حملة طرد وتأديب في “الكتائب” على خلفية الانتخابات
بقلم: غادة حلاوي
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
ماذا يحصل في حزب “الكتائب”؟ هل اتخذ رئيسه سامي الجميل قراراً بتصفية الحسابات مع كل من خرج عن رأي الحزب ومشورته في الانتخابات النيابية؟
بدليل نقاشات الامانة العامة وما يتحدث عنه المحازبون فان “الكتائب” يعيش خضة داخلية على خلفية مجموعة قرارات تأديبية اتخذتها القيادة الجديدة بحق كل من خرج عن قرار “الكتائب” في الانتخابات النيابية. كان الابرز في تلك الاجراءات قرار احالة النائب السابق سامر سعادة الى مجلس الشرف الذي هو بمثابة مجلس تأديبي والتهمة عدم التزامه بقرار الحزب في الشمال. بعث الحزب برسالة الى سعادة بواسطة اللجنة التنفيذية لإقليم البترون وطلب تبليغه مباشرة ولم يتبلغ فتم تكليف قسم سن الفيل الكتائبي تبليغه بحسب محل السكن لكنه لم يكن موجوداً. فكان القرار تبليغه عبر “ليبان بوست” ليحضر امام اعضاء مجلس الشرف، فإما يصار الى تأنيبه او طرده وهو الاجراء ذاته الذي سبق واتبع مع الوزير السابق سجعان قزي. كيف سيتصرف حزب “الكتائب” مع نجل رئيس حزب “الكتائب” السابق وكيف ستكون عليه ردة الفعل في البترون الخارجة من هزيمة انتخابية انكفأ الحزب بعدها؟
لم يشكل ما حصل مع سامر سعادة استثناء، فالحزب المسيحي الاقدم والذي يعود تاريخه الى ايام الانتداب الفرنسي غادر تاريخه منذ بدأ التخلص من محازبيه اللامعين. كأن المقصود طي صفحة “الكتائب” الماضي على حساب “نيو كتائب” لا يمت الى الماضي بصلة.
بعد صدور نتائج الانتخابات تبين لحزب “الكتائب” وجود كادرات وشخصيات حزبية عديدة لم تلتزم قراراته ترشيحاً واقتراعاً، فكان الفصل مصيراً محتماً لعدد من هؤلاء ممن كان لهم تاريخهم الحزبي، من امثال ايلي قرداحي وهو عضو سابق في المكتب السياسي والذي خاض الانتخابات على لائحة تحالف “القوات” و”الاشتراكي” في الشوف. قرار الفصل شمل ايضا النائب جهاد بقرادوني نجل صاحب الاسم الذي يعرف عن نفسه حزبياً كريم بقرادوني. فاز بقرادوني نائباً متحالفاً مع “القوات اللبنانية”.
واذا كان قرداحي رد باصدار بيان عالي اللهجة ضد القرار والجهة التي تقف خلفه فان بقرادوني لم يعر الامر اهمية وكأن الامر لا يعنيه. في الاساس انقطع حبل السرّة بينه وبين “الكتائب” بعد وفاة النائب بيار الجميل فلم يعد يعتبر نفسه معنياً بالقيادة الجديدة محلقاً خارج سرب قراراتها. في الاصل هو من فصل نفسه قبل ان يفصلوه لكن المستغرب ان تتوسع دائرة الحساب معه لتشمل المدير التقني في صوت لبنان ميشال مجاعص، الذي فصل من عمله بعد عمر زاد على اربعين سنة في الاذاعة لكونه محسوباً على بقرادوني.
موجة العقاب لم تستثنِ ايضاً رفيق غانم الامين العام السابق للحزب لتصويته للنائب رازي الحاج في الانتخابات النيابية وساسين ساسين المحسوب على فريق بيار الجميل.
يستغرب قرداحي تصرفات مجموعة كتائبية لا تعرف تاريخ “الكتائب” النضالي بنجاحاته وعثراته ولم تعايش النضالات والخوف والتحولات التي عايشها الحزب. استلم هؤلاء الحزب واعتقدوا ان بداياته انطلقت معهم معبراً عن استيائه لشطب عدد من الاسماء وفصل اصحابها، قائلاً ان سجل “الكتائب” ليس ملكاً لآل الجميل، ممنوع المس به من اي كان بينما اعتبر كتائبي استقال من “الكتائب” ان الحزب يعيش على وقع المواقف الدونكيشوتية التي من شأنها الاساءة لمسيرة الحزب وصورته.
يدور في كواليس حزب “الكتائب” نقاش مركزه الامانة العامة حول مدى صوابية القرارات التي اتخذت وانعكاساتها بينما بات الحزب احوج ما يكون الى مراجعة شاملة لمسيرته، لا سيما في ضوء النتائج التي خرج بها في الانتخابات النيابية والتي اظهرت تراجعاً في عدد من الدوائر. نجاحه بثلاثة نواب، بالإضافة إلى النائب نديم الجميل الذي يشكل حالة خاصة حزبيا، لا يحتسب انتصاراً خاصة لحزب استقال نوابه من مجلس النواب والتحقوا في صفوف الثوار مع اندلاع ثورة 17 تشرين. عملياً لم يحقق التموضع الجديد لـ”الكتائب” له اضافة الى مكانته الحزبية في الداخل، رصيده الشعبي تراجع بدل ان يرتفع بدليل نتائج الانتخابات، معارض لم يستهوِ المعارضين الجدد في الانتخابات او في مجلس النواب، لا حليف ولا شريك. ليس متحمساً للعمل النيابي ويرفض الدخول في الحكومة. شاخ الكتائب رغم عمر رئيسه الفتي. القصة تكمن في الدور الذي رسمه لنفسه ودوره في الحياة السياسية. ثمة خلل يحتاج الى مقاربة جديدة والا يتوزع الكتائب بين الاحزاب المسيحية الاقوى على عين قيادته ويذوب في الاحزاب الاخرى التي خرجت منتصرة في الانتخابات الاخيرة.