هل يسقط ترامب نتيجة الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد؟
النشرة الدولية –
أجرى موقع ”The Spectator“ الأمريكي حوارا مطولا مع جاكوب هيلبرون، رئيس تحرير ”The National Interest“، حول مستقبل الرئيس دونالد ترامب، في خضم الاحتجاجات التي تشهدها الولايات المتحدة، بحسب ما نشر موقع “إرم نيوز”.
ويشهد العديد من الولايات المتحدة منذ أيام احتجاجات مستمرة، في أعقاب وفاة المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد، على يد أحد رجال الشرطة من ذوي البشرة البيضاء في مدينة مينيابوليس، بولاية مينيسوتا.
وطرح فريدي غراي، نائب رئيس تحرير موقع ”The Spectator سؤالا ربما يتردد في أذهان الكثيرين: ”هل تؤدي تلك المظاهرات، التي تشهد العديد من أعمال العنف ووصلت إلى أبواب البيت الأبيض، إلى إسقاط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟“، وما إذا كان يمكن مقارنة المظاهرات الجارية بوقائع مماثلة شهدتها البلاد في التاريخ الحديث، حيث انتشرت أعمال العنف والنهب، والتي كان أبرزها عام 1968 وآخرها عام 2015.
وجوابا على ذلك قال جاكوب هيلبرون، رئيس تحرير ”The National Interest“، إنه رصد في الحي الذي يسكن فيه مجموعة من الشباب، من بينهم رجال ونساء، لا تتجاوز أعدادهم العشرين شخصا، وهو يحملون العصي والهراوات، ويرتدون أقنعة، وهم يقومون ببعض أعمال العنف والسلب والنهب للمحال التجارية.
وأضاف هيلبرون: ”لا يمكن المقارنة على الإطلاق بين ما يحدث الآن وما حدث في السابق عام 1968، وقتها كانت الأوضاع في الولايات المتحدة مشتعلة بالفعل، وكان الدمار واضحا في العديد من المدن الأمريكية مثل: ديترويت، واتس، وواشنطن. وقتها كانت الأوضاع مأساوية بالفعل وخرجت عن السيطرة خاصة في واشنطن“.
وتابع هيلبرون: ”الأمر المثير للاهتمام هنا هو أن أعمال العنف الحالية انتشرت بالفعل في المدن الأمريكية الأكثر ثراء، من خلال الممارسات التي يقوم بها بعض المحتجين مثل: السلب والنهب وسرقة المحال التجارية، ففي نيويورك هناك جماعات إجرامية محترفة ضالعة في تلك الأعمال، هناك مجموعة أنتيفا، وجماعات أخرى تحاول إشعال العنف“.
وأردف: ”المشهد في واشنطن مختلف نسبيا، فالمتظاهرون هناك يلتزمون السلمية إلى حد كبير، ولا يحاولون استفزاز الشرطة، ولا يريدون أن يتحول الموقف بينهما إلى مواجهات دموية، إنها مظاهرات سلمية في معظمها“.
وأكد هيلبرون أن تلك الاحتجاجات السلمية هي التي ستلحق الضرر بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكثر من أي شيء آخر.
وقال: ”وجهة نظري أن ترامب يريد أن تكون هناك مواجهة مع المتظاهرين الذين يقومون بأعمال عنف، وأنه يرغب إذا أتيحت له الفرصة في إرسال الجيش الأمريكي والحرس الوطني إلى المدن الأمريكية لسحق تلك الاحتجاجات غير السلمية وما يرافقها من أعمال سلب ونهب واسعة النطاق“.
من جانبه، قال فريدي غراي، نائب رئيس تحرير موقع ”The Spectator“: ”من وجهة نظري، فإن هناك نظرية مؤامرة لا تخفى على أحد، وأن ترامب سمح لتلك الاحتجاجات أن تشتعل وتصبح أكثر احتداما، كان باستطاعة ترامب أن يرسل الحرس الوطني، ويبدو أن الرئيس يريد أن تكون تلك الأحداث نقطة انقسام يمكنه استغلالها كرئيس للولايات المتحدة في المرحلة المقبلة“.
وأضاف غراي: ”يستطيع ترامب أن يفرض قانون التمرد، ولا يريد أن يفعل ذلك ويلقي باللوم على حكام الولايات، ولكنه في الوقت ذاته لا يمكنه أن ينأى بنفسه عما يحدث باعتباره غير مسؤول، ولا يمكن أن يخلي مسؤوليته من هذا الموقف“.
لكن جاكوب هيلبرون يرى أن ”ترامب لديه خطة معينة، ربما تكشف تفاصيلها بعض التصريحات العدائية التي أدلى بها منذ بدء الأحداث، إنه يريد أن يرسم صورة لنفسه بأنه قائد حاسم، ورأيي أن ترامب يعجز حتى الآن عن إخراج نفسه من هذا الموقف“.
