الروائي جبور الدويهي: وباء كورونا يغذي الخيال الأدبي

النشرة الدولية –

يرى الروائي اللبناني جبور الدويهي، أن فيروس كورونا المستجد سيفتح الباب أمام أفكار جديدة ويغذي الخيال الأدبي، تماما كما الحروب في التاريخ.

وإذ يقرّ بأن تعديلات قد تدخل على سلوك البشر جراءه، لكنه لا يرى أنه سيحدث انقلاب شامل في العالم بعد كورونا.

ويمضي الدويهي (71 عاما) الحائز على دكتوراه بالأدب المقارن من جامعة باريس الثالثة، فترة الحجر في بلدة إهدن المصيفية في شمال لبنان، التي توجه إليها ”قبل الأوان“ هذا العام، لمناخها اللطيف.

ويقول لوكالة ”فرانس برس“: ”أتهرب من الكتابة عن هذه المرحلة الآن“، مضيفا: ”أعتقد أن الكتابة الروائية تحتاج لبعض الوقت، فلا يمكن أن نكتب عن حدث لا يزال قائما“.

ويشبّه ذلك بتجربة الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، قائلا: ”لا أعتقد أن الحرب اللبنانية كتب عنها إلى حين بردت ووضعت في إطار صيرورة ما، وبات ممكنا توظيفها في الكتابة“.

ويتابع: ”طالما أن الحدث يتفاعل أمام أعيننا، صعب أن يأخذ مكانه ويتحول إلى مصدر وحي“.

لكن الوباء سيدخل بعد حين، في ”الخيال الأدبي“، ويتحوّل إلى مادة روائية و“منبع للكلام، سيصبح من يوميات الأدب“، وفق الدويهي.

ويقول: ”بالتأكيد ستدخل هذه الجائحة في المشهد الروائي العام، في خيال البشرية، كما دخلت الحروب، مثلما دخل الطاعون، ومختلف الجائحات التي ظهرت في العالم“.

ويضيف: ”تحدث كبار الكتاب عن تلك الجائحات واستخدموها كرمز، مثل يوجين إيونسكو (مسرحية ”وحيد القرن“ التي تروي قصة جائحة خيالية ينتقد الكاتب من خلالها الأنظمة السياسية)، وألبير كامو، (رواية ”الطاعون“ التي نشرت في عام 1947، وتدور أحداثها في مدينة وهران الجزائرية، وتشكل خلاصة فلسفة كامو حول العبث).

في المقابل، يرى الدويهي أن الوباء ”سيترك ندوبا وآثارا في العقل والفكر والخيال بشكل خاص“.

ويروي الدويهي أنه لم يكن ”متضايقا“ من الحجر الذي التزم به في إطار الإجراءات للوقاية من الفيروس التي فرضتها السلطات في لبنان، رغم أنه وجد صعوبة بداية في التأقلم والتركيز على القراءة والكتابة.

ويؤكد صاحب روايات ”حي الأميركان“ و“مطر حزيران“ (وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية المعروفة بجائزة بوكر العربية عام 2008 )، و“شريد المنازل“، أنه لا ينتظر تغييرات جذرية على مستويات السياسة والاجتماع والاقتصاد، بعد تراجع الوباء في العالم.

ويشكك في حصول تغيير شامل على مستوى سلوك البشر بعد الأزمة، قائلا: ”يحكى دائما أن ما بعد هذه الأزمة ليس كما قبلها، لكنني لست أكيدا أن سلوك البشر سيتغير بشكل استراتيجي“.

إنما ستنتج الأزمة، برأيه، ”تغييرات وتدخل أشياء جديدة إلى حياتنا، تماما كما الحروب، نتيجة لحاجتنا إليها“. ويضيف: ”لدي ميل إلى القول إن البشرية سوف تستوعب هذا الوباء، وتكمل… في تخريبها (للبيئة) بمكان ما، ولو أنني أتوقع حصول نزعة إيكولوجية“، إذ إن ”الاهتمام بالمجال البيئي سيقوى بعد هذه الجائحة“.

فبالنسبة إلى الدويهي، تشكل ”البيئة نقيضا لتفشي الفيروسات والأوبئة، تماما كما الطبيعة، وستبرز الحاجة إلى العودة للزراعة الصحيحة والبيولوجية“.

ومن التعديلات في السلوك، يتحدث الدويهي عن التحول اقتصاديا على مستوى الدول إلى ”الاكتفاء الذاتي والعودة إلى الاقتصاد الوطني“.

كما يمكن أن تتعزز فكرة ”التعليم عن بعد“… وقد يتأثر التواصل العالمي والعولمة.

لكن ”ستبقى هناك نزعة استهلاكية مفرطة“، و“يمكن للفردية أن تقوى في إطار الدفاع“ عن السلامة الجسدية، بحسب رأيه.

أما عن تأثير بعض التدابير التي اتخذت للحدّ من الوباء في المرحلة المقبلة، فيشبه الدويهي إقفال حدود الدول بـ ”عودة الناس إلى بيوتهم. نحن نعود إلى بيوتنا وكأنها هي المخبأ من الجائحة… كذلك فعلت الدول وحاولت أن تقفل على نفسها“.

ويقول إن ذلك ”ينبئ بانكفاء عن معايير حاول العالم إحياءها… مثل حرية الحركة… الآن يوجد فرملة لهذا الاختلاط، لكن من المبكر استخلاص كل الدروس من ذلك“ حول المستقبل.

ماذا عن العالم العربي؟، يشير الدويهي إلى أن تفشي الوباء في العالم العربي لم يكن بالقوة نفسها كما في أوروبا والولايات المتحدة، لكن رغم الجائحة ”لا نزال نواجه صراعاتنا العادية، وكأن شيئا لم يكن“.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى