سعيدة المنبهي الثورية التي تكتب بالدم

No description available.

نزهة عزيزي

النشرة الدولية –

عندما تحب الحرية لا يمكنك أن لا تتوقف عند شعر جويس منصور التي حررت القصيدة العربية ولا يمكنك أن لا تعجب بألبرتين سرازان التي كتبت في زنزانتها عن مأساة الانسان عندما يتعرض للاضطهاد مهما كانت أشكاله ولا يمكنك أن لا تشدك أشعار سعيدة المنبهي المفعمة بالحرية .

اتوقف اليوم عند إمرأة كتبت أشعارا بدمها على حائط زنزانتها. اسمها قد يكون محفورا في ذاكرة الكثيرين… وإن لم يكن، فسعيدة أول امرأة عربية ماتت/”استشهدت” إضرابا عن الطعام، دفاعا عن حقوق شعبها من المظلومين.

قال عنها الأديب المغربي عبد اللطيف اللعبي “بدأت سعيدة تكتب الشعر بأظافرها على حائط الزنزانة. كان ذلك في سنة 1976 بالسجن المدني بالدار البيضاء. كانت تكتب ولا تنقح لأنها لم تكن تفكر في أضواء الشهرة ولا في المخبرين وجواسيس اللغة”.

هي واحدة من نساء المغرب اللواتي عشقن الحرية وإستمتنا من أجلها، إعتنقت سعيدة المنبهي قضية المظلومين الذين لا صوت لهم وهي شابة يافعة تعرضت للسجن والتعذيب لكن إيمانها بقضيتها العادلة لم يزدها الا اصرارا

سبق لي أن شرحت لك

يا صغيرتي

ـ ليس كما شرحت لك ذلك المعلمة ـ

إنهم لا يضعون في السجن اللصوص فقط

إنهم يسجنون أيضا الذين يرفضون الرشوة

 

 

السرقة والعهارة

أولئك الذين يصرخون

كي تصبح الأرض

لمن يحرثونها”.

هذا الشعر، البسيط الواضح ، المترجم إلى العربية، كان لامرأة لم تبصم على حياة عادية، مع أن حياتها كانت قصيرة لانها رحلت عن هذا العالم عن عمر يناهز 25سنة فقط

امرأة تنفست الحرية، ودافعت مثلما ليس له نظير، عن “عرق سواعد تنشر الخيرات، ثم تبترها أنياب آلات الرأسمال”كتابة الشعر لم تكن فعلا تفريغيا بالنسبة لسعيدة، بل أكثر من ذلك بكثير، فهو في عينيها، تأريخ للمرحلة..

تداخلت المكونات وتشابكت في نصوصها في نسيج غريب واليف في نفس الوقت..يبهر بالنضارة.اصبحت سعيدة شاعرة لانها اكتشفت سر انسانيتها وكفاحها كامراة ومناضلة..لانها اكتشفت بهاء تجربتنا الانسانية. إستقبلت  سعيدة الموت  ببسمة الواثقة من نفسها.وعلى فراشها الاخير..خرجت للحظة من غيبوبتها العميقة لتكتب بالدم كلمتين بسيطتين..كلمتين رقيقتين حادتين في آن معا..لهما طعم الرصاصة والقبلة.

كتبت سعيدة..”ساموت مناضلة”..ثم دخلت من جديد في غيبوبتها اليقضة النهائية لتلتحق بقافلة الشهداء الشعراء

ومن اهم القصائد التي عرفها القارئ من خلالها

ريح بلادي

تعوي ..تصر.. تهب

على الارض المبللة (تكنسها)

ترسم اشكالا

تنقش صور الماضي

ماضي انا..ماضيك انت

ماضي كل واحد منا

صوتها يذكرني بسمفونية

تلك التي كنت تهمسها في اذني كل ليلة

قبل ذلك..منذ وقت بعيد

اليوم..هذا المساء..هذه الليلة

بصمات الحياة وحدها تراود ذهني

والمطرالدؤوب

الريح العنيدة

يعودان ككل سنة

ويرجعان اليك مهما بعدت

فيذكراني بان لي جسما

بان لي صوتا

ارفعها قربانا اليك.

20 اكتوبر1976

زر الذهاب إلى الأعلى