أيهما أخطر كورونا أم ما تبعها من إجراءات؟
النشرة الدولية –
من الاقتصاد إلى السياسة، بل وحتى الأمن وغيره من القطاعات الحيوية حول العالم، لم تسلم جميعها من التأثيرات السلبية التي خلفها انتشار فيروس كورونا المستجد وما تبعه من إجراءات للحد من انتشار الوباء الذي أودى بحياة عشرات الآلاف.
واضطرت العديد من دول العالم إلى فرض إجراءات إغلاق جزئي أو كلي وحظر تجول إضافة إلى القيود المفروضة على الحركة ووقف للتجارة، مما تسبب في أسوأ أزمة اقتصادية لم يشهدها العالم منذ أكثر من قرن.
وعلى الصعيد السياسي، تصاعدت حدة الخلافات بين الولايات المتحدة ودول أوروبية من جهة وبين الصين، مركز تفشي الوباء، من جهة ثانية، بعد اتهام بكين بعدم الشفافية فيما يتعلق بالمعلومات حول فيروس كورونا.
وربما تكون إجراءات التباعد الاجتماعي التي فرضتها بعض الدول، ساهمت بشكل أو بآخر بالحد من انتشار الفيروس، إلا أنها تسببت في الوقت ذاته بمشاكل صحية أخرى ربما تكون أخطر على المديين الطويل والمتوسط.
فعلى سبيل المثال حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أن مكافحة فيروس كورونا قد يكون لها آثار مدمرة غير مباشرة في البلدان الفقيرة، من بينها وفاة ستة آلاف طفل يوميا في الأشهر الستة المقبلة.
كما أشارت دراسة أجرتها جامعة جونز هوبكنز، إلى إمكانية وفاة نحو 1,2 مليون طفل دون سن الخامسة في 118 دولة خلال ستة أشهر بسبب إعاقة التغطية الصحية بالجهود المبذولة لمكافحة وباء كوفيد-19
وخلال الفترة نفسها، قد يصل عدد وفيات الحوامل إلى 56 ألفا و700 بسبب انخفاض الرعاية قبل الولادة وبعدها، بالإضافة إلى 144 ألفا يتوفين حاليا.
كما يتسبب الوباء في البلدان التي تعاني من أنظمة صحية سيئة، في تعطيل سلاسل توريد الأدوية والغذاء ويفرض ضغطا على الموارد البشرية والمالية.
وإلى جانب ذلك ساهمت الإجراءات المتخذة لمكافحة انتشار الفيروس، من إغلاق وحظر تجول إضافة إلى القيود المفروضة على الحركة وقلق السكان من العدوى، في تقليل عدد الزيارات إلى المراكز الصحية والإجراءات الطبية الحيوية، كتلك المتعلقة بعلاج وباء السل الذي يقتل ستة ملايين انسان حول العالم سنويا.
ليس هذا فحسب، فقد حذرت الأمم المتحدة مؤخرا من احتمال نشوب أزمة عالمية كبرى في مجال الصحة العقلية، نتيجة الضغوط التي تسبب الفيروس وإجراءات العزل التي ترافقت معه.
يقول أخصائي الطب النفسي رافع السبتي إنه “من غير الممكن القول إن كورونا أخطر من إجراءات التباعد الاجتماعي أو العكس، فكلاهما يؤثر على البشر بشكل أو بآخر، وكلاهما يمكن أن يؤديا إلى فقدان الحياة”.
ويضيف السبتي لـ”موقع الحرة” أن “أحد المواضيع الرئيسية التي تسببت بها القيود على الحركة، كان الشعور بالخسارة، فبالنسبة للبعض يعني التباعد الاجتماعي فقدان الدخل، وبالنسبة للبعض الآخر فقدان الروتين اليومي والتفاعل مع الآخرين”.
ويتابع أن “هذه الخسائر الجسدية لها تأثير كبير على الصحة العقلية للإنسان، ويمكن أن تؤدي إلى فقدان القيمة بالذات وفقدان الدافع والمعنى في الحياة اليومية”.
ووفقا للسبتي قد يعاني الكثير من الأشخاص المعزولين من مشاكل صحية نفسية على المدى القصير والطويل، بما في ذلك الإجهاد والأرق والإرهاق العاطفي ويمكن أن تتطور إلى تعاطي المخدرات والحبوب المهدئة”.
كذلك أشار إلى أنه “في بعض الأحيان يمكن أن تتطور التداعيات وتصل لمستويات عالية مما يعرف باسم الضائقة النفسية، والتي يمكن أن تؤدي لمشاكل صحية عقلية مثل القلق والاكتئاب والتفكير بالانتحار”.
على الصعيد الآخر يقول أخصائي الطب النفسي إن “عدم فرض إجراءات التباعد الاجتماعي، يمكن أن تؤدي بالمقابل إلى انتشار الوباء بشكل يصعب السيطرة عليه مما يتسبب بمزيد من الوفيات”.
وأودى الوباء العالمي بحياة ما لا يقل عن 297 ألف شخص في العالم منذ ظهوره في الصين في ديسمبر الماضي، فيما تم تسجيل أكثر من أربعة ملايين و362 ألف إصابة في 196 بلدا ومنطقة.
وتعد الولايات المتحدة أكثر دولة تضررا من الوباء من حيث عدد الوفيات مع حصيلة إجمالية للوفيّات بلغت 84136 من أصل مليون و390 ألف إصابة، تليها بريطانيا مع 33186 وفاة وإيطاليا مع 31106 وفاة، وإسبانيا مع 27321 وفرنسا مع 27074 وفاة.