الأنظار المحليّة والدولية على المجلس النيابي اللبناني 2022 والعين على مخاض تأليف الحكومة

Doc-P-952836-637882957566592218.jpg

النشرة الدولية –

لبنان 24 –

نوال الأشقر

تتجه الأنظار المحليّة والدوليّة إلى المجلس النيابي الجديد، وما قد ينتج عنه على المستويين السياسي والإقتصادي، في لحظة مفصليّة من تاريخ لبنان، الذي يعيش تداعيات الإنهيار المالي منذ عامين ونصف.

في الشق السياسي يواجه البرلمان استحقاقين، الأول حكومي والثاني رئاسي. بعد أن يعمد إلى ترتيب بيته الداخلي بانتخاب رئيس للمجلس، ونائب للرئيس وهيئة مكتب، يتفرّغ المجلسُ الجديد للقيام بأولى المهام المنوطة به، أي تسمية شخصيّة لتكليفها تأليف حكومة جديدة، في أعقاب استشارات نيابيّة ملزمة يجريها رئيس الجمهورية مع الكتل البرلمانية بموجب الفقرة الثانية من المادة 53 من الدستور، تنتهي بإصداره مرسوم تسمية رئيس مجلس الوزراء بحسب الفقرة الثالثة من المادة المشار اليها، لتبدأ بعدها مهمّة الرئيس المكلف في تأليف حكومة بعد استشارات نيابية غير ملزمة. هنا، يتخوف عدد من المراقبين من صعوبات قد تعترض عملية تأليف حكومة جديدة، نظرًا لحال الإنقسام العامودي في البلد، والذي عكسته الإصطفافات السياسية والمعارك الإنتخابية بين القوى الحزبيّة التقليديّة انطلاقًا من إعادة مشهدية 8 و 14 آذار، وتعزيز الإنقسام حيال الدور المتنامي.

لحزب الله في الحياة السياسية، لاسيمّا وأنّ التجارب السابقة في تأليف الحكومات في لبنان لا تبشّر بالخير، إذا ما استثنينا حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي تشكلّت بسرعة قياسيّة في أيلول 2021، بعد مرور ثلاثة عشر شهرًا على استقالة حكومة حسان دياب في آب 2020، وبعد أن فشل الرئيس سعد الحريري في تشكيل حكومته طيلة تسعة أشهر، معتذرًا عن المهمّة في تموز 2021.

يواجه البرلمان الجديد معركة الإستحقاق الرئاسي مع انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال عون في 31 تشرين الأول، من شأن هذا الإستحقاق أن يزيد عملية تأليف الحكومة صعوبة، انطلاقًا من حسابات الأحجام داخل الحكومة في حال وقع فراغٌ في رئاسة الجمهورية، وتعذّر انتخاب رئيس جديد، الأمر الذي من شأنه أن يمدّد عمر الحكومة، بحيث تتولى مجتمعةً صلاحيات رئيس الجمهورية، عملاً بالمادة 62 من الدستور.

الإستحقاقات الإقتصادية والإجتماعية تتطلب الإسراع بتأليف حكومة، تعالج الملفات المعيشيّة الضاغطة، التي حُجبت في الأيام الماضية بفعل ضجيج المعارك الإنتخابية، من رفع تعرفة الإتصالات وما يحكى عن دولرة أسعار المحروقات وأدوية الأمراض المستعصية، وتعثر وصول الغاز المصري والكهرباء الأردنية، وغيرها من الملفات الحياتية. مصادر مراقبة تبدي خشية كبيرة من تداعيات عدم تأليف حكومة في الفترة الفاصلة عن انتهاء ولاية عون “ففي حال بلغنا ليل 31 تشرين من دون حكومة، ومن دون انتخاب رئيس جديد، ندخل في فراغ رئاسي وحكومي معًا،  بحيث يتعذّر القيام باستشارات نيابية ملزمة وغيرها من الإجراءات الدستورية الضرورية لتأليف حكومة، وعندها نكون أمام سيناريو جهنمي يُدخل البلاد في المجهول، وفي مرحلة من اللا استقرار على الصعد كافة ، لا يمكن لأحد التنبؤ بتبعاته الكارثيّة”.

بالتوازي مع الاستحقاقات الدستورية الكبرى، هناك تحديات اقتصاديّة ماليّة مصيريّة، تتطلب من المجلس النيابي الجديد استكمال مسار الحلول الذي أرسته الحكومة الحالية، إن من خلال خطتها للتعافي أو مشروع الموازنة الذي أرسلته إلى المجلس وحالت الحسابات الإنتخابية دون إقراره قبل الإنتخابات. وعليه نواب الأمّة أمام مهمة إصدار تشريعات جديدة تعبّد الطريق أمام استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، في إطار عملية الخروج من الأزمة انطلاقًا من خطة التعافي، وتحضير كامل الأرضية التشريعية والقانونية المتمثلة بإقرار قوانين يشترطها صندوق النقد الدولي والجهات المانحة، أبرزها تعديل السرية المصرفيّة وقانون الكابيتال كونترول وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وإقرار موازنة إصلاحية، وصولاً إلى إبرام اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، يشكّل مدخلًا لدعم الجهات المانحة الأخرى، إن لجهة إعادة تحريك مؤتمر سيدر أو لجهة عقد مؤتمر دولي لأجل لبنان بمبادرة فرنسية. كل ذلك متوقف على أداء السلطات في لبنان، والكرة في ملعب اللبنانيين، لإثبات مدى قدرتهم في ظلّ البرلمان الجديد على تنفيذ الإجندة الإصلاحيّة المطلوبة دوليًّا، وإلًا ينتظرنا المزيد من السقوط في قعر جهنم.

زر الذهاب إلى الأعلى