لبنان: إطلاق المنصّة وعودة الصرّافين: هكذا سيتم شراء الدولار وبيعه* عزة الحاج حسن
النشرة الدولية –
انتهت مسرحية توقيف صرّافين وإخلاء سبيلهم وفك إضراب قطاع الصرافة.. اتُخذ قرار فَكّ إضراب الصرّافين، كما قرار إغلاق مكاتبهم في غرف مصرف لبنان، وتحديداً في مكتب الحاكم رياض سلامة، مهندس دورة الدولار الجديدة في السوق اللبنانية، من الآن فصاعداً… فما هي الآلية التي رسمها مصرف لبنان وتوافق عليها مع الحكومة، والتي بُنيت على أساسها عودة الصرافين إلى محالهم ومؤسساتهم؟ كيف سيتم بيع الدولارات للمستوردين؟ وكيف سيتم تحديد سعره؟ وهل يحق لأي كان شراء الدولار؟
أسئلة كثيرة تدور بأذهان الناس، وسط ضبابية المشهد، ليس من قبل المواطنين وحسب، بل من قبل الصرّافين أيضاً. إذ أن الآلية الجديدة ستخضع لمرحلة اختبار لمعرفة مدى قدرتها على ضبط سعر الدولار ولجم تصاعده المستمر. أضف إلى أن الصرافين ينتظرون إطلاعهم على الخطة مكتوبة، قبل استئناف عملهم. وهو ما سيحصل خلال اليومين المقبلين، في الاجتماع المرتقب انعقاده للهيئة العامة لنقابة الصرافين.
تفاصيل الآلية الجديدة
يعود الصرّافون إلى العمل يوم الأربعاء 3 حزيران، تزامناً مع إطلاق مصرف لبنان رسمياً العمل بالمنصة الالكترونية، المرتقب أن تشكّل الآلية الرسمية لإدارة سوق الصرف من قبل مصرف لبنان، وبالتعاون مع تجار الدولار خارج السوق السوداء، ومع المصارف، عبر إجراء عملياتهم المالية من خلال المنصة، وبسعر يحدّد بشكل يومي يُتوقع ألا يتجاوز 3200 ليرة للدولار يوم الأربعاء.
ابتداء من يوم الأربعاء، يصبح بإمكان مستوردي المواد الغذائية، المُدرجة ضمن السلة الاستهلاكية التي حددها مصرف لبنان مع وزارة الاقتصاد، أن يشتروا دولاراتهم من مصرف لبنان عبر المصارف التجارية، وفق سعر صرف منخفض يحدّد بداية عند 3200 ليرة للدولار. أما مستوردو باقي المنتجات الاستهلاكية غير المشمولة بسلة المواد المحدّدة مسبقاً، فلا خيارات أمامهم سوى الاستمرار بشراء الدولار من الصرّافين، أي من السوق الموازية. لكن وفق أي سعر؟
ندخل هنا إلى آلية عودة عمل الصرّافين، وفق الخطة الموضوعة والمتوافق عليها من قبل الحكومة ومصرف لبنان. فالصرّافون سيبيعون الدولار ابتداء من يوم الاربعاء المقبل وفق سعر الصرف الحالي أي المرتفع (نحو 4000 ليرة)، على أن يعملوا على خفض السعر تدريجياً خلال مدة تقارب 15 يوماً أو الشهر كأبعد تقدير، لبلوغ السعر المُستهدف للدولار، وهو ما يوازي تقديرياً السعر المحدّد من قبل المنصة الإلكترونية، أي 3200 ليرة. بمعنى أن الخطة أمهلت الصرافين فترة زمنية قصيرة للتخلص من دولاراتهم، التي سبق أن اشتروها وفق أسعار مرتفعة ولتخفّض سعر الدولار تدريجياً.
