النواب الجدُد في “صار الوقت” وإطلالة “نقشت” Take me out
بقلم: اكرم كمال سريوي

النشرة الدولية –

الثائر نيوز –

على وقع التصفيق وشعارات الثورة، دخل مساء الخميس الفائت، ١٣ عشر نائباً من قوى التغيير، إلى ستوديو MTV في برنامج “صار الوقت” مع مرسال غانم، الذي لم ينسَ في مقدمة الحلقة، أن يُذكّر النواب الجدد بفضل برنامجه عليهم، وإتاحة الفرصة لهم للإطلال على الجمهور، ثم تُكمل موزّعة الورود، جورجيت وهي تُقدّم وردة لمرسال بقولها: “هذا بفضلك”!!!!!.

ووسط الهرج والمرج كادت أن تتحول الحلقة إلى ما يُشبه برنامج “نقشت” Take me out على شاشة LDC للمقدم فؤاد يمين.

هل يجوز استضافة هذا العدد من النواب، في حلقة تلفزيونية واحدة، ليتحدثوا عن رؤيتهم لمستقبل لبنان، وخططهم لانقاذه من أزماته الكثيرة!!!؟؟؟ وهل تمت استضافتهم كنواب للأمة؟؟؟ أم كالتلامذة والأستاذ؟؟؟

https://www.althaer.com/images/mainpage2020/BJLTLFUJPY.jpg

استدعى غانم النواب الجدد على عجل، فبعضهم لم يلتقط انفاسه، وما زال تحت تأثير الصدمة، وربما لم يصدق أنه أصبح نائباً، ولم يُحضّر أوراقه للمرحلة القادمة بعد، ولم يستعدّ لمواجهة الاستحقاقات الكثيرة الداهمة على لبنان، والتي تفرض نفسها عليه، بعد أن أصبح فجأةً مسؤولاً، وعليه اتخاذ عدة مواقف وقرارات “باسم الشعب”، في بلد تتداخل فيه الصراعات السياسية والاقتصادية والطائفية، ومطالب الناس الخدماتيه وغير ذلك.

بدا غالبيتهم كأنهم طلاب في الصفوف الابتدائية، ركبوا في “بوسطة” يقودها مرسال غانم على منعطفات خطرة، وذاهبون في رحلة لا يعرفون إلى أين، فهم يتفاجؤن مع كل سؤال وانعطافة، فيُخفون الدهشة بالتصفيق والاستعانة بالجمهور، ولم يبخل غانم بتوزيع الألقاب عليهم مخاطبا حليمة قعقور ومنيمنة ب “دولة الرئيس” ، ومُعرّفاً عن نجاة عون ب “غادة عون” قبل أن يستدرك معتذراً، وهو يتنمر على غادة عون (كما قال)، منتقداً تسريحة شعرها.

وبغض النظر عن الانتقادات الموجّهة إلى القاضية عون، وحملة التشكيك بمصداقيتها، وما اذا كانت تُنفّذ اجندة التيار الوطني الحر، أما أنّها فعلاً تحاول الوقوف في وجه مافيا المال وحُماتِهم من السياسيين، وترغب بمحاسبة الفاسدين والسارقين، في بلد نعلم جميعاً حجم التدخلات السياسية وجماعة مافيا المصارف فيه، في القضاء، والقدرة لدى هؤلاء على طي الملفات و (فبركتها أحياناً)، ووقف التحقيقات، بدءاً من جرائم تهريب الأموال الى الخارج، ودعاوى تبييض الأموال على مصرفيين ونافذين، وصولاً إلى جريمة مرفأ بيروت.

لكن يبقى السؤال: أوليس من المُعيب التنمر على الآخرين بتعليقات مُسيئة، حول مظهرهم وتسريحة شعرهم؟؟؟ وهل هذا هو معيار تقييم عمل الأشخاص ومصداقيتهم وذكائهم؟؟؟ وهل هذا هو مستوى الإعلامي الراقي؟؟؟

بعض تمنيات مرسال وتوجيهاته لصف النواب، كانت أشبه بالإملاءات. بدأها بمطالبة ملحم خلف بإلغاء القضاء العسكري، وطلب إلى بعضهم قطع العهود أمامه (لكنه والحق يُقال قد أعفاهم من قَسَمِ اليمين)، واستكملها بطلب تشكيل النواب كتلة واحدة معارضة.

ورغم أحقية بعض ملاحظات مرسال، يبقى أن هؤلاء أصبحوا نواباً وليسوا مجرد صبية، دخلوا إلى الاستديو، شاكرين لمرسال إتاحة الفرصة لهم بإطلالة إعلامية، وقول بضعة كلمات، ليراهم رفاقهم على شاشة التلفاز، ويتباهون بذلك في اليوم التالي، على الفايس بوك.

يتبع مرسال غانم منذ مدة نهجاً مؤيّداً لقوى الثورة والتغييري، وهذا أمر جيد طبعاً وندعمه في “الثائر”، ولا شك أنه وجه إعلامي بارز، ولكن لماذا يتعمّد دائماً أن يُهين ضيوفه ويتنمّر عليهم؟؟؟ وكيف ينظر إلى مشاعر وآراء المشاهدين لحلقاته؟؟؟ وكيف يُقيّم اُسلوب شقيقه جورج غانم؟؟؟ وما رأيه بحوارات عرفات حجازي وكبار اساتذة الإعلام في لبنان؟؟؟ .

عن قصد أو عن غير قصد لقد أعطت الإطلالة الأولى للنواب الجدد “التغييرين” انطباعاً، أنهم غير جاهزين للمهمة الموكلة إليهم بعد، فلا برامج حقيقية، ولا خطط جاهزة للانقاذ والتغيير، وكل ما لديهم هو مجرّد عموميات، وشعارات شعبوية، باتت مستهلكة منذ عشرات السنين في لبنان.

لا بد للنواب الجدد من العمل بجد وجهد، إذا أرادوا تنفيذ ما وعدوا الناس به حقا، فالوقت ضيق جداً، و أزمات لبنان كبيرة ومتلاحقة، والبلد في غرفة العناية الفائقة، وحالته تتطلّب الإسراع في المعالجة، وعلى من يدّعي الخبرة ويدخل غرفة العمليات، أن يكون مستعداً ومدركاً لتفاصيل الوضع من كل جانب. وقسم كبير من النواب لديه كفاءة علمية عالية، يجب استثمارها الآن، لكن ليس شرطاً أن كل من لديه شهادات عالية، سيكون قادراً على النجاح في ادارة شؤون البلاد والعباد.

وفي الختام ربما من المفيد تذكير البعض بقول أبي العلاء المعري:

خفّفِ الوَطءَ ما أظنُّ أدِيم

الأرضِ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الأجْسَادِ

زر الذهاب إلى الأعلى