استقالات بالشركات الكويتية.. تخفيض للنفقات أم تجديد للدماء؟

النشرة الدولية –

تعددت في الآونة الأخيرة الاستقالات بين أوساط القيادات في المناصب العليا بالشركات المُدرجة ببورصة الكويت في مختلف قطاعات السوق، والتي انتقلت عدواها من أسواق مجاورة بالمنطقة أو حتى على مستوى العالم.

أرجع المحللون هذه الاستقالات إلى العديد من الأسباب ومن أبرزها الأزمة الاقتصادية الراهنة التي نجمت عن تفاقم انتشار جائحة فيروس كورونا المُستجد (كوفيد 19) والتي أثرت بدورها على ركود كبير في العديد من قطاعات الاقتصاد عالمياً ومحلياً.

قال المُحلل الاقتصادي زياد الهاشم لـ”مباشر”، إن أزمة “كورونا” أظهرت جانب سلبي كبير في الاقتصاد العالمي الذي أبدى عدم استعداد أو مرونة كاملة للتعامل مع مثل هذه الأوبئة مما أظهر قصوراً في القطاعات الصحية بالعديد من بلدان العالم وخاصة المتقدمة وهو ما شكل صدمة لدول أخرى تعاني أساساً في البنية الصحية الخاصة بها.

وأوضح الهاشم أن الاهتمام بالقطاع الصحي بدأ بعد ظهور الأزمة لكن الأمر يحتاج المزيد من الوقت، خاصة مع تزايد الغموض حول الفيروس وطبيعته وطرق تحديد علاجه حتى من قبل منظمات كبرى كالصحة العالمية والهيئات الصحية الكبرى في دول العالم المتقدم كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.

ويرى الهاشم أن انعكاس الأزمة على الشركات في الكويت ليس حالة فردية لكنه أمر يمكن ملاحظته في كل الشركات العالمية الكبرى وفي مختلف القطاعات، فهناك شركات بدأت بتسريح جزء من العمالة ترشيداً للنفقات في ظل توقف خطوط إنتاج بالكامل، وأخرى أعلنت عن تقليص رواتب العمال بنسب متفاوتة، بخلاف الإجراءات الاحترازية الأخرى لتواكب الأزمة الاقتصادية الطاحنة.

من جانبه، قال المُحلل الاقتصادي سعدون الرواسي، إن إعلان الإداريين في المناصب القيادية العليا بالشركات عن الاستقالة المُسببة أو غير المُسببة يحمل العديد من التفسيرات، وبالتأكيد سيرد إلى الأذهان أول تلك المُبررات وهو فك الارتباط بين هذه القيادات وبين الشركات التي يعملون بها بأقل الخسائر للطرفين خاصة في ظل أزمة تفشي جائحة كورونا والحاجة إلى الخلاص الودي الذي يحقق للطرفين مكاسب مؤقتة تتمثل في تقليص النفقات للشركات مقابل صرف مستحقات المُستقلين كاملة دون المساس بتلك الحقوق.

وبين الرواسي أن الخسارة الحقيقية للطرفين في أزمة الاستقالات تتمثل في عنصر الخبرة، فمع فرضية أن الإداريين المستقيلين أكفاء فإن الخسارة ستكون للشركات كبيرة لأنه سيصعب تعويض تلك الكفاءات في المستقبل القريب عندما تتحسن الأوضاع الصحية والاقتصادية مرة أخرى. أما خسارة الإداريين المستقليين فتتمثل في البقاء دون عمل لفترة لا يمكن تحديدها لأنها مرتبطة بانتهاء الأزمة سريعاً وهو ما يمثل عبء مادي وضغط نفسي على هؤلاء الإداريين.

أما المُحلل الاقتصادي نادر عليان، فله وجهة نظر مختلفة، فهو يرى أن الاستقالات الحالية في الكويت موسمية ومُتعارف عليها وتحدث سنوياً وربما كانت في السنوات السابقة أكثر وأشد مما حدث في العام الجاري.

وقال عليان إن الشركات أحياناً كثيرة تحتاج إلى تجديد دماء بين موظفيها وخاصة في القيادات العليا بالقطاع الإداري والمالي والصناعي، وذلك من باب تغيير الفكر والسياسة والتحول نحو تجديد نشاط أو فتح خط إنتاج جديد أو التوسع في أسواق أخرى.

كما أوضح أن الكفاءات من القيادات العليا في مختلف الشركات عندما يتقدمون باستقالات عادة ما يكون هناك فرص وظيفية أفضل في أماكن أخرى أكبر أو شركات دولية وإقليمية شهيرة، وليس منطقياً أن تتخلص الشركات من قيادات مميزة لمجرد فقط تقليص النفقات أو الحد من مستوى التوظيف لديها لأن ذلك في الحقيقة يكبدها خسائر فادحة عندما تتحسن آليات السوق وأوضاع الاقتصاد ككل.

وأكد عليان أن هناك لعبة توازنات تحدث في كثير من الأحيان بين الشركات والقيادات العاملة في بعض القطاعات داخل تلك الشركات، وربما تصل هذه التوازنات إلى مستوى من المساومة، بمعنى أن الشركة تتفق مع قيادة ما داخلها بأن يتقدم باستقالته طواعية مقابل ضمان كافة حقوقه وعدم المساس به إذا ما ثبت تورطه أو ضلوعه في عمليات فساد أو شبهة خسائر تكبدتها الشركة بسبب سوء إدارته، وذلك حتى تتخلص الشركة من المُسببات في صمت وهدوء دون التأثير على أنشطتها وسمعتها في السوق.

وهناك العديد من الشركات العالمية بدأت تتجه نحو مسألة تخفيض العمالة بنسب مُتفاوتة، بينما ارتأت أخرى أن تقليل الرواتب أقل وطأة على الموظفين والعمال وذلك مراعاة للظروف المعيشية والبعد الاجتماعي، هذا بخلاف القطاعات التي تضررت بشكل أكبر اضطر العديد من الشركات العاملة فيها إلى وقف النشاط تماماً إما بالإعلان عن التصفية أو حتى إشهار الإفلاس أو ربما التحول نحو نشاطات واعدة أخرى حققت نجاحات واعدة وسط أزمة “كورونا” كالقطاع الصحي والاستهلاكي والاتصالات والإنترنت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button