تأهيل مليون امرأة…. هدف سامٍ ومهمة شاقة* سيليا حماده
النشرة الدولية –
ونحن ننظر الى ما حولنا من حروب ومآسي وخراب، بحزن أو أسى أو غضب او امتعاض وإحباط ، لا بد ان نبحث عن مساحات البياض. وكأن العالم كان ينقصه جائحة كورنا ليفقد توازنه النفسي فيسجل ازديادا ملحوظا في حالات العنف المنزلي، اضافة الى فقدان توازنه الاقتصادي. وتبقى النساء للاسف الحلقة الأضعف في تلقي الصفعة تلو الصفعة من جراء ما خلفته وتخلفه الحروب والنزاعات المسلحة من آثار صحية ونفسية واقتصادية عليهن وعلى أسرهن، اضافة الى الضغط النفسي بسبب الموروثات التقليدية التي تمنعهن من الشكوى أو التذمر حين يظلمن او تستباح اجسادهن.
كنت ولا زلت من خلال مقالاتي ومن سنوات طويلة، أطالب بصوت أقوى للنساء، وكذلك بتمثيل متساوي في البرلمانات والحكومات لتكون الحياة السياسية اكثر شفافية وتوازنا. وكذلك منحت المرأة القوة والثقة وحرية التعبيرعن نفسها من خلال قصائدي او على الأقل كان هذا انطباع من قرأ كتبي، لذلك كان من الطبيعي أن يسترعي انتباهي ويستدعي إعجابي.
مشروع الشيخة الفاضلة انتصار سالم العلي الصباح رئيسة مؤسسة انتصار الخيرية، والذي يهدف لتأهيل مليون امرأة عربية لكي تكنّ أدوات سلام في مجتمعاتنا. ويا له من هدف سام ويا لها من مهمة شاقة.
من خلال مقال قراته مؤخراً على موقع النشرة الدولية بعنوان “مساعدة النساء على اكتشاف مكامن القوة لديهن” تبين لي ان الشيخة انتصار ومن خلال المؤسسة التي تحمل اسمها تعمل على تعزيز الصحة النفسية للنساء اللواتي عانين من اثار الحروب واللجوء وكذلك العنف المنزلي، خاصة في العالم العربي، من خلال تقنية العلاج بالدراما – وهي تقنية مثيرة للاهتمام ومعتمدة عالمياً في عدة مجالات – بتخطيها حواجز العلاج النفسي التقليدي ونظرة المجتمعات المريبة اليه، وذلك بتدريب النساء على كسر حاجز الخوف والتعبير عن الغضب المكبوت من خلال تمثيل ادوار مسرحية في محيط التدريب تعتمد على قصصهن وقصص مشابهة مع إمكانية الارتجال للتعامل مع معاناتهن، اضافة الى اضفاء السعادة والراحة الى نفوسهن من خلال الرسم والفنون المتنوعة.
وقد اثار المقال في النشرة الدولية فضولي لقراءة المزيد حول أعمال مؤسسة انتصار التي ساعدت وتساعد أعداد كبيرة من النساء الأردنيات والفلسطينيات والسوريات من خلال مراكزها العديدة في العالم العربي. وتبين لي ان “مؤسسة انتصار” مسجلة في بريطانيا كما صرحت الشيخة انتصار في مقابلة قديمة، وذلك حفاظا على مستوى الاداء والرقابة بحسب المقاييس الدولية. والجدير بالذكر ايضا ان “دار لولوة للنشر”
هو ايضا من إنجازات الشيخة انتصار سالم العلي الصباح، وقد أسسته لتوعية النساء وتحقيق تمثيلهم الفعلي كنصف المجتمع. وقد أضاءت من خلاله أيضا على عدد من النساء الرائدات في العالم العربي بنشر كتاب يحمل عنوان “دائرة الحب” وغيرها من نشاطات.
وبناء على حديث الشيخة انتصار مع مجلة “فوغ” والذي نقل مقتطفات منه المقال المنشور على موقع ” النشرة الدولية” تبين لي ان “مؤسسة انتصار” تهدف، ومن خلال تقنية العلاج الدرامي والتدريب اللازم الى تاهيل مليون امرأة عربية خلال ثلاثين عاما، ومساعدتهن على استعادة وتعزيز الثقة بأنفسهن والتعامل مع معاناتهن الناتجة سواء عن الحروب والنزاعات المسلحة وما ترتب على ذلك ااحيانا من معاناة اللجوء، اضافة الى معاناة العنف الأسري الذي تصل نسبته الى 59% في العالم العربي بحسب التقرير، وهي نسبة مخيفة ولا شك ان جائحة كورونا والحجر المنزلي ساهمت في ازديادها ايضا.
في الختام لا بد ان اسجل إعجابي مجددا وتقديري للشيخة انتصار الصباح ومؤسستها الرائدة في هذا المجال وأهدافها السامية التي تضع اطر حل المشكلة من جذورها، وليس فقط تمكين المرأة بالطرق التقليدية والندوات وسواها، عن طريق تعزيز الصحة النفسية للنساء وثقتهم بأنفسهن من خلال تقنية متطورة وتدريبات فعلية طويلة ، لتصبحن منارات سلام في أسرهن ومحيطهن وبالتالي تساهمن في إعداد وتطوير مجتمعات متوازنة وأكثر سعادة، من خلال ادوارهن كأمهات ومربيات ورائدات يلعبن أدواراً مهمة في شتى المجالات، فيتحقق للعالم العربي فعلياً نصفه الفعّال ويتحقق السلام.
*ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المراة والمواطن
* شاعرة وكاتبة لبنانية