انطلاق الندوة الافتراضية بمناسبة اليوم العالمي للاجئين تحت عنوان “النساء والحرب والصحّة العقلية والسعي إلى السلام”

د. طارق الشيخ: مبادرة مؤسسة انتصار تتناغم مع تفويض الأمم المتحدة لحفظ السلام ومساعدة البلدان على اجتياز المسار الشائك

الشيخة انتصار سالم العلي: نهدف إلى نشر السلام في العالم العربي من خلال تمكين مليون امرأة عربية

د.سامر حدادين: ما تقومين به ابهار وليس فقط انتصار.. كثيرون لا يملكون الشجاعة للدخول في هذا المجال

محمد الناصري: المرأة لديها رؤية مختلفة لتغيير العالم إلى الأفضل.. مؤسسة انتصار تسعى لتغيير المستقبل

النشرة الدولية –

بمناسبة اليوم العالمي للاجئين نظّمت الأمم المتحدة في دولة الكويت بالتعاون مع مؤسسة “انتصار” ندوةً افتراضية عبر الإنترنت تحت شعار “النساء والحرب والصحّة العقلية والسعي إلى السلام”، وذلك في إطار مبادرة UN75Talk بغية تقديم العلاج الدرامي وشرح دوره – كأحد أكثر برامج الدعم النفسي تأثيراً – في مساعدة النساء في كافة أنحاء العالم العربي على الشفاء من صدمات الحرب واكتساب القوّة. وكانت الندوة مفتوحة أمام جميع المهتمّين من مختلف فئات المجتمع والقطاعات الخاصة ومنظمات الغير حكومية وجهات التنظيم الخيرية الّذين سجّلوا مشاركتهم من خلال منصّة عبر الإنترنت.

وشارك في الندوة بالتنسيق بين مكتب ممثّل الأمين العام للأمم المتحدة المنسّق المقيم لدى الكويت الدكتور طارق الشيخ ورئيسة مؤسسة انتصار الشيخة انتصار سالم العلي الصباح، روّاد العمل الإنساني في المنطقة العربية، ونخبة من الخبراء والمختصين، وأدارت الجلسة كارما إكمكجي، مستشارة شؤون المرأة والسلام والأمن ومؤسِّسة منصّة Diplowomen  وعضو شبكة النساء الوسيطات المتوسّطيات (MWMN).

عالم أكثر عدلاً

في البداية أعرب الممثل المقيم للأمم المتحدة بالكويت د. طارق الشيخ عن ترحيبه بتبني النهج الفريد والمبتكر لمؤسسة انتصار في إطار بعثة الأمم المتحدة لإحلال السلام في العالم العربي عبر دعم مختلف أساليب تحقيق السلام وحفظه، خاصّةً من حيث مساعدة النساء المتضرّرات من الحرب على تحسين وضعهنّ المعيشي من خلال إطلاق مبادرة #مليون_امرأة_عربية وهي خطّة تمتدّ لعشرين عاماً للتخفيف من صدمات الحرب لدى مليون امرأة عربية باستخدام العلاج النفسي بالدراما. وتتناغم مثل هذهالمبادرات تناغماً مثاليّاً مع تفويض الأمم المتحدة لحفظ السلام من حيث مساعدة البلدان على اجتياز المسار الشائك من الصراع إلى السلام.

وأضاف الشيخ: لدينا نقاط قوّة فريدة، بما فيها شرعية التصرّف بمجموعة من التفويضات المحدّدة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة. وعلاوةً على ذلك، تؤمن الأمم المتحدة بأنّ حافظات السلام الإناث يحسِّنَّ الأداء العام لعمليات حفظ السلام ويملكن إمكانية أكبر للانخراط في المجتمعات ويساعدن في تعزيز حقوق الإنسان وحماية المدنيّين ويشجّعن النساء على أن يصبحن جزءاً مؤثّراً من عمليات السلام والسياسة.” وقد أظهر لنا وباء “كوفيد-19″ ومعه أيضاً الاحتجاجات مؤخّراً ضد العنصرية كم أنّنا بحاجة ماسّة إلى النضال بقوّة من أجل عالمٍ أكثر شمولاً وتساوياً: عالمٌ ليس فيه منبوذون. ومن الواضح أكثر من أي وقت على الإطلاق أنّ لكلٍّ منا دوراً يؤدّيه من أجل إحداث التغيير. فكلّ واحد قادرٌ على إحداث فرق. وهذا هو جوهر الحملة التي أطلقتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) بمناسبة اليوم العالمي للاجئين. وهذا العام، نهدف إلى تذكير العالم بأنّ الجميع، بمن فيهم اللاجئين، يمكنهم المساهمة في المجتمع وبأنّ كل عمل له قيمة وحساب في المساعي إلى بناء عالم أكثر عدلاً وشمولاً وتساوياً.”

