أليكس صعب “واجهة” الرئيس الفنزويلي في قبضة العدالة
سوسن مهنا –
وصفت فنزويلا اعتقال “الوكيل الحكومي” لديها أليكس صعب المتهم بأنه واجهة للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو “بالتعسفي”، وأصدر وزير خارجيتها خورخي أريازا بياناً سلّط الضوء على مكانة رجل الأعمال “الفنزويلي” و”حصانته الدبلوماسية”، وقال إن الإنتربول احتجزه في “الرأس الأخضر” (Cape Verde) من دون وجود نشرة حمراء.
ونقلت صحيفة “سيمانا” الكولومبية عن بيان وزير الخارجية أنه بالنسبة إلى حكومة مادورو، فإن “اعتقال رجل الأعمال أليكس نعيم صعب، من مدينة بارانكيلا” Barranquilla (إحدى أهم المدن الكولومبية)، “تقع ضمن اعتداءات الولايات المتحدة والتي تعطل بطريقة مفاجئة المساعي الحثيثة للحكومة البوليفارية، التي تهدف إلى تأمين حقوق أساسية للشعب الفنزويلي في الغذاء والصحة وغيرهما”. كما أكد البيان أن صعب “فنزويلي” وكان يتنقل بصفته وكيلاً حكومياً.
وكان ألقي القبض على صعب، المعروف بعلاقته الوطيدة مع مادورو، يوم الجمعة 12 يونيو (حزيران) الحالي، في الرأس الأخضر بأفريقيا، عندما كان يقوم برحلة خاصة، وأكدت النبأ محاميته من أميركا الشمالية.
واجهة للنظام الفنزويلي
ولِد رجل الأعمال أليكس نعيم صعب في 21 ديسمبر (كانون الأول) 1971، في مدينة بارانكيلا الكولومبية، وهو متورط في ما رشح عن تسريبات أوراق بنما، وورد اسمه في التحقيقات الصحافية لقيامه بأعمال بقيمة 135 مليون دولار أميركي مع الحكومة الفنزويلية. بدأ أليكس صعب أو علي حسن صعب، أو “رشيد” كما يحلو للبعض مناداته، مشواره مع “حزب الله” منذ عام 1996، حين نفذ أول عملية مراقبة داخل لبنان لصالح “الحزب” في منطقة “يارون” الجنوبية، ودخل في عام 1999 مرحلة التدريب على أنواعٍ متعددة من الأسلحة النارية، وفق ما أوردت وزارة العدل الأميركية.
انتقل صعب عام 2000، وكان حينها في الـ 42 من عمره، إلى عضوية وحدة “الحزب” المسؤولة عن العمليات الخارجية، ثم تلقى تدريباً مكثفاً في مجال الأسلحة والتكتيكات العسكرية، بما في ذلك كيفية صنع القنابل وغيرها من الأجهزة المتفجرة. وفي العام ذاته دخل صعب إلى الولايات المتحدة بصورة قانونية مستخدماً جواز سفر لبنانياً، قبل أن يتقدم في عام 2005، بطلب للحصول على الجنسية الأميركية، حيث حصل عليها عام 2008. بين عامي 2004 و2005، حضر صعب تدريباً على المتفجرات في لبنان تلقى خلاله تعليماً مفصلاً في مجالات منها آليات التفجير والمواد المتفجرة.
