مراكش حلم اليقظة
نزهة عزيزي
النشرة الدولية –
الضوء الساطع يغمرني واستحم كل صباح بدفئه، لست افروديت آلهة الجمال الاغريفية ولا كلوبترا في هوسها ببياض بشرتها، أنا سمراء بكل أطياف الألوان، في مراكش السحر أنا سليلة ابن تاشافين أتقفى أثارمجده، الأخضر الملكي، الأزرق التركواز والشاي المتدفق بسخاء على شرفات مراكش، أنا أميرة المكان والزمان واللحظ، الاهازيج الامازيغية والدقة المراكشيه وروائح التوابل وعطر المساء المحموم بزهر البرتقال والياسمين، ثملة بانوار الفوانيس في الرياض والقصور، مخيلتي تكتنز بسحر وجمال هذه المدينة، لا اعرف منذ متى همت بها، رأيتها تسكنني بإجتياح لا مثيل له. تعيد معايير الجمال وتقلب حواسي كإمراة فاتنة خرجت من الفناء لافنى في عشقها، مراكش خلفت فوضى في حواسي كليلة محمومة بالحب. ارتشف الشاي و اتلذذ بحلوى قرن غزال وأحاول ان أتصور مراكش القديمة دون سيارات ولا دراجات نارية، اتسلل في زقاقاتها ليباغثني الولوج لقصر ما او لرياض خلف الجدران الغير مشبوهة بشيء، لكن الجمال والحضارة الإسلامية في كل رونقها تندس خلف الجدران العالية السمكية، لا نوافد تطل على العالم لا أبواب كثيرة. دهاليز وابواب مواربة تخفي خلفها حدائق ونافورات وفناءات مفتوحة تعانق السماء، الألوان هنا غير الألوان، هنا المخيلة العربية تبتكر اسلوب حياة من الجنة. الزخرف والزليج والرخام والنقوش على اعمدة الساحات والفناءات قمة في الرونق والجمال. كنت أرى حكايات شهرزاد واستشعر قصائد الأندلس “جادك الوصل اذا الوصل هما يا زمان الوصل بالأندلس، لم يكن وصلك الا حلما ” رحت اتخيل كل المهاجرين الذين وفدوا لمراكش لما طرد المسلمون من الأندلس في اسبانيا وجاءو محملين بحضارتهم ليعيدو بناءها في فاس ومراكش.
ادركت ان أصول جدتي الفاسية هي سر كيمياء الحب التي تملكتني وانا أزور مراكش. بيني وبينها قصة جنون وشغف. تركتها تعبث بتفاصيل انوثتي في حمامها، استسلمت لعطرها وتوابلها، كنت أنثى السلطنة في ليلها، مال خصري في حضرتها رقصت لها بجنون،هي توقض مارد الإغراء وتداعبني بجنون تغنجت في حضنها فغمرتني، وضعت الكحل في عيني فتغزلت بي، نثرتني كتبتني قصائد ونصوصا ،مراكش شبق متواصل لذروة الصراخ السماوي الإلهي الصوفي. مراكش أعجزت لغتي وقاموسي لم أكتفي بالسكر بخمرتها وبغمرتها ولا سلوى عنها إلا بها.