وشدد على ضرورة القيام بمبادرات لتعزيز الصحة النفسية للأطفال ولأفراد الأسرة بشكل عام بعد الانتهاء من أزمة كوفيد 19 وهذا ما تؤكد عليه مبادرات وأفكار الشيخة انتصار سالم العلي.

وتابع الشيخ: “ما بين الماضي والحاضر من معاناة الدول العربية مع الحروب والنزاعات المسلّحة، لا سيّما هذه الفترة العصيبة التي نحارب فيها جائحة “كوفيد-19″، تتشتّت الصحّة النفسية والعاطفية للنّاجين تحت وطأة تأثير سلبي دائم لا مفرّ منه. والنساء خاصةً أكثر عرضةً للتأثير النفسي لتلك الأحداث، حيث غالباً ما يكوننّ الأكثر تضرّراً والأقلّ ميلاً لارتكاب العنف.”

رسالة سلام

من جانبها عبرت رئيسة مؤسسة انتصار التي تعنى بالنساء المتضررات من الحروب، الشيخة انتصار سالم العلي عن أن المؤسسة خطت خطوات كبيرة في إعادة تأهيل عدد كبير من النساء المتضررات من الحروب وأنه تم تخريج دفعتين من المتدربات مؤخرا في الأردن بالإضافة إلى تخريج عدد كبير من الدفعات المتدربة في لبنان، ما يصب في اتجاه الهدف الأكبر وهو إعادة تأهيل مليون امرأة عربية عانت في الحروب أسريا وجسديا ونفسيا، فمنهن من فقدن الأهل حيث مات جميع أفراد أسرهن، ومنهن من لاقت الأمرين من ويلات استمرار الحروب في بعض المناطق العربية، موضحة أنه في بدايات مؤسسة انتصار واجهت المؤسسة العديد من التحديات استطاعت بجهود المخلصين تخطيها جميعا، خاصة أن كثير من المتدربات كن يرفضن في البداية الحديث عن أنفسهن لكن عندما انخرطن في التدريب من خلال العلاج النفسي بالدراما بدأن تتصالحن أنفسهن وتتعاملن مع أنفسهن بطريقة أكثر حبا لتخرجن ما بداخلهن وتنجحن في الخروج من الغلاف اللائي كن مغلفات به أنفسهن ومتقوقعات داخله بمشاكلهن النفسية.

وأضافت الشيخة انتصار نهدف إلى نشر السلام في العالم العربي مشيرة إلى أن مئات الخريجات هن الآن مدربات للنساء المتضررات في الحروب وتحملن رسائل سلام للعالم العربي مؤكدة أنهن أصبحن صانعات سلام في المجتمعات العربية.

وعن المؤسسة قالت إن “المؤسسة هدفها انساني مسجّلة في المملكة المتحدة وتعمل في العالم العربي. وهي أول مؤسسة خيرية في الشرق الأوسط تركز بالكامل على معالجة النساء العربيات من صدمات الحروب عبر تزويدهن بالدعم النفسي مجاناً، وتعتمد في كافة برامجها على العلاج بالدراما، وهو أحد أشكال العلاج بالفنون الإبداعية. ويضاف إلى ذلك أنّ المؤسسة خلقت نموذجا فريدا لجلسات العلاج الدرامي الجماعي بحيث يضمن أعلى مستوى من الفعالية والاستدامة في تحسن الصحة النفسية للمشاركات. وبالتالي ساعدت برامج مؤسسة انتصار مئات النساء اللاجئات على تجاوز الصدمات والتغلب على الاكتئاب واكتساب القوّة لإعادة بناء حياتهن. كما تجري المؤسسة بانتظام استطلاعات رأي وتنشر دراسات بحثية عن عملها وعن التأثير الإيجابي للعلاج بالدراما على النساء العربيات المتضرّرات من الحرب، مؤكدة أن أحدث أبحاثها سلط الضوء على مزايا دعم الصحة النفسية للنساء المتأثّرات بالحرب.

