جهاد أزعور: البنك الدولي خصص 100 مليار دولار لتصرف 90 دولة طلبت المساعدة
النشرة الدولية –
بدأت دول المنطقة والمغرب العربي استعداداتها للانتقال من المرحلة الأولى لانتشار فيروس كورونا وتفشيه، وما رافقه من إجراءات إغلاق تام، إلى مرحلة الانفتاح والتعافي، وسط مشاعر من القلق، فرضها التراجع الكبير في أسعار النفط.
و”يواكب صندوق النقد الدولي عن قرب المرحلة الانتقالية، استعداداً لإعلان تقديراته لنتائج المرحلة الأولى، وتوقعاته للمرحلة المقبلة، وذلك خلال مهلة أسبوعين على أبعد تقدير”، كما يقول رئيس دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور في حديث لـ”اندبندنت عربية”، معتبراً أن “الأزمة طالت أكثر من التوقعات، ما يؤشر إلى أن التراجعات الاقتصادية ستكون أكبر على دول المنطقة بشكل عام، بصرف النظر عن اختلاف الأوضاع بين الدول المصدرة للنفط أو تلك المستوردة له، إلا أن المنحى العام سيكون تراجعياً”.
وقبل الولوج في الحديث عن توقعات الصندوق حيال المرحلة المقبلة، وفي رد على السؤال حول إذا ما كانت المنطقة قد بدأت فعلاً بالتعافي من الجائحة، أجاب أزعور منوهاً بالتعاطي المسؤول لدول المنطقة الذي قلّص من تداعياتها. وقول إن دول المنطقة اعتمدت سياسات صارمة ومعايير عالية جداً لمواجهة الوباء، وكانت الأفضل على المستوى العالمي، بصرف النظر عن مستوى التحضير أو اللوجستيات المتوافرة للحماية والمواجهة، أو مستوى الدخل أو القدرات المؤسساتية. وهذا أدى إلى نسب منخفضة من التفشي والوفيات، في عدد كبير منها باستثناء إيران.
الانفتاح في ظل تدهور النفط
ويلاحظ أزعور أن دول المنطقة بدأت منذ حوالى ثلاثة أسابيع عملية إعادة فتح مُنظمة، بعدما ظهر أن لا حالات مرتفعة في الإصابات. لكن ما يقلقه أن الفيروس ترافق مع انخفاض حاد جداً وغير مسبوق لسعر النفط، إذ لامس مستويات لم نرها منذ عام 1973، الأمر الذي شكل صدمة قوية على الدول المصدرة أو المستوردة، على الرغم من أن الكلفة على هذه الأخيرة هي أقل. فدول الخليج تشكل أعلى مصدر للتحويلات الخارجية للمغتربين، فيما دول المغرب العربي تتأثر في المقابل بالتراجع الاقتصادي الأوروبي، وهذا يشكل بدوره عنصراً مهماً في تراجع التحويلات لهذه الدول.
ويقدر حجم التراجع في عائدات الدول المصدرة للنفط بحوالى 270 مليار دولار نتيجة تراجع سعره، واتفاق “أوبك” القاضي بخفض كميات الإنتاج.
“نخرج من صدمة كبيرة” يقول أزعور، تضاعفت بسبب النفط، وتعمقت بسبب الإقفال، ويصفها بأنها من أكبر الأزمات التي شهدتها المنطقة والعالم. لكنه يرى أن الفتح التدريجي الذي بدأ منذ أسابيع، يسجل بعض التحسن في الأسواق المالية، بيد أن الهوامش على سندات مصر والأردن وتونس ودول الخليج مثلاً تحسنت، وعادت لتصدر إلى الأسواق العالمية.
النفط يستمر متراجعاً
ماذا عن توقعات الصندوق بالنسبة إلى النفط، يجيب جهاد، “مع خروجنا من الأزمة سنخرج بسعر منخفض وأوضاع مالية عامة أضعف بسبب الإجراءات المتخذة. وتوقعاتنا التي على أساسها تقوم الفرضيات، تقول إن المستويات ستكون ما بين 40 و50 دولاراً للبرميل. وأسعار كهذه لا تساعد على انتعاش سريع. وقد يختلف الوضع بين دولة وأخرى. فالدول التي تملك احتياطات نفطية مثل الكويت والسعودية والإمارات يمكنها أن تتكيّف، أما تلك التي لا تملك احتياطات عالية مثل البحرين والعراق وعمان والجزائر، فيجب أن تكون حذرة في إدارتها لمرحلة ما بعد كورونا، لأن تراجع سعر الصرف لن يساعدها على استعادة تعافيها، وقد أثّر ذلك في ماليّتها العامة.