تحديد زبائن الصرافين
أما الزبائن المستهدفين من قبل الصرافين فهم المؤسسات والشركات والتجار المستوردين للمواد غير المشمولة في السلة الإستهلاكية المحدّدة مسبقاً، أو المصنّعين، وأولئك الذين يثبتون حاجتهم للدولار لسداد قرض مصرفي أو للتحويل إلى أبنائهم بالخارج، أو أي سبب ضروري يستدعي شراء الفرد للدولار. لكن لن يعود باستطاعة أي كان شراء الدولار من الصرافين. فالحالات المحددة والمسموح لها بشراء الدولار تستوجب تقديم مستندات رسمية تُثبت تلك الحاجة.
أما الحديث عن تحديد سقف شراء الدولار عند 200 دولار لكل مواطن، فقد تم صرف النظر عنه كلياً. فلا سقوف لشراء الدولارات، لكن مع ترشيد بيعه وتبرير سبب الاستحواذ على الدولارات من قبل المؤسسات والافراد.
خطة العودة
الخطة التي تم التوافق عليها رسمياً لضبط ولجم تصاعد الدولار، يُعنى فيها الصرافون من كافة الفئات، يقول محمود حلاوي النقيب السابق للصرافين في حديث إلى “المدن”. فعملية خفض الدولار تستهدف تحسين القدرة الشرائية للمواطن. وهذا الأمر يحتاج إلى تضافر جهود الجميع من رئاسة الحكومة إلى الوزراء المعنيين ومصرف لبنان والصرافين. وكل ذلك سيترجم في خطة مكتوبة ستُعمّم على الهيئة العامة للصرّافيين لتوجيههم.
حلاوي، الذي مثّل الصرافين في اجتماع السراي مع رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان، يختصر الخطة العامة بالخفض التدريجي للدولار، وبمعدل مقبول من قبل الصرافين خلال فترة محددة، كي يصل إلى المستوى المستهدف. وذلك، بمؤازرة من وزارة الداخلية لضبط وملاحقة الصرافين غير المرخصين، ولترشيد بيع الدولار وحصره بالشركات التي تحتاجه، والتمنّع عن بيع الدولار لأي كان من دون تبرير منطقي، مشدداً على مراقبة الصرّافين عن طريق مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، والتدقيق بمسار الدولارات وتوجيهها إلى المكان المناسب، بالإضافة إلى ممارسة مراقبة غير معلنة على سير عمل الصرافين.
وإذ يعوّل حلاوي على التزام الصرافين بالتوجيه الصحيح للدولار، وحصر بيعه إلى الشركات المستوردة أو المصنعة وإلى محتاجينه فقط، يؤكد أن مصرف لبنان طلب من كافة الصرافين التقدم بالطلب للمشاركة في المنصة الإلكترونية، ليعود لسلامة قرار اختيار الصرافين الذين سيرتبطون بها، وإن كان حلاوي يفضّل أن يتم إشراك كافة الصرافين من الفئتين الأولى والثانية بالمنصة.
الجميع يترقب السوق التي ستباشر العمل يوم الاربعاء. لكن قلة فقط يتمتعون بالثقة بقدرة الخطة الموضوعة على ضبط سوق الصرف، ولجم ارتفاع سعر الدولار. ووفق مصدر متابع لآلية عمل الصرافين في حديث إلى “المدن”، فإنه من المستبعد التوصل إلى ضبط السوق بنسبة عالية، لاسيما أن مستوردي المواد الاستهلاكية غير المشمولة بالسلة، وهم الملزمون بشراء الدولار من الصرّافين مباشرة، يشكّلون الغالبية الساحقة من المستوردين. وبالتالي، سيقدمون على شراء الدولارات من دون أي سقوف، ما يرجّح عودة ارتفاع الطلب على الدولار. وهو أمر غير متوفر في ظل شح الدولار في البلد. وهذا ما يضعنا أمام احتمال العودة إلى تصاعد سعر صرف الدولار، بالتوازي مع احتمال اتساع السوق السوداء وتزايد نشاطها في المرحلة المقبلة. ويبقى السؤال: إلى أي مدى سيتمكن مصرف لبنان من ضبط السوق، في ظل وجود شح بالدولارات؟ فلا يتجاوز حجم الدولارات المتواجدة في السوق الـ150 مليون دولار متراجعاً من نحو 500 مليون دولار بداية الأزمة.
نقلاً عن موقع “المدن” الإخباري اللبناني