خبراء الأمم المتحدة يطالبون المجتمع الدولي بمساءلة إسرائيل لضمها أجزاء من الضفة الغربية
أخبار الأمم المتحدة –
قال خبراء أمميون* إن إعلان الحكومة الإسرائيلية الجديدة بشأن ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة بعد 1 يوليو / تموز سينتهك مبدأ أساسيا في القانون الدولي ويتعين على المجتمع الدولي معارضته بشكل هادف.
وقد أصدر سبعة وأربعون من خبراء الأمم المتحدة المستقلين بيانا، اليوم الاثنين، شددوا فيه على أن ضم الأراضي المحتلة هو “انتهاك خطير” لميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف، ويتعارض مع القاعدة الأساسية التي أكدها مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، مرات عديدة، ومفادها بأن الاستيلاء على الأراضي عن طريق الحرب أو القوة “غير مقبول.”
وفقا للبيان، فقد حظر المجتمع الدولي الضم على وجه التحديد لأنه يحرض على الحروب والدمار الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي والانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان والمعاناة الإنسانية واسعة النطاق.
وأشار الخبراء الأمميون إلى أن خطط إسرائيل المعلنة للضم ستوسع السيادة على معظم غور الأردن، وجميع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية، والبالغ عددها أكثر من 235 مستوطنة. وهذا سيبلغ حوالي 30 في المائة من الضفة الغربية. وتم اعتماد ضم هذه الأراضي من قبل الخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط التي تم الإعلان عنها في أواخر كانون الثاني/يناير 2020.
الاحتلال يشكل مصدرا لانتهاكات بالغة لحقوق الإنسان
وقد ذكرت الأمم المتحدة في مناسبات عديدة أن الاحتلال الإسرائيلي البالغ من العمر 53 عاما هو مصدر انتهاكات بالغة لحقوق الإنسان ضد الشعب الفلسطيني. وتشمل هذه الانتهاكات “مصادرة الأراضي، وعنف المستوطنين، وقوانين التخطيط التمييزية، ومصادرة الموارد الطبيعية، وهدم المنازل، والنقل القسري للسكان، والاستخدام المفرط للقوة والتعذيب، واستغلال العمال، والانتهاكات الواسعة لحقوق الخصوصية، والقيود المفروضة على وسائل الإعلام وحرية التعبير، واستهداف الناشطات والصحفيات، واحتجاز الأطفال، والتسمم بالتعرض للنفايات السامة، والإخلاء القسري والتشريد، والحرمان الاقتصادي والفقر المدقع، والاحتجاز التعسفي، وانعدام حرية الحركة، وانعدام الأمن الغذائي، وإنفاذ القانون التمييزي، وفرض نظام من مستويين من الحقوق السياسية والقانونية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية المتباينة على أساس العرق والجنسية.”
وقال خبراء الأمم المتحدة إن المدافعين عن حقوق الإنسان من الفلسطينيين والإسرائيليين ، ممن يلفتون الانتباه، بطريقة سلمية، إلى هذه الانتهاكات، يتعرضون للتشهير أو التجريم أو تصنيفهم على أنهم إرهابيون. وفوق كل شيء، يعني الاحتلال الإسرائيلي حرمان الفلسطينيين من حق تقرير المصير.
“رؤية للفصل العنصري في القرن الحادي والعشرين”
وحذر الخبراء من ازدياد كثافة هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان بعد ضم هذه الأراضي. وما سيتبقى من الضفة الغربية سيكون، وفقا للبيان، عبارة عن بانتوستان فلسطيني، أي “جزر من أرض غير متصلة محاطة بالكامل بإسرائيل وبدون اتصال إقليمي بالعالم الخارجي”. وقد وعدت إسرائيل مؤخرا بأنها ستحافظ على السيطرة الأمنية الدائمة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن.
وسيبلور الضم واقعا غير عادل بالفعل: شعبان يعيشان في نفس المكان، تحكمهما نفس الدولة، ولكن مع حقوق غير متساوية إلى حد كبير. هذه رؤية للفصل العنصري في القرن الحادي والعشرين.
قبل ذلك مرتين، ضمت إسرائيل أراضٍ محتلة – القدس الشرقية عام 1980 ومرتفعات الجولان السورية عام 1981. وفي كلتا الحالتين، أدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على الفور الضم غير القانوني لكنه لم يتخذ إجراءات مضادة ذات مغزى لمعارضة الإجراءات الإسرائيلية، حسبما ذكر بيان الخبراء الأميين.
وبالمثل، انتقد مجلس الأمن مرارا المستوطنات الإسرائيلية باعتبارها انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي. ولكن تحدي إسرائيل لهذه القرارات وترسيخها المستمر للمستوطنات لم يجد ردا من المجتمع الدولي.
مسؤوليات سياسية وقانونية تقع على عاتق المجتمع الدولي
ودعا الخبراء إلى أن يكون الأمر مختلفا هذه المرة، إذ “يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليات قانونية وسياسية رسمية للدفاع عن نظام دولي قائم على القواعد، ومعارضة انتهاكات حقوق الإنسان والمبادئ الأساسية للقانون الدولي، وتنفيذ قراراته العديدة التي تنتقد سلوك إسرائيل لهذا الاحتلال المطول.”
على وجه الخصوص، أكد الخبراء الدول على ضرورة عدم الاعتراف أو مساعدة دولة أخرى في أي شكل من أشكال النشاط غير القانوني، مثل الضم أو إنشاء مستوطنات مدنية في الأراضي المحتلة. الدروس المستفادة من الماضي واضحة: النقد دون عواقب لن يحول دون الضم ولا ينهي الاحتلال.
كما شدد الخبراء على أن تصبح المساءلة وإنهاء الإفلات من العقاب أولوية فورية للمجتمع الدولي، داعين إلى اتخاذ تدابير المساءلة التي يتم اختيارها بما يتفق تماما مع القانون الدولي، وأن تكون متناسبة وفعالة، وتخضع لمراجعة منتظمة، ومتسقة مع قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني وقانون اللاجئين، ومصممة لإلغاء الضم وإنهاء الاحتلال والنزاع بشكل عادل ودائم. “الفلسطينيون والإسرائيليون لا يستحقون أقل من ذلك.”
وأعرب الخبراء الأمميون عن بالغ الأسف لدور الولايات المتحدة الأمريكية في دعم وتشجيع خطط إسرائيل غير القانونية لضم المزيد من الأراضي المحتلة، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة لعبت، في مناسبات عديدة على مدى 75 سنة الماضية، دورا هاما في النهوض بحقوق الإنسان العالمية.
“وبهذه المناسبة، ينبغي أن تعارض بشدة الانتهاك الوشيك لمبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي، بدلا من التحريض على انتهاكه.”
*يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهو جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم.
ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.