مرة أخرى .. نحن سادة العالم ..!!* صالح الراشد
النشرة الدولية –
مرة أخرى ومرات متعددة سنظل نقولها ونكررها بصوت مرتفع، نحن سادة العالم ونحن صُناع الحضارة، قلتها في المرة الأولى حين جاب وباء كورونا العالم ومر بالأردن مرور الكرام، دون إحداث أضرار في الأرواح والإقتصاد كتلك التي خلفها في عديد دول العالم، ليصبح الأردن مضرب المثل في حماية شعبه من أي خطر يتهدده، ثم جاء التصريح الصهيوني بضم الغور ليكون الرد الملكي أعنف من أي تصريح آخر، فنحن لسنا ضعفاء ولن نرضى بالضيم مهما كانت النتائج.
ثالثة الأمور جعلتني أستعيد ذاكرتي حين طاف الخريف الدموي في العديد من دول الوطن العربي، ولا زالت إرتداداته تقض مضاجع الأهل في ليبيا وسوريا واليمن، فيما لا زالت بعض الدول تبحث عن الإستقرار في الحكم بسبب ما خلفه من شروخ قاتلة في تلك الدول، وكما الكورونا مر الخريف العربي الدموي في الأردن كربيع مزهر، أزهر العديد من القوانين التي جاءت لمصلحة الشعب وقلصت من سطوة الدولة، وزادت من مساحة الحريات.
فنحن في الأردن لسنا الدولة الأٌقوى إقتصادياً في العالم ولا عسكرياً ولا سياسياً، لكننا الدولة الأقوى في مجال حقوق الإنسان والإنسانية وإحترام مبادئها وصيانتها، فالولايات المتحدة التي تعتبر نفسها سيدة الحرية والديموقراطية أهانت شعبها وعذبت الرجال والنساء في الشوارع بسبب مطالبتهم فقط بمحاربة العنصرية، لم يطالبوا بقلب نظام الحكم أو تغير الدستور أو تقليص صلاحيات الرئيس فقط طالبوا بالمساواة، فكان الرد الأعنف الذي تشاهده البشرية من قتل وتعذيب وإعتداء على حريات.
وهنا أسرح بخيالي وأعود إلى ربيع وطني حين كان رجال الأمن العام، يحملون المياة والعصائر ويوزعونها على المتظاهرين والمعتصمين المطالبين بالاصلاح ومحاربة الفاسدين، وارتفع صوت الشعب وذكر أسماء عديدة كان البعض يعتقد أنها فوق القانون، ورغم ذلك إستمرت المياة والعصائر وحماية المتظاهرين والمعتصمين، ليضرب الشعب الأردني بكافة أطيافة مثالاً عالمياً في الإنسانية لتحقيق مبدأ المعارضة والمطالبة بالأفضل، كون الجميع يرفع شعار “نعشق الأردن ونختلف في طريق الحب”.
لذا فقد كان الفارق واضحاً بين القوات الأمريكية التي داست على رقاب المتظاهرين ومارست معهم أعلى درجات العنف وبين الأمن الاردني، فرجال الأمن في الأردن يخلعون جاكيتهم لتدفئة سيدة عجوز، فيما يقوم ذلك العسكري الشهم على أعتاب المسجد بمساعدة رجل كهل في إرتداء حذائه، نعم إرتداء حذائة وهذه أمور لا نشاهدها في التعامل الأمريكي مع خريف العنصرية، كما لا نشاهده في الدول التي إمتدت إليها الإضطرابات من استراليا إلى بريطانيا.
إن الثقافة الأردنية قائمة على الخوف على كل ما هو أردني وإنساني، لذا يكون الإنسان دوماً في مقدمة حسابات الدولة ورجالها، لذا فنحن سادة العالم لأن الدماء الأردنية عزيزة ولن تسيل بيد الأجهزة الأمنية التي تدرك أن دورها حقن هذه الدماء وصاينتها، ثم يأتي من يقول بأننا نريد أن نحقق في حقوق الإنسان في الأردن، وحقاً هذا العار بعين، إذ عليهم أن يقولوا نحن نأتي لنتعلم كيف تحافظون على أبناء وطنكم أعزاء مصانوا الكرامة، وكيف أن الشعب والأجهزة الأمنية في خندق الملك لصيانة وحماية سيدة الدول التي ستبقى ترفع رأسها بين دول العالم كمنارة للإنسانية.