الصمت القاتل.. عربيٌ بامتياز
بقلم: صالح الراشد

 

ارتقت شيرين أبو عاقلة شهيدة الحق والحقيقة، وارتقى قبلها المئات والآف شهداء وهم يذودون عن تراب فلسطين الطهور، وودعهم أهل فلسطين بالدم قبل الدموع، ولم يفرقوا بين شهيد تابع لفصيل وآخر من فصيل ولا دين عن دين، فكلهم فلسطينيون أبناء القضية وحماة للأقصى وكنيسة القيامة، وانتظرنا الرد العربي المزلزل للصهاينة، وطال الانتظار للحصول على حق الشهداء، واليوم سننتظر طويلاً لنيل حق شيرين، لنجد أن حقوق شعب تضيع بين كلمات عابرة تتناثر هنا وهناك ممن يختبئون خلف الكلمات.

فالعنوان العربي واضح فاضح، مجرد استنكار وشجب لا يقدمان خطوة لتحرير الوطن السليب، ثم يغفوا العرب ويدخلوا في سبات طويل على أمل أن يتوقف أهل فلسطين عن مقاومة المُحتل، ويتعايشوا مع واقع الإستعمار المؤلم، ويرتضوا بذل المعاهدات التي قتلت الأمل الأخير بنهضة الأمة لتحرير الأقصى، ليصبح باستسلامهم أقصى وأبعد وتُصبحُ الحياة أقسى كونها تتساوى مع الموت.

العرب اليوم وصلوا عصر الإنحطاط فلا يُجيدون صناعة الأبطال وتعزيز صمودهم، بل يُسارعون لدفن بطولاتهم كونها تُشعرهم بعجزهم وتزيد من خزيهم، وهنا خرج على الأمة من يقبلوا اليد الصهيونية، ليطالبوا بتحقيق دولي بمشاركة أوروبية أمريكية بعلامة صهيونية، ليبينوا لنا من أطلق الرصاصة على شيرين، وهي خطة لإعلان براءة القاتل وإدانة البطلة التي صنعت لفلسطين وشعبها إرث تاريخي لا يمكن تجاهله، فيما هم يصيغون الوهم لزيادة الفرقة بين الشعب الواحد على خلفية دينية، كما أشعلوا نار الفتنة السياسية بين الفصائل الصامدة على أطهر تراب في الكون.

وأقولها دوماً وسأظل أكررها، إن رصاصة الصهيوني تقتل فلسطينياً واحداً في كل مرة، وصمت العرب يقتل وطناً وأملاً وطموحاً، يقتل حُلماً بالتحرير والحرية، يُغلق طريق الحياة ويصنع الموت الهاديء للفلسطينيين جماعات جماعات، فصمت قيادات العرب موت وحديث جهلتهم فتنة، ليجد الفلسطينيون أن بقائهم مرهون بوحدتهم بكافة أطيافهم وفصائلهم، وعليهم الإدراك بأن الاعتماد على التائهين الضالين من العرب كالمستجير من الرمضاء بالنار .

آخر الكلام:

لكم الله ثم سواعدكم أيها الشعب الفلسطيني العظيم، وتذكروا كلمات الشاعر محمد مهدي الجواهري وأنتم تواجهون الصهاينة وحدكم حين قال:

يا أمة لخصوم ضدها احتكمت
كيف ارتضيت خصيماً ظالماً حكما

بالمدفع استشهدي إن كنت ناطقة
أو رُمت أن تسمعي من يشتكي الصمما

سلي الحوادث والتاريخَ هل عرفا
حقاً ورأيا بغير القوة احتُرما

لا تطلبي من يد الجبار مرحمة
ضعي على هامةٍ جبارةٍ قدما.

زر الذهاب إلى الأعلى