وردا على سؤال حول ما إذا كان المرشح الديمقراطي المحتمل في انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة جو بايدن استفاد سياسيا من هذا الموقف، قال هيلبرون: ”لا أرى أن بايدن يتمتع بالشخصية الديناميكية التي تؤهله لرئاسة الولايات المتحدة، وإذا نجح في انتخابات الرئاسة المقبلة فإن هذا سيكون راجعا لسوء إدارة ترامب للأوضاع وليس لكفاءة منافسه“.
ومضى يقول: ”أعتقد أن جائحة كورونا والمظاهرات التي تشهدها الولايات المتحدة حاليا يبدو أنها ستؤدي إلى إسقاط ترامب، وسيكون من العجيب أن ينجو الرئيس مما يحدث الآن، ترامب الآن يواجه الموقف ذاته الذي تعرض له الرئيس الأمريكي الأسبق ليندون جونسون، ولا يستطيع أن يهرب من المسؤولية عما يحدث، الآن بايدن يحاول أن يلعب على هذا الوتر، ويقدّم نفسه على أنه يستطيع قيادة الولايات المتحدة للتغلب على المخاطر والتحديات التي تواجهها“.
وردا على سؤال طرحه فريدي غراي، حول موقف الساسة الأمريكيين من ترامب، الذي ترك الأوضاع تشتعل في الولايات المتحدة، واكتفى بالتغريد على صفحته الشخصية يموقع ”تويتر“، قال هيلبرون: ”أعتقد أن ترامب تعرض لأضرار بالغة، ومعدلات القبول لديه تتراجع بشدة. يبدو أن فرص ترامب ستكون صعبة للغاية في الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر 2020، خاصة إذا كانت المظاهرات سلمية في غالبيتها بعيدا عن أعمال السلب والنهب والعنف“.
إلا أن غراي اختلف حول هذا النقطة، وقال إن المظاهرات حتى الآن ليست سلمية في مجملها، وأن الرأي العام الأمريكي يرى أنها عنيفة وتقوم على أعمال إجرامية، وأكد أن تغطية بعض وسائل الإعلام والتصريحات التي أدلى بها مسؤولون ديمقراطيون، ومنهم على سبيل المثال المدعي العام في بوسطن، الذي اعترف بوجود حرائق في المنشآت العامة، ولكنه بدا وهو يلقي باللوم على ترامب، وأن هذه الأمور ستثير غضب الأمريكيين، لأنهم يرون أن تلك التصريحات بغيضة.
قال هيلبرون إن هذه الأمور تعكس خللا واضحا في المجتمع الأمريكي، عندما يسمح صاحب المتجر للمحتجين بإحراق متجره، ويقوم بعض الساسة بتبرير هذه الأعمال، في النهاية فإن استمرار أعمال العنف لمدة شهر دون توقف سيكون عاملا سلبيا ضد ترامب، لأنه لم يمارس سلطاته في إيقاف هذه السلوكيات.
وأضاف: ”يستطيع ترامب تطبيق قانون التمرد، لقد استخدمه من قبل الرئيس الأمريكي الأسبق ليندون جونسون في عام 1968، وجورج بوش الأب في عام 1992. الآن فإن وزير الدفاع مارك إسبر يقول إن الوضع لا يتطلب استدعاء الجيش الأمريكي، وهو الموقف الذي يتناقض مع ترامب، وبوضوح فإن قيادات وزارة الدفاع، البنتاغون، لا تريد انجرار الجيش في السياسة الداخلية“.
وردا على سؤال حول ما إذا كان ترامب استنفد حظه الكبير الذي سمح له بالوصول إلى البيت الأبيض، والمضي قدما في ولايته الأولى، في ظل التطورات الأخيرة المتعلقة بجائحة كورونا والمظاهرات العنيفة حاليا، قال هيلبرون: ”من المبكر جدا الحكم على نهاية ترامب، وسوف يرتكب الديمقراطيون خطأ كبيرا إذا اعتقدوا أن منافسهم وصل إلى نهاية المطاف، سوف يكون الديمقراطيون محظوظين للغاية إذا استمر ترامب في ارتكاب الأخطاء خلال الفترة المقبلة“.
وختم تصريحاته، بالقول:: ”سيكون الأمر غريبا للغاية أن يحتفظ ترامب بشعبيته في خضم تلك الأحداث التي تشهدها الولايات المتحدة، ولا يمكن استبعاد انتخابه لولاية ثانية، ويصبح رئيسَ أمريكا مجددا في يناير 2021“.