الفن التدميري أفيون الشعوب الجديد ..!!
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

تتقلب المجتمعات بين موجات متلاحقة من التفاهة العقلية حتى وصلت إلى حد البلادة الفكرية والحسية، ويلعب العديد من الاشخاص هذا الدور بإمتياز، ومنهم عدد كبير من الفنانيين والشعراء والادباء بعد أن تحولوا إلى جزء هام في نظام التفاهة، كونهم يعملون وفق متطلبات السوق بغض النظر عن النتائج التي يخلفونها ويزرعونها في فكر المجتمع، لتستغلهم الشركات المنتجة للأعمال التلفزيونية والسينمائية لخدمة رأس المال ورجال السياسة على حد سواء، لنجد أن هذه النوعية من البشر أصبحوا غير قابلين للإصلاح في ظل إفتقادهم للثقافة والقوة على تغيير مفاهيم الشركات، ولاستفادتهم المستمرة ثم لقناعتهم المُطلقة في ظل شعبيتهم الجارفة أنهم أبرز الموارد البشرية لقطاع الثقافة بجميع أنواعها، وفي مقدمتهم الأشخاص الذين صنعتهم الدوائر الأمنية والسياسية ورأس المال وحولوهم بين ليلة وضحاها لنجوم بارزين.

وركز غالبيتهم على صناعة الحلم المستحيل والترويج للمجرمين على أنهم أبطال ولتجار المخدرات على أنهم أيقونات، متناسين أن دورهم الأساسي يجب أن يتمحور حول صناعة الوحدة السياسية السليمة بدلاً من المساهمة في صناعة الفُرقة، وهذا ما نشاهده في أفلام هوليود الأمريكية وعديد المسلسلات العربية التي تعزز العنف والقتل وتروج له على أنه بطولة لحماية الذات والوطن، ليفقد الممثلون الذين يبيعون أنفسهم لشركات الإنتاج المسيرة من قبل راس المال ورجال السياسة دورهم في العمل كصُناع لجودة الحياة، وبناء الفكر الإيجابي والثقافة النموذجية التي ترتقي بالمجتمع، لا سيما أنهم مقيدين بقدرة صُنّاعهم على إبتزازهم لأن لكل منهم ملفات يسعى لإبقائها طي الكتمان، ليكثروا من الهرج بمدح صُناع الموت فيما يُحملون الضحية أسباب موتها.

وأصبح دور العديد من الفنانين البقاء بجوار سرير الضحية قبل الموت، وسرقة الأضواء لتحويل الكوارث إلى مهرجانات فنية وغنائية وشعرية، وحصل هذا الأمر في العديد من الدول حين تقوم الشركات الإقتصادية والجهاز الحكومي بقتل أبناء الوطن بحوادث يمكن تجاوزها بسهولة، وهنا تستعين الشركات القاتلة بالفنانيين للمشاركة في جنازات الضحايا ودعم المجتمع المحلي، فتتحول الجرائم النكراء إلى مهرجانات داعمة للأذرع القاتلة، بعد نجاح مساعدوا القتلة من فنانيين في عزل وتحييد مشاعر أهالي الضحايا، وهذا ما يحصل في الوقت الراهن حين يتم استخدام المشهورين كدروع لتمرير العديد من القرارات الكارثية، فيما يصفقون ويُهللون لقضايا بعيدة عن القرارات المتخذة ليكون دورهم خطف الأنظار صوب الإتجاه الخاطيء.

ولا يختلف دور العديد من الشعراء عن مجموعة الفنانين في الفتك بالمجتمع، لنجد أن بعضهم يتخذ من نهج شاعر ماجن أو ملحد، طريق لصناعة الكلمات والمواقف التي لا تنعكس بفائدة على الثقافة المطلوب غرسها في فكر الشعوب، ولا تقل خطورة الفنانين عن خطورة المذيعات الجميلات اللواتي يسردن الأكاذيب بطريقة أنيقة، ليتحول جميع هؤلاء إلى مكبرات صوتية للتغطية على الثقافة الإيجابية التي تجعل المواطن يشعر بمرارة الواقع، ليلعبوا مجتمعين دور ألافيون في تخدير الشعوب بتغير الواقع، وتحويل الألم إلى مرحلة غيبوبة سرعان ما تنتهي بتقبيل يد القاتل.

ان إنغماس الفنانين والشعراء ومقدمات البرامج الأنيقات والمتحدثين اللبقين في وحل السياسية، يجردهم من قيمهم الإنسانية والثقافية ويحولهم إلى مظلات تحتمي بها الجهات السياسية والإقتصادية ، لتتحول مسارح الجرائم إلى مسارح للإستعراض بعد تأنيق الحدث وجعله يرتدي الجمال بدل من البشاعة الحقيقية لما جرى، وهذا أمر يوجب على منظمات المجتمع المدني الساعية لحماية المجتمعات من الجرائم المشتركة، إنشاء جهات متخصصة لتحديد من هو الشاعر ومن هو المؤلف والروائي والفنان، لحماية المجتمعات من الفن التخريبي التدميري القائم على قتل الثقافة والحقيقة، والمصيبة أنه ينتشر بسرعة تفوق الخيال .

زر الذهاب إلى الأعلى