وعلى الرغم من انتقال صعب للعيش في أميركا فإنه ظل عضواً في منظمة الأمن الخارجي “910” التابعة لـ”حزب الله”، وعمل على مراقبة عشرات المواقع في مدينة نيويورك بما في ذلك مقر الأمم المتحدة، وتمثال الحرية، ومركز روكفلر، وتايمز سكوير، والمطارات المحلية، والأنفاق، والجسور. وقدم تفاصيل معلومات عن هذه المواقع، بما في ذلك صوراً فوتوغرافية إلى “الحزب” المصنف أميركياً على لائحة الإرهاب. وكانت الحكومة الكولومبية أصدرت مذكرة توقيف بحقه في عام 2018. كما حققت دول عدة معه بتهم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وغيرها. وتعتبر السلطات الأميركية صعب أحد رموز حكومة مادورو، ويواجه اتهامات لا تزال عالقة في محكمة مانهاتن في الولايات المتحدة. وكان اسمه ظهر على “قائمة كلينتون” كمتهم بغسيل الأموال. وارتبط اسمه ونظام مادورو، بالنشاط التجاري والإختلاس والاحتيال مع ما يسمى “كلاب”Clap أي (لجنة الإمداد والإنتاج المحلية)، وهي صناديق طعام يقدمها النظام إلى المواطنين الفنزويليين.
الـ “Dijin” الكولومبي
في 17 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2018، نشرت صحيفة “إيل تييمبو”El Tiempo الكولومبية تحقيقاً بعنوان “الولايات المتحدة وإسرائيل، تكتشفان الروابط القائمة ما بين رجل مادورو الأول وحزب الله”، وأن هذا “الرجل الأول” هو أليكس صعب. ويكشف التحقيق حينها عن علاقة صعب بمادورو. وكانت تحقيقات مكتب المدعي العام التي امتدت لسنتين، و”الديجين”Dijin (قسم التحقيقات الجرمية في الشرطة الوطنية الكولومبية)، كشفت عن شركة “شاتكس” Shatex للنسيج، التي نفذت عمليات تصدير مزيفة بين عامي 2011 و 2014، إبان بدء صعب تفعيل أعماله مع النظام الفنزويلي، إضافة إلى بناء المنازل. وبحسب التحقيقات، كانت التجارة وهمية، إذ قام صعب بعمليات نقل كبيرة لأموال بين عامي 2011 و2014 بين كندا وبريطانيا والولايات المتحدة وفنزويلا. ومع أن تجارته في بوغوتا العاصمة الكولومبية كانت مزدهرة إلا أنه أقفلها نهائياً عام 2016. ويخلص التقرير إلى دعم صعب المحتمل لـ”حزب الله”، الأمر الذي يُعتبر تهديداً كبيراً لواشنطن.
علاقة صعب بالفساد الفنزويلي
ويبدو أن مكتب المدعي العام الكولومبي كان في صلب تحقيق حول عمليات غسيل أموال، ولكن التعمق في التحقيقات أدى إلى ملاحقة صعب بوصفه أحد المستفيدين من الاستيراد غير القانوني للأغذية بتكلفة إضافية للبرنامج الحكومي الفنزويلي للجنة الإمداد والإنتاج المحلي. وكشفت التحقيقات أن صعب باع ما قيمته 200 مليون دولار أميركي من المواد الغذائية لفنزويلا، عقب مفاوضات وصفقة حملت توقيع مادورو وبكلفة إضافية. ويُعتبر صعب واحداً من أقوى رجال الظل في فنزويلا لذا يُمنع نشر أي معلومات عنه تبيّن أن علاقة تربطه بـ”حزب الله”.
وعندما كانت المدعية العامة الكولومبية لويزا أورتيغا، تحقق في قضايا فساد مرتبطة بالنظام الفنزويلي في أغسطس (آب) 2018، ظهر اسم صعب بشكل غير متوقع، كشريك محتمل للرئيس الفنزويلي في عملية استيراد للمواد الغذائية من العاصمة البرازيلية برازيليا. وتتبعت السلطات الأميركية والإسرائيلية، حركة الأموال المرتبطة به، والتي غادرت البنك المركزي الفنزويلي، بعد مرورها بـ”جنّات الضرائب الآمنة” في بنما، لتتوقف في آسيا.