واوضحت الشيخة انتصار ان هذه الندوة المشتركة مع الأمم المتحدة في إطار مبادرة UN75Talk  ركزت على ما تعكسه النزاعات على الصحّة العقلية للنساء العربيات وما تحمله من عواقب أكبر على العائلات والمجتمعات المحيطة بها. مشيرة الى ان الندوة ألقت الضوء على دور المجتمع المدني في معالجة هذه القضية وكيف يمكن للدعم النفسي أن يلعب دوراً في استعادة السلام الداخلي للمرء والسلام في العالم العربي.

وقالت بالنسبة للنساء، تأتي معاناتهن بأشكال مختلفة على صعيد الصحّة النفسية والجسدية. وهذه قضية تفرض الكثير من العواقب التي يجب معالجتها على المستويَين الوطني والمجتمعي.”مؤكدة ان الهدف العام من هذه الندوة هو تسليط الضوء على نقص الرعاية الصحّية النفسية في العالم العربي للنساء المتضرّرات من الحرب.

وكشفت عن توقيع اتفاقية مع جامعة أوزاك اللبنانية لإعداد مدربين في مجال العلاج بالدراما، قائلة نهدف إلى إعداد 600 مدربا للعلاج بالدراما.

إغاثة اللاجئين

وتوجه د. سامر حدادين؛ رئيس مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) في الكويت، بالشكر والتقدير لحكومة دولة الكويت الرشيدة بقيادة قائد العمل الإنساني حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه. فبجانب مساهماتها بإغاثة ملايين اللاجئين والنازحين بالتعاون والتنسيق مع المفوضية في دول كثيرة مثل سوريا واليمن والعراق وتركيا ولبنان والأردن وإيران منذ عام 2013 ولغاية اليوم بقيمة تقدر بحوالي 430 مليون دولار، فدولة الكويت عضو بارز وفعال في نادي كبار المانحين للمفوضية. مؤكدا أن دولة الكويت ليست شريكًا استراتيجيًا فحسب، وإنما مثال دولي يحتذى به.

وأشار إلى أن الكويت سباقة في حشد الدعم وايجاد استراتيجيات تنسيقية مبتكرة من خلال مؤتمرات واجتماعات كبار المانحين لسوريا والعراق التي كانت من المنظمين والمضيفين لها، بجانب استضافتها لمشاورات السلام اليمنية، وهذا ليس بغريب على دولة تعد مركزًا للعمل الإنساني العالمي. وهو الأمر الذي يعد ترجمة فعلية للمكانة الدولية للكويت، منوهًا على مدى حاجة المفوضية لدعم الدول والشركاء من شتى المجالات في ظل وصول عدد اللاجئين والنازحين لرقم قياسي غير مسبوق يقدر بـ 79.5 مليون شخص، هجرتهم النزاعات والاضطهادات والصراع والكوارث الطبيعية، وذكر أن تقرير الاتجاهات العالمية الذي صدر قبل يومين من يوم اللاجئ العالمي قد أظهر أن النزوح القسري يطال الآن أكثر من واحد بالمائة من سكان العالم – وبالتحديد 1 من بين 97 شخصاً – مع عدم قدرة المزيد والمزيد من أولئك المهجرين على العودة إلى ديارهم. يعيش أكثر من ثمانية من كل 10 لاجئين (85%) في البلدان النامية، وعادة ما تكون بلداناً مجاورة للبلد الذي تم تهجيرهم منه.

وثمن جهود الشيخة انتصار سالم العلي قائلا “ما تقومين به إبهار وليس انتصار، كثير من الناس لا يوجد لديهم الشجاعة الكافية لخوض هذا المجال، ما تقومين به عمل رائع يفيد المجتمعات”.

تغيير العالم

ومن جهته أشاد السيد محمد الناصري؛ المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women)  في مناطق آسيا والمحيط الهادئ، بجهود مؤسسة انتصار وما تقوم به من برامج ومبادرات لتمكين ودعم المرأة العربية خصوصا في مناطق النزاعات، مشددا على ضرورة دعم هذه المؤسسة التي وصفها بالفريدة من نوعها في العالم العربي، وتهدف لتمكين مليون امرأة عربية، مشددا هي تسعى لتغيير المستقبل بالوصول إلى تمكين مليون امرأة.

