مجلة تحدد الإجراءات التي قد تساعد واشنطن في تجنب الدخول في حرب استنزاف مع طهران

النشرة الدولية –

في 11 مارس الماضي، أعلنت ميليشيا “عصبة الثائرين” مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي الذي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وأسفر عن مقتل أميركيين وبريطاني وإصابة 14 آخرين، لترد أميركا بعدها بيومين بعدة غارات على معسكرات هذه الميليشيات.

ورأت مجلة ناشيونال إنترست الأميركية أن ضربات الولايات المتحدة ألحقت أضراراً بالميليشيات الإيرانية، لكن أيضا هجمات الأخيرة ألحقت  بعض الأضرار بالقوات الأميركية، مشيرة إلى أن خطط البنتاغون  لحملة جوية ضد الميليشيات الإيرانية في العراق، يجب أن يترافق مع دمج عناصر النهج الإسرائيلي في التعامل مع الوكلاء الإيرانيين، أو ما يسمى “الحملة بين الحروب”.

تدمير قدرات العدو

ويقوم هذا النهج على مجموعة من الحركات والإجراءات الوقائية التي تتسبب في ردع وتدمير قدرات العدو، مثل الحرب المالية والدبلوماسية، وتسعى هذه الحرب لمعالجة الترسخ العسكري الإيراني المتنامي في المنطقة.

خلال الحرب في سوريا، وخاصة منذ عام 2017، شنت إسرائيل مئات الغارات الجوية، ووسعت حملتها مؤخرًا لتشمل العراق ولبنان، في عام 2018 وحده، أسقطت تل أبيب ألفي قنبلة في سوريا.

وأدت هذه الإجراءات إلى تباطؤ حشد القوات الإيرانية وتقليص قدرات حزب الله الصاروخية الدقيقة مع تجنب صراع أوسع أو رد فعل دبلوماسي، أو إصابات إسرائيلية كبيرة.

وأشارت المجلة إلى أن مفتاح نجاح هذه الاستراتيجية هو استهداف إسرائيل الدقيق للبنية التحتية من أجل تقليل مخاطر التصعيد، حيث يقوم الجيش الإسرائيلي بجمع معلومات استخبارية لاستهداف البنية التحتية للعدو عندما تكون فارغة، أو يسقط صواريخ وهمية تحذر المسلحين من إخلاء المباني أو السيارات، وهو تكتيك يعرف باسم “طرق على السطح”.

وستركز مثل هذه الحملة على تدمير البنية التحتية الحيوية للميليشيات الإيرانية مع تقليل الخسائر غير الضرورية التي قد تؤدي إلى انتقام لا مفر منه.

الاستراتيجية الإيرانية في العراق

تعتمد الاستراتيجية الإيرانية على زرع القوات شبه العسكرية الأجنبية التي تبني دولًا داخل الدول من خلال اختراق حكوماتها الوطنية، مثل حزب الله في لبنان، وتسعى لذلك في العراق، وبالفعل أصبح لها دورا في اختيار الحكومة العراقية عن طريق وكلائها.

ومع الوقت أصبحت هذه الميليشيات جزءًا رسميًا من قوات الأمن العراقية وشكلت أسلحتها السياسية ائتلافًا احتل المرتبة الثانية في الانتخابات البرلمانية لعام 2018.

كان قاسم سليماني، قائد فيلق القدس السابق، هو مهندس الجهود الإيرانية لزرع الميليشيات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ومنذ وفاته ظهر عدد كبير من الكيانات الجديدة المزعومة في العراق على رأسها عصبة الثائرين.

وتقدم هذه الجماعات نفسها على أنها تشكيلات شعبية جديدة تسعى للانتقام من الهجوم الأميركي الذي أودى بحياة سليماني والقائد شبه العسكري الأعلى في العراق أبو مهدي المهندس، لكن المسؤولين الأميركيين اكتشفوا أن مثل هذه الجماعات هي في الواقع جبهات للميليشيات القائمة مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، وكلاهما وكلاء إيران.

ووفقاً للمجلة، فإن الانتشار بالوكالة هو تلبية لأوامر سليماني المباشرة، ففي أكتوبر الماضي، كلف سليماني كتائب حزب الله بتجميع مجموعة من رجال الميليشيات البارزين لضرب القوات الأميركية في العراق، مشيراً إلى أن الوحدة المذكورة “سيكون من الصعب اكتشافها من قبل الأميركيين”.

وردا على هذه التهديدات المتزايدة، اتخذت الولايات المتحدة تدابير حماية مثل دمج القوات في قواعد أقل ونشر أنظمة الدفاع الصاروخية المحسنة، كما تزيد إدارة ترامب الضغط على الحكومة العراقية لكبح جماح الميليشيات، بينما تكثف العقوبات على ممثليها.