تمدد أعمال صعب والتهرب الضريبي
في 21 أكتوبر 2018 ظهر في عدد من وسائل الإعلام اللاتينية، خبر مفاده “بأن مكتب المدعي العام المكسيكي صادر شحنة ضخمة من البقالة بقيمة 61 مليون دولار، موزعة في 1300 حاوية بحرية. وفي المجمل كان هناك مليون و800 ألف صندوق تحت اسم “كلاب” Clap، أي لجنة الإمداد التابعة لفنزويلا، يحتوي كل منها على الحليب والسكر والمعكرونة والدقيق والفاصوليا والزيت والتونة المعلبة. وتمت العملية حينها بفضل تعاون وكالات استخباراتية عدة كانت تعمل منذ أشهر لكشف قضية غامضة مرتبطة بشبكة دولية تتدفق من خلالها مئات ملايين الدولارات. وظهر على الأثر اسمان بارزان، أحدهما شهير والآخر غير معروف، وهما مادورو وشريكه الكولومبي أليكس نعيم صعب”.
كما تحدثت الصحف الكولومبية عن افتتاح شركة كانت تعمل كـ”خيط مشترك” لجميع أعمال صعب في هونغ كونغ، وكانت مرتبطة بأقرب المقربين منه، الذين يوافقون على تحويل الأموال إلى بنما، بالتالي التهرب ضريبياً من خلال شركات أخرى يبدو أنها “شركات شبح”. وفي هذا الصدد، سعت المدعية العامة الكولومبية إلى تحديد مصدر الأموال وما إذا كانت مرت عبر النظام المالي للولايات المتحدة، لكن محامي صعب أصروا على أنها أموال قانونية، وهي نتاج عمل تجاري مع الحكومة الفنزويلية، إلا أن المدعية اعتبرت أنها “جزء من ثروة مادورو السرية”.
علاقة صعب بالنظام السوري
في عام 2007 عُقد اجتماع في العاصمة السورية دمشق، حضره مادورو الذي كان حينها وزيراً للخارجية والأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله، تم خلاله توقيع اتفاق شمل الاتجار بالمخدرات وغسل الأموال وإمدادات الأسلحة وتسليم جوازات سفر، وكذلك نشر الخلايا لـ “الحزب” في فنزويلا، هذا ما جاء ضمن شهادة رافائيل عيسى، نائب وزير المال الفنزويلي ورئيس بنك التنمية الاقتصادية والاجتماعية (Bandes)، الذي كان حاضراً في الاجتماع.
وجاءت هذه الاعترافات ضمن كتاب “عمليات الاحتيال التي أدت إلى انهيار فنزويلا”، للكاتب إميلي جي بلاسكو مدير مركز الشؤون العالمية في جامعة “نافارا” الإسبانية. وورد في الكتاب أن لصعب علاقة بما اتُفق عليه في ذلك الاجتماع، وشارك في العمليات الاقتصادية الرئيسة للنظام الفنزويلي، من تأمين الغذاء للعائلات المتواضعة إلى تجارة الوقود مع إيران.
وكما تذكر صحيفة “إيل تييمبو” الكولومبية، أن فنزويلا تعاونت مع “حزب الله” في قضية غازي نصر الدين (اسمه الحركي في “الحزب” “أبو علي”)، الملاحق من قبل وزارة الخزانة الأميركية منذ عام 2008، وكان مطلوباً من الإنتربول، وشغل منصب القائم بأعمال سفارة فنزويلا في دمشق، وجرت تسميته لاحقاً مديراً للشؤون السياسية في السفارة الفنزويلية في لبنان، ومن ثم ظهر في البرازيل حيث أعلنت مصادر لمجلة “فيغا” البرازيلية في عام 2015 أن “نصر الدين يملك شبكة لتصنيع وتوزيع جوازات السفر الفنزويلية الأصلية التي جرى تأمينها لإخفاء الهويات الحقيقية للإرهابيين”، وأظهرت تلك التحقيقات اسم وزير النفط الفنزويلي طارق العيسمي.
نقلا عن اندبندت عربية