وأشار إلى التجارب الناجحة التي قادتها المرأة في العديد من الدول لمواجهة كورونا، مؤكدا أن المرأة عنصر هام في البناء، وأن لديها خيارات للسلام أفضل من الرجل ولديها طرق مختلفة لتسيير الأزمات والسياسات.

قضايا محددة

ومن جهتها أوضحت د. لينا كريدي؛ كبيرة الباحثين في مؤسسة انتصار وأخصّائية في علم النفس السياسي،أن اللاجئات والناجيات من الحرب يعانون من المرض النفسي والاضطرابات النفسية الناجمة عن صدمة ما قبل الهجرة والضغوط اللاحقة للهجرة مشيرة الى ان هذا راجع الى عواقب الحياة الحقيقية منهااليأس والألم وأعراض نفسية جسدية والعدوان والصعوبات الشخصية ونقص الإنتاجية فضلا عن السلوكيات غير المتكيفة.

وأشارت إلى ان اجراء البحوث النفسية على وجه الخصوص ونشرها من الدول الغربية بمعدل أعلى بكثير من الدول العربية. وهذا أوجد فراغا كبيرا لدينا اذ اننا غير متأكدين مما هو الأفضل لثقافتنا ولغتنا واحتياجاتنا الخاصة في مسألةاللاجئين العرب والمتضررات من الحرب.

ورأت أهمية تكثيف اجراء البحوث للحصول على نتائج مفيدة وعملية يمكن أن تساعد الممارسين والمتخصصين باستخدام العلاج بالدراما، مؤكدة ان الباحثين العرب لديهم مساحة كبيرة للإبداع والقدرة على التكيف مع السياق الثقافي والقضايا المحددة التي يواجهها المتضررين من هذه النزاعات في المنطقة العربية.

وأشارت إلى المشاريع البحثية المستقبلية التي ستقوم بها مؤسسة انتصار بما في ذلك دراسة كمية عن التأثيرات النفسية للعلاج بالدراما، ودور العلاج بالدراما في المساعدة على تحسين هيكل الأسرة وبناء السلام، ودراسة علم الأعصاب حول التأثير العصبي البيولوجي للعلاج بالدراما، لافتة إلى الحاجة إلى البحث في مجال الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي لصالح السكان المتضررين من الحرب في العالم العربي، ودوره في تغيير السياسات والدعوة ودعت الامم المتحدة لمساندة مؤسسات المجتمع المدني التي تعني بهذا الجانب من العلاج النفسي للاجئين ولكي يكون لديهم صوت في العالم مشيرة الى ان مؤسسة انتصار ماضية في تحقيق هدفها للوصول الى مليون امرأة عربية متواجدة عبر دول العالم وتمكنيهم من التغيير النفسي واحلال السلام النفسي والعقلي باستخدام العلاج بالدراما.

وأوضحت ان العلاج بالدراما يساعد في تحفيز المواقف والسلوك المتعاطف،مستعرضة دراسة بحثية أجرتها مؤخرا على المتضررات من الحروب واللاجئين في كل من الاردن ولبنان حيث اسفرت نتائجها على ان 78٪ من المشاركين شهد زيادة في تقدير الذات، كما شهد 68٪ من المشاركين انخفاضًا في اضطراب ما بعد الصدمة، و93.75٪ من المشاركين شهدوا انخفاضًا في الاكتئاب، و75٪ من المشاركين شهدوا انخفاضًا في القلق، وشهد 43.75٪ من المشاركين تحسنًا في الرضا عن الحياة.

تجربة ناجحة

وعبرت المتدربة فاطمة خليفة من مخيم شاتيلا عن سعادتها بالانضمام إلى البرنامج التدريبي لمؤسسة انتصار مستعرضة تجربتها وكيف أنها تعرفت على نفسها أكثر في الجلسات التدريبية، وتخلصت من الآثار السلبية للحرب.

وأضافت أنها تأمل تعميم العلاج بالدراما على المخيمات وجميع الأماكن التي فيها لاجئين حتى تحظى باقي المتضررات بالعلاج النفسي، وينلن الرعاية والدعم النفسي ليستطعن التكيف مع الحياة والتصالح مع أنفسهن ومن ثم يعشن في سعادة وسلام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button