الإستشارات النيابية الملزمة… تقاطُع مصالح يعزّز حظوظ ميقاتي
بقلم: غادة حلاوي

التغيير الحقيقي سيكون من خلال انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية

النشرة الدولية –

نداء الوطن –

بقوة، خاض رئيس مجلس النواب نبيه بري معركة عودة نجيب ميقاتي رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة، متقاطعاً مع «حزب الله» على الخيار ذاته. قبل أيام حذر بري القوى السياسية الرئيسية أي «حزب الله» والاشتراكي من أن الإحباط الذي يطرق أبواب السنّة في لبنان سيجعلهم أقرب إلى وضع المسيحيين في المرحلة الماضية. رئيس حكومة سابق أقصي وآخر التزم منزله فلا شخصية ثانية وازنة إلا ميقاتي الذي له علاقات جيدة مع الخارج ومنفتح على الكل في الداخل. ومن وجهة نظر «حزب الله» فمجرد ترشيح نواف سلام يعني أن ميقاتي سيكون مرشحه البديهي لرئاسة الحكومة. طبيعي لثنائي خاض الانتخابات النيابية بكل ثقله، وأمّن فوز رئيس المجلس ونائبه أن يخوض معركة رئاسة الحكومة. المرشحون ليسوا كثراً والخيارات اقتصرت على ميقاتي. النائب عبد الرحمن البزري الذي أوحى بأنه سيكون مرشح السعودية لن يكون مرشح «حزب الله» بعدما افترقا في الانتخابات النيابية وانتقل البزري إلى المحور المعادي للثنائي.

والبزري كان أحد خيارات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وقبله كان أمين سلام وآخرون لكن خياره سيرسو على الأرجح على لا تسمية.

مرة جديدة لا يلتقي التيار الوطني الحر مع حليفه على تسمية رئيس الحكومة. يرفض باسيل إعادة تكليف ميقاتي إلا بما يتناسب وشروطه. يعتبر أن الحكومة المقبلة هي حكومة بصلاحيات رئيس الجمهورية وسيستمر عملها طويلاً لأن لا انتخابات رئاسية قريبة. بينما يعتبر «حزب الله» أن هذه الحكومة سقفها انتهاء ولاية رئيس الجمهورية جازماً ان انتخابات الرئاسة ستجرى في موعدها. تكليف ميقاتي إن حصل لا يعني تأليف حكومة حكماً. المفارقة هنا ان الجميع يتحدث عن تكليف من دون تأليف متوقعاً حرباً ضروساً بين عون وباسيل من جهة وميقاتي المكلف من جهة أخرى.

بتكليف ميقاتي المتفق عليه، إن حصل، تكون نتيجة الانتخابات النيابية كأنها لم تكن لأن الاكثرية لا تزال في مكان مختلف عن تطلعات قوى التغيير والقوى السيادية وغيرهما من التسميات. سقطت قوى التغيير في بؤرة خلافاتها وعجزت عن توحيد الصفوف والتلاقي مع غيرها من القوى، بينما كان النائب ميشال معوض يعلن عن تكتل نيابي يجمعه مع النائبين فؤاد مخزومي واللواء اشرف ريفي، ويرفض تسمية ميقاتي لاعتباره من المنظومة لكنه لم يسم أي شخصية أخرى.

وليس بعيداً عنه، أعلنت القوات وقوفها على الحياد أيضاً بعدم تبني أي تسمية لرئاسة الحكومة. مرة جديدة لم تترجم القوات فوزها النيابي في أي استحقاق حتى الساعة. بإعلان رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الالتزام بخيار اللاتسمية في رئاسة الحكومة تكون رئاسة الحكومة حسمت لصالح ميقاتي، ويكون ميقاتي عملياً تحرر من قبضة شروط رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لتشكيل الحكومة. من المرّات النادرة التي يلتقي فيها التيار الوطني مع القوات على خيار عدم التسمية. وقعت القوات في حيرة من أمرها. تسمية سلام قد لا تبلغ نهايتها المرجوة مرة جديدة، فيما ميقاتي لا يمثل طموحاتها التي تخرج بها للناس. يغمز البعض من قناة الوعد الذي سبق ومنحته القوات لميقاتي خلال الانتخابات النيابية بعدم دعم مرشح مسيحي لتأمين فوز مرشح القوات. بالورقة البيضاء أخذت القوات قراراً بتسهيل تكليف ميقاتي بتشكيل الحكومة وبذلك تكون سحبت ورقة قوة المفاوضات من باسيل خصوصاً بعدما حسمها نبيل بدر بأن اصوات 13 نائباً سنياً ستكون لميقاتي.

أما الاشتراكي فأظهر موقف رئيسه علانية برفضه ميقاتي لغياب علاقة الود بين الرجلين منذ مدة طويلة. بالمقابل يواجه جنبلاط اعتراض نجله تيمور على استمرار السياسة ذاتها تجاه المنظومة السياسية. منذ الانتخابات النيابية اعترض تيمور على استمرار وجوه قديمة في الاشتراكي وفشل مسعاه مع والده لقيادة حملة تغيير شاملة. جائزة الترضية كانت بدعم مرشحي التغيير مارك ضو وفراس حمدان اللذين لم يغرّدا خارج سرب المختارة. قرار تسمية السفير نواف سلام لم يكن تعليمة سعودية أو غير سعودية وانما كان تعبيراً عن رفض ميقاتي. هذه المرة لم يركن جنبلاط لرأي حليفه بري وكان صوت تيمور الأقوى وقعاً لاعتباره أن الوقت قد حان لخيارات جديدة. حتى ان بعض النواب اعتبر ان الحزب بانتخاب بري يكون قد أدى قسطه للعلى وسدد الدين المترتب عليه نهائياً.

استقبالات السفير السعودي وزياراته توحي كأن بلاده تدير عملية رئاسة الحكومة عن قرب، لكنه وكما في الانتخابات النيابية لا تظهر نتائج مباشرة لحراكه على أرض الواقع. لا تؤيد السعودية عودة ميقاتي بدليل استقبالات سفيرها لكنها بالمقابل لم تتبنّ ترشيح بديل عنه. وكيف لها ان تدخل معركة حكومة عمرها يقتصر على أشهر بينما التغيير الحقيقي من وجهة نظرها سيكون من خلال انتخاب رئيس الجمهورية وهنا لبّ الموضوع.

Back to top button