والمرحلة الانتقالية في رأيه بين الخروج من الأزمة والدخول في مرحلة الانتعاش، ستكون صعبة في ظل الضبابية التي تحوط التوقعات الاقتصادية العالمية. وهذا الأمر سيشكل تحدياً صعباً لدول المنطقة. فبعد المرحلة الأولى التي كانت إدارتها جيدة مقارنة مع الدول الأخرى، كانت الكلفة مرتفعة، وأبرزت نقاط الضعف. اليوم نبحث عن التوازن للخروج من الإقفال مع الحفاظ على مستوى جيد من إجراءات الحماية لمنع تفشي الوباء مجدداً وبين استعادة النمو والتعافي.
النمو يستمر سلبياً
وعن التوقعات المرتقبة للنمو، يوضح أن الصندوق بصدد مراجعة توقعاته الموضوعة في أبريل (نيسان) الماضي، والتي كانت بيّنت نمواً سلبياً واستمرار التراجع بنسبة تتراوح بين أربعة وخمسة في المئة، مشيراً إلى أن المراجعة ستبيّن استمرار هذا التراجع.
4 أولويات للصندوق
ولكن هل قرار الفتح السريع لاستعادة التعافي أو أنه سابق لأوانه، ويمكن أن تكون له انعكاسات سلبية؟ يجيب أزعور أن الأولوية يجب أن تكون دائماً مرتكزة على الحفاظ على حياة المواطنين أياً تكن الكلفة. ونحن في الصندوق، طورنا آليات لمساعدة الدول في مواجهة الجائحة والتحضر للخروج منها. فخصصنا 100 مليار دولار في تصرف 90 دولة طلبت المساعدة. وتمكنا من تأمين التمويل لـ60 دولة منها. ورفعنا نسبة التمويل بـ70 في المئة زيادة على التمويل الأساسي، وهو ما يقدر بين 15 و20 مليار دولار إضافي مقارنة بالعام الماضي. وهذه المساعدة جاءت ضمن ما يُسمى بـ”التسهيلات الفورية”، وهي غير مرتبطة بشروط إصلاحية أو برامج، بل تنحصر فقط بالدعم لمواجهة كورونا. ويحدد رئيس دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي أربع أولويات لعمل الصندوق في المرحلة المقبلة، ويقول “كما واكبنا دول المنطقة والعالم في مواجهتها للجائحة، يستمر الصندوق في دعمه إضافة إلى زيادته بنسبة 70 في المئة، كما سبق وأشرت كخطوة أولى”.
أما الأولوية الثانية فتكمن في تقديم هبات إلى الدول غير القادرة على تأمين التمويل، مثل اليمن أو السودان، الذي يمر بمرحلة دقيقة جداً وهو في حاجة ماسة إلى الدعم للخروج من الأزمة وتحسين وضعه. كما سيعمد الصندوق إلى إعفاء من الديون كحال الصومال مثلاً، الذي شهد أكبر عملية إعفاء منذ عام 2005.
الأولوية الثالثة تكمن في دعم السياسات الاقتصادية، وبذل جهود أكبر مع الدول التي تعمل على إعادة إرساء الاستقرار السياسي وإطلاق اقتصادياتها بعد الأزمة. ونقوم في هذا الإطار، بإعداد الدراسات لهذه الدول لتحديد آليات المساعدة.
ويخلص أزعور إلى تحديد الأولوية الرابعة الكامنة في رفع مستوى التنسيق بين المؤسسات المالية العالمية والمؤسسات التنموية، لتأمين أعلى نسبة دعم نظراً لتكشف احتمالات تراجع اهتمام دول كبيرة بدعم الدول النامية والمحدودة الدخل، خصوصاً أن هناك دولاً تعاني من أعباء النزوح واللجوء وعدم الاستقرار الأمني مع ما يرتبه من انعكاسات على أوضاعها الاقتصادية والمالية والاجتماعية.
نقلاً عن “اندبندنت عربية”