطبیة والتلویح بـ”الانتقام” منھا إذا ما حاولت الحؤول دون بلاده والحصول على تلك المستلزمات بأي طریقة كانت, سواء بالسطو أم بالمضاربة على أسعارھا ودفع أضعاف السعر الذي اشترى به الأوروبیون تلك المستلزمات الضروریة لجبهة الھجمة الكورونیة, دون ان ننسى محاولة الرئیس الامیركي “الاستئثار” بلقاح ألماني قیل ان شركة أدویة المانیة شھیرة بصدد النجاح في اكتشافھ كعلاج لفیروس كورونا ما اثار ضجة سیاسیة وإعلامیة كبیرة.

بل ثمة مؤشر خطیر برز جلیّاً على راھن العلاقات العربیة – العربیة الھشة والمتردیة, فجاءت جائحة

كورونا لتقوضھا وتضعھا موضع التساؤل، في ظل برود معلَن في علاقات معظم العواصم العربیة بعضھا ببعض, والغیاب الملحوظ لأي اتصالات أو محاولات لنجدة “فقراء” العرب, الذین عانوا ویعانون نقصاً في الأموال والمستلزمات الطبیة (دع عنك الغذائیة واللوجستیة بعد إغلاق المطارات والحدود البریّة والموانئ).

صحي ومطلوب الجدل الذي تصاعد بین الأوروبیین, وخصوصاً التصریحات الغاضبة التي أطلقھا سیاسیون في روما ومدرید “وغیرھما” حول الانكشاف السیاسي والأخلاقي لھیئات الإتحاد، وصمت عواصم مھمة بل وتقاعسھا عن نجدة “شریكاتھا”,التي وقعت ضحیة ھذه الموجة العاتیة وغیر المسبوقة من فیروس كورونا المستجد, والذي كشف ھشاشة كوكبنا وتخلّفھ عن التصدي لآثاره وتداعیاتھ على البشر والاقتصاد والتواصل بین الشعوب، ما استدعى – الجدل الغاضب – اجتماعات عاجلة لؤمسسات الاتحاد وعقد مؤتمرات عاجلة (عبر تقنیة الإتصال التلفزیوني عن بُعد) لتدارك الأمور “واستنقاذ” الاتحاد قبل دخوله رحلة التفكك.

بل وتخصیص مئات ملیارات “الیوروھات” لدعم اقتصادات دول أنھكھا واستنزفھا “كورونا”.. والتشدید على أھمیة “بقاء” الإتحاد وتعزیز دوره وتصحیح الإختلالات البنیویة الخطیرة التي “فضحتھا” جائحة كوفید ـ19.

شيء كھذا لم یَحدث “عربیّاً بل لاذت معظم العواصم العربیة بصمت مریب, صمت یطرح تساؤلات محمولة على غضب مشروع, عما إذا كانت العواصم تلك تنتظر كارثة أكبر من جائحة كورونا, لتتقدّم الصفوف وتمد ید العون لعواصم شقیقة أنھكھا كورونا وأثقل كاھلھا, ویكاد يحطم اقتصاداتھا وبُناھا التحتیة المستنزفة, ناھیك عن قدرة ھذا الفیروس الخطیر على التمدّد والانتشار عبر الحدود, یصعب على أي دولة عربیة الزعم بأنھا باتت محصنة ضده.

لا نسمع ولا نرى ھبوط طائرات عربیّة محملة بالمساعدات “الطبیّة” العاجلة في ھذا المطار العربي أو ذاك، ولا تبرق لنا وكالات الأنباء أو وسائل الإعلام أخباراً تتحدثعن اتصالات بین القادة أو دعوات للالتقاء في “قمم” عاجلة (عبر تقنیات الإتصال المتلفَز بالضرورة) لاتخاذ قرارات تأخذ صفة الإستعجال, لمحاصرة الوباء والحدُّ من خسائره وأكلافه المتواصلة استنزافاً وتھدیداً خطیرا لمقومات البقاء, لأنظمة “صحیّة” عربیّة فقیرة ومستنزفة أصلاً.

والحال هذه.. ليس ثمة ما يشكل مفاجأة إذا ما صحونا بعد (محاصرة الوباء) على دوي انهيار ما تبقى من نظام عربي… ازداد تصدعا وبات آيلا للسقوط.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button