ألغام تتحكم بالاستحقاقات اللبنانية المقبلة.. هل يتكرر السيناريو العراقي؟
النشرة الدولية –
لبنان 24 – هتاف دهام –
أما وقد شكل استحقاق الانتخابات النيابية محطة بارزة سيبنى عليها في المرحلة المقبلة، فإن الغاما كثيرة يبدو انها تتحكم بالاستحقاقات المرتقبة على صعيد رئاسة المجلس النيابي، ففي 22 الجاري تنتهي ولاية المجلس النيابي ويفترض بدءًا من هذا التاريخ وخلال 15 يوماً أن يدعو رئيس السنّ (الرئيس نبيه بري) الى جلسة لانتخاب رئيس لمجلس النواب، علما ان الفوز يحتاج الى الاغلبية المطلقة من الذي سيحضرون الجلسة التي يفترض ان يتأمن النصاب لها ( 65 نائبا). الا ان الترقب سيد الموقف لمرحلة ما بعد انتخاب رئيس المجلس ونائبه، علما ان اتصالات يقودها حزب الله بدأت مع “رئيس التيار الوطني الحر” جبران باسيل بهدف تصويت “كتلة لبنان القوي” لصالح الرئيس بري في الجلسة المرتقبة خاصة وان كل الترجيحات تصب في خانة ان تذهب نيابة رئاسة المجلس الى النائب المنتخب الياس بو صعب.
لا تسير الامور بانسيابية من انتخابات رئاسة المجلس وصولا الى تأليف الحكومة في ضوء التبدل في المشهد السياسي، علما ان الفسيفساء البرلمانية على صعيد تشكيل الكتل لا سيما في ما خص النواب الجدد المحسوبين على قوى التغيير وما يعرف بالمعارضة لم تتضح بعد، وهذا من شأنه ان يزيد الامور غموضا، على صعيد تكليف رئيس جديد للحكومة التي تدخل مرحلة تصريف الاعمال مع بداية الولاية الجديدة لمجلس النواب.
في اطلالته يوم الاربعاء دعا الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى حكومة الشراكة والتعاون، وإلّا فإن البديل هو الفراغ والفوضى والفشل. اما رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل فاعتبر أن “خبرية التكنوقراط في الحكومة: باي باي، فهناك شرعية شعبية يجب الاعتراف بها بغض النظر أين سنكون”.في حين رفض رئيس حزب القوات سمير جعجع حكومة “شوربة” وطنية، مؤيدا حكومة فعالة لديها برنامج سياسي واضح”، مؤكدا “السعي الدائم للقوات الى التنسيق مع كل القوى التغييرية والمعارضة في البلد، بدءا من رئاسة المجلس النيابي ورئاسة الحكومة”.
ما تقدم يشير الى عمق الازمة ويوحي بأن الامور مفتوحة على كل الاحتمالات في ظل توجه بعض نواب قوى التغيير والقوات اللبنانية الى ترشيح السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة. الا ان الامور، وفق مصادر سياسية، ليست بهذه البساطة، رغم ان قوى 8 اذار قد تذهب الى التسليم بقواعد اللعبة الدستورية على مستوى التكليف، وبالاخص اذا ذهب التيار الوطني الحر في عدم معارضته تكليف سلام، الا انها تغمز من قناة 86الـ نائبا حيث ميثاقية التمثيل الشيعي مفقودة الامر الذي لا يسمح للمكونات السياسية الاخرى التحكم بقواعد اللعبة بعيدا عن “الشريك الشيعي”.
المشهد لن يكون سلسا على مستوى التأليف وبالتالي قد يبقى الافق مسدودا، خاصة وان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الممسك بالتوقيع الرئاسي، سوف يستثمر للحد الاقصى حتى اللحظة الاخيرة المتبقية من ولايته( 5 أشهر) ربطا بالنتائج التي حققها “التيار الوطني الحر” في الانتخابات النيابية. وبالتالي فإن المسار سوف يتحدد ربطا بكيفية تعاطي العهد وباسيل مع اولويات الحكومة في الاشهر الخمسة المتبقية من عمر العهد ومدى نجاحه في ايجاد قواسم مشتركة مع حزب الله والرئيس نجيب ميقاتي من شأنها ان تسهل تأليف حكومة برئاسة ميقاتي، الذي بحسب مصادر مقربة من حزب الله يسجل لحكومته أنها نجحت في منع ارتطام البلد وأنجزت الانتخابات وقدمت موازنة رغم شوائبها وعقدت اتفاقا أوليا مع صندوق النقد.
من وجهة نظر المصادر السياسية، يبقى ميقاتي الأكثر أهلية لترؤس الحكومة العتيدة والأوفر حظا ايضاً لاعتبارات تتصل بالشرعية السنيّة التي يحظى بها من دار الفتوى والرئيس سعد الحريري ونادي رؤساء الحكومات السابقين وحزب الله فضلا عن الدعم الاميركي والفرنسي له على وجه التحديد، ربطا بغياب الممانعة الايرانية له في موازاة الحوار الفرنسي – الايراني الدائم حول لبنان، في حين ان الموقف السعودي تحوم حوله الضبابية رغم تفاهم باريس – الرياض على تقديم المساعدات الانسانية للبنان، علما ان الموقف السعودي من شأنه وفق المصادر ان يحدد مدى قوة دخول المملكة السعودية على الملف اللبناني.
لن يكون ميقاتي مطالبا لرئاسة الحكومة، الا أن الأجواء المحيطة بمروحة الاتصالات قد ترسم الوجهة في عملية التكليف، فبحسب المصادر، قد يعاد تكليف الرئيس ميقاتي لتشكيل الحكومة ويجمع بين التكليف وتصريف الأعمال إذا عجز عن التأليف، وبالتالي تدير حكومته الحالية الفراغ الرئاسي التي قد يستمر أشهرا، وبالتالي فان مفهوم تصريف الأعمال لن يبقى محصورا بالنطاق الضيق ربطا بقواعد المرحلة التي تحتم الاتساع في مفهومه، خصوصا وان معظم القوى تستبعد تشكيل حكومة سريعا، لأن الترقب للتطورات الإقليمية والدولية لا يبشر بالخير. المفاوضات النووية متوقفة، وخمس جلسات ايرانية – سعودية لم تتطرق الى الملف اللبناني. وملف أوكرانيا خلط الأوراق أوروبيا، وهذا يعني أن المؤتمر الدولي الذي وعد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعقده حول لبنان جمّد إلى حين، ليبقى الخوف من تكرار السيناريو العراقي اذا طغى الانسداد السياسي على المشهد.