لكن هذه الإجراءات ليست بلا قيود، في حين أن الإجراءات الدفاعية تقلل من فعالية الهجمات الإيرانية، إلا أنها تسمح للمليشيات بالتجول بحرية أكبر، في الشهر الماضي فقط، سيطر أعضاء من عدة ميليشيات على منطقتين بالقرب من مكتب رئيس الوزراء والسفارة الأميركية في المنطقة الخضراء في بغداد.

كانت العقوبات الاقتصادية لإدارة ترامب ناجحة بشكل ملحوظ في ضرب الاقتصاد الإيراني وتقييد بعض التدفق النقدي على إمبراطورتيها من الميليشيات، ومع ذلك، لا تزال طهران قادرة على تشغيل شبكاتها وتتلقى الميليشيات في الحشد الشعبي تمويلًا من الدولة العراقية أيضًا.

كيف يمكن تجنب الحرب؟

وأفادت المجلة أنه يمكن للولايات المتحدة التعامل مع تهديد الميليشيات في العراق بشكل أكثر فعالية من خلال متابعة حملة مستنيرة تستهدف البنية التحتية لهذه الميليشيات.

وستدفع إيران أيضًا ثمنًا سياسيًا محليًا حيث سيشعر الإيرانيون بالغضب من أن حكومتهم تضخ رأس مالها في مشاريع خاسرة تمامًا لأن شعبها يعاني اقتصاديًا.

كما أن تدمير وإضعاف وكلاء إيران هو أيضًا شكل من أشكال الحرب النفسية، فاستهداف البنية التحتية الواضحة للغاية يحرم الميليشيات من إظهار القوة، مما يشوه صورتها العامة بين السكان المحليين.

وأوضحت الصحيفة أن ضرب مكتب ميليشيا وتبادل صورة ما بعده على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية هو وسيلة فعالة لإذلال الميليشيات الإيرانية، وخفض الروح المعنوية، وعرض مقدار الضرر الذي يمكن أن تلحقه الولايات المتحدة.

بالإضافة إلى أن الكشف عن الأنشطة العسكرية السرية التي تنتهك القانون العراقي يعزز أيضاً شرعية مثل هذه العمليات، وهو أيضاً خسارة بالنسبة لطهران.

توسيع الغارات

وبحسب المجلة، يجب توسيع الغارات السرية في أراضي الخصم، مثلما تفعل إسرائيل بضرب قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني والشركات التابعة لها في سوريا.

وبالمثل، لردع إيران ووكلائها في العراق، يجب على الولايات المتحدة أن تلاحقهم في ساحات إضافية مثل لبنان وسوريا وحتى اليمن، كما سيكون من الضروري أحيانًا استهداف رجال الميليشيات أو أفراد الحرس الثوري الإيراني في العراق وخارجه، وبالتالي، فإن القتل المتعمد لسليماني كان منطقيًا، وفقاً للمجلة.

وتعتقد المجلة أنه يجب أن يكون الهدف النهائي للولايات المتحدة جعل الأنشطة الخبيثة مكلفة للغاية بالنسبة لطهران، وهو ما يحققه تدمير البنية التحتية، بالإضافة إلى ملاحقة القنوات المالية مباشرة.

وتحقيقا لهذه الغاية، ينبغي لواشنطن أن تستهدف تدفق رأس المال بما يتجاوز العقوبات والمعاملات السيبرانية.

دعم دولي

وأوضحت أنه في حين أن الضغط العسكري والمالي المستمر أمر بالغ الأهمية، فإن مثل هذه الحملة ستكون غير مكتملة بدون جهود لبناء دعم دولي، وأنه يجب على واشنطن التأكيد أن إيران ووكلائها سيُحاسبون عن الأضرار التي ألحقوها بالولايات المتحدة وحلفائها في العراق والخليج العربي وأماكن أخرى.

وستعطي الدبلوماسية الولايات المتحدة الأكسجين السياسي والشرعية التي تحتاجها لفضح إيران ووكلائها، ويعد حظر ألمانيا مؤخراً لحزب الله كمنظمة إرهابية خطوة هامة.

لكن الحملة تتطلب مواجهة مستمرة مع إيران ووكلائها في وقت يريد فيه الناخبون الأميركيون والعديد من المسؤولين المنتخبين التركيز على “إنهاء الحروب التي لا نهاية لها”، بينما تريد طهران جر الولايات المتحدة إلى حرب استنزاف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button