رساميل الصرافين اللبنانيين بالمليارات.. ماذا عن تجار الشنطة؟
بقلم: عزة الحاج حسن
النشرة الدولية –
المدن –
يحاول مصرف لبنان فرض معيار جديد على مؤسسات الصرافة لتعزيز ملاءتها، من خلال قرار يقضي برفع رساميل الصرافين أضعاف ما كانت عليه سابقاً. تحفظت نقابة الصرافين على هذا القرار لأسباب ترتبط بعدم وضوح آلية إيداع الرساميل لدى مصرف لبنان واسترجاعها.
إجراء مصرف لبنان وإن كان هادفاً ومحقاً لجهة تعزيز ملاءة مؤسسات الصرافة، غير أنه قد لا يأتي بمفاعيل تُذكر على صعيد تنظيم والتزام كافة المؤسسات. ناهيك أنه لا يُلزم بالطبع الصرافين غير المرخّصين وأولئك المتاجرين بالعملة عن طريق التوصيل المباشر أو “الديليفري” وتجار الشنطة وسواهم. فتجارة العملة لم تعد حكراً على الصرافين المرخّصين. كما أن مؤسسات تحويل الأموال (OMT،Western Union…) مصرّح لها، وبقرار من مصرف لبنان ممارسة أعمال الصرافة، فماذا عنها؟ هل لقرار مصرف لبنان زيادة رساميل الصرافين تأثير على حجم قطاع الصرافة أو على السوق السوداء؟ وهل يرتبط بشكل أو بآخر بإعادة هيكلة القطاع؟… أسئلة كثيرة تدور حول ممارسات وأوضاع الصرافين، لا إجابات لها في قرار المركزي.
رفع الرساميل
أصدر مصرف لبنان قراراً وسيطاً رقمه 13433 قضى بتعديل رأسمال مؤسسات الصرافة ورفعه من 750 مليون ليرة بالحد الأدنى إلى 10 مليارات ليرة للفئة (أ) ومن 500 مليون ليرة إلى 5 مليارات ليرة للفئة “ب”، على أن تُمنح مؤسسات الصرافة المنشأة قبل صدور هذا القرار مهلة حدها الأقصى سنة من تاريخ صدوره لتسوية أوضاعها واستكمال إجراءات زيادة رأس المال، وذلك تحت طائلة شطب اسمها من لائحة مؤسسات الصرافة واعتبار الترخيص الممنوح لها ملغى حكماً.
مهلة السنة الممنوحة للصرافين كانت قبل تعديل القرار شهرين فقط، وقد تم تمديدها بعد رفضها من قبل نقابة الصرافين، الذين رأوا في المهلة القصيرة غبناً بحقهم، حسب حديث نقيب الصرافين أنطوان مارون لـ”المدن”. أما لجهة الرساميل المطلوبة أي الـ10 مليارات و5 مليارات فإنها متوفرة لدى غالبية الصرافين وإن كان البعض سيواجه مشكلة في تأمينها.
لكن حسب مصدر من الصرافين فإنه من غير المتوقع أن يغلق أي منهم أبواب مؤسسته حتى وإن عجز عن تأمين الرساميل الجديدة. فقطاع الصرافة بات مفتوحاً على مصرعيه للمرخصين وغير المرخّصين، مع وجود نحو 600 صراف مرخصين منهم 330 منتسبين للنقابة، أما صرافو الفئة (أ) فلا يزيد عددهم عن 40 صرافاً وشاحنو الأموال نحو 7 فقط.
غياب الآلية واعتراض الصرافين
قرار مصرف لبنان ميّسر للغالبية الساحقة من الصرافين المرخصين. فالـ5 مليارات ليرة لا تتجاوز قيمتها الفعلية اليوم 178 ألف دولار، وهو مبلغ متوافر مع معظم الصرافين، باستثناء قلة منهم لا يتمتّعون بالملاءة العالية، وبالتالي سيعجزون عن الالتزام بقرار مصرف لبنان، ما سيعرّض مؤسساتهم إلى خطر شطب اسمها من لائحة مؤسسات الصرافة.
حتى عقدة تأمين السيولة لن يقف عندها بعض صغار الصرافين، إذ أكد أحدهم في حديث لـ”المدن” أنه لن يتردّد بتأمين المبلغ المطلوب لتطبيق القرار من أحد أصدقائه على أن يعيده بعد أيام، ذلك تماشياً مع أصول إيداع الرساميل لدى مصرف لبنان، بحيث يعمد الأخير إلى إعادة الرساميل التي تودعها مؤسسات الصرافة بعد 10 أيام أو أسبوعين بالحد الاقصى.
لكن يبقى السؤال: كيف ستتم عملية الإيداع؟ هل بموجب شيكات مصرفية أم نقداً؟ وكيف سيتم استرجاع الرساميل في حال تراجعت قيمتها خلال أيام بالمقارنة مع سعر صرف الدولار الأميركي؟
غياب آلية إيداع الرساميل وكيفية استرجاعها هو ما أثار حفيظة نقابة الصرافين، وحسب مارون فإن محامي النقابة يجري مفاوضات ونقاشات مع مصرف لبنان لتحديد آلية الإيداع والاسترجاع والمدة الزمنية التي على أساسها ستودع الأموال في مصرف لبنان، وفي حال تغيّر سعر صرف الدولار ماذا سيكون مصير الرساميل التي سيتم إيداعها؟ ويقول مارون إن الإجابة على هذا السؤال أساسية بالنسبة إلى التزام الصرافين.
لا جدوى للقرار
أما عن جدوى قرار زيادة الرساميل وتأثيره على قطاع الصرافة والسوق فببساطة: “لا جدوى له”. ولا شك في أن مسألة رفع الرساميل تستهدف تعزيز الملاءة وتنقية قطاع الصيرفة. لكن هل تقتصر حركة الصيرفة في البلد اليوم على الصرافين المرخّصين؟ الجواب لا، على ما يقول الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان في حديث إلى “المدن”، والتداول في السوق الموازي بات مفتوحاً، من هنا بات قرار رفع الرساميل “شكلياً” فقط.
يستغرب أبو سليمان “قيمة الرساميل المطلوبة اليوم من الصرافين. فهي، وإن كانت قيمتها بالدولار متواضعة، غير أنها لا شك باتت تفوق رساميل الشركات المالية التي تمارس عمل المصارف، وهي لا يفوق رأسمالها عن 7.5 مليارات ليرة فقط”. ويفسّر أبو سليمان سبب رفع رساميل الصرافين إلى مستويات تفوق رساميل المؤسسات المالية بان “الصرافين يحقّقون في المرحلة الراهنة أرباحاً طائلة تحتّم على مصرف لبنان رفع ملاءتها. لكن في مطلق الأحوال هذا الإجراء لن يحد من أي تقلبات في السوق ولا من المضاربات، ولن يساهم بشكل ملحوظ في تنظيم سوق الصيرفة. وباختصار القرار لا قيمة له”.