الأردن في المواجهة فأين الفلسطينيون ؟
بقلم: فايز الفايز
في الأخبار الإسرائيلية معلومات تقول بأن الملك عبدالله الثاني رفض قبول مكالمة هاتفية من بنيامين نتنياهو لمناقشة قرار الضم، وهذا ليس بغريب، فحتى شريك نتيناهو بالحكومة بيني غانتس حاول إجراء إتصالات مباشرة مع جلالته عن طريق وسطاء روس دون جدوى، فجلالة الملك بات متأكدا أنه لم يعد هناك مجال للمناورات السياسية التي يحترف نتنياهو لعبها بغية التسويف، وهو في إندفاعه هذا لم يعد شريكا موثوقاً في عملية السلام، وجلالته يدرك جيدا أن أي تنازل عن خطة السلام العربية ستكون نتائجه كارثية على جميع الأطراف،وهذا ما لا يهتم له اليمين الإسرائيلي الذي يدفع لكسب الفرصة قبل الإنتخابات الأميركية.
الملك كان واضحا للمرة الألف في حديثه مع مشرعين وأعضاء اللجان في الكونغرس الأميركي أمس الأول، عبر الفيديوكونفرنس، من أن أي إجراء للضم المنوي تسريعه سيشعل الأزمة في الشرق الأوسط وسيهدد إستقرار المنطقة، ولعل هذا التصريح سيكون التحذير الأخير قبل أن تهوي عربة الحكومة الإسرائيلية الى جحيم إنتفاضة ثالثة وإعادة إنتاج كتائب شهداء الأقصى مرة جديدة في الضفة الغربية غير قوات حماس، وضياع أي أمل في تسوية عادلة للشعب الفلسطيني، الذي تتحمل إسرائيل جميع تبعاته القانونية والإنسانية.
من هنا يجب أن يأتي الدعم الكامل لموقف جلالة الملك للتصدي لكل المخططات والنوايا التي استفرد بها نتنياهو، ولهذا يجب على الجميع أن يقفوا صفا واحدا، من جميع أطياف المجتمع السياسي الأردني والفلسطيني،لإسناد موقف الملك الذي يقاتل وحيدا على الجبهة السياسية، وهو الوحيد الذي أوصل صوته بكل صراحة ووضوح الى جميع حلفاء إسرائيل، حتى أنه دخل قبل أمس الى بيوت المشرعين الأميركيين لإيقاظهم فيما يتعلق بخطورة الوضع.
هذه الروح الوثابة للسياسة الأردنية تعطي روحا معنوية للخطاب العربي والإسلامي أيضا، ولذلك نرى أن الموقف العربي السعودي أيضا بات واضحا برفض قرار الضم، ناهيك عن الإسناد الأردني لمواقف السلطة الفلسطينية التي باتت مهددة، كما الشارع الفلسطيني الذي بات يدرك من معه ومن ضده في هذا العالم المنشغل بنفسه، ولا ننسى الجهد الأردني الذي أيقظ الضمير الأوروبي في إعلانه رفض أي تسوية لا تراعي الحقوق الفلسطينية، كما أعلن خبراء منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن خطة إسرائيل للضم هي خرق للقانون الدولي، فماذا سيفعل الأردن أكثر من ذلك.
الأردن لن يكون فلسطين، وموقفه بقيادة جلالة الملك الأكثر وضوحا، وتصريحات وزير الخارجية ايمن الصفدي مع المبعوث الأممي للسلام نيكولا ملادينوف تضع العالم أمام مسؤولياته الأخلاقية، حيث حذر من أن أي قرار للضم سيقوض مبادىء السلام ويهدد الأمن والسلم الإقليمي، ويضع العلاقات الأردنية الإسرائيلية في مهب الريح العاصفة.
الملاحظة الأخيرة وفيها خشية من أن يضيع أهل الحق حقهم، نرى أن أهلنا الفلسطينيين باتوا يترقبون نتائج ما سيحدث ليقرروا ردة الفعل، وهذا ما لم تعتده الشعوب التي تقاتل للظفر بحقوقهم، فالتشظي سيكون كارثة عليهم، والتصريحات والتهديدات الكلامية لم يعد لها مكان مقابل الإجراءات المتسارعة من الجانب الإسرائيلي، ولذلك عليهم أن يخرجوا للشوارع منددين مسبقا بالنوايا الإسرائيلية مسبقا، وأن يكسبوا مواقف العديد من الأقطاب الإسرائيلية التي تعارض قرار الضم خشية إندلاع حرب داخلية.
لهذا على الفلسطينيين أيضا تقع المسؤولية الأكبر في التصدي لمخطط إلغاء وجودهم، فحتى اليوم لا زال قرارالدعم الأميركي مشوبا بالبرود، وأعضاء بارزون في «الإي باك» اليهودي يعارضون خطة نتنياهو ـ فريدمان لتسريع قرار ضم ثلث الأراضي الفلسطينية، فضلا عن قرار الإتحاد الأوروبي، أما إنتظار سقوط السقف على رؤوسهم ليستيقظوا فهذا قرار عاجز.