المرأة في الوطن العربي.. والقتل المشروع في غاب المجتمع الذكوري المتسلط
بقلم: فاطمة أبوسرير / صحافية ومترجمة –
رغم هيمنة الأديان الإبراهيمية على العالم العربي، والتي جميعها تدعو إلى الأخلاق الرفيعة، وتكريم النساء وتقديرهن واحترامهن، وتحريم القتل وتجريم القاتل، إلا أن جزءاً من العرب لازال يحلو لهم التمسك بعادات الجاهلية الأولى في النظرة الدونية لمكانة المرأة والعنف ضدها والانتهاكات الجسيمة لحقوقها، وجميعها جرائم لم تجرمها الأديان فحسب بل أيضا القوانين الوضعية في الدول العربية، ذلك عبر سنها تشريعات تساهم في تحقيق العدالة، ولمساواة ومكافحة الممارسات غير العادلة، وصيانة حقوق المرأة الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والسياسية، وحريتها وحمايتها من العنف بكافة أشكاله، وتعزيز مبادئ التجريم والتصدي لفرص الذكر في التنصل من العقوبات.. لكن يبدوا في الواقع أننا بحاجة إلى المزيد من هذه القوانين لمحاصرة الجرائم ضد النساء والقضاء عليها بشكل نهائي.
وببساطة، لقد عكست جرائم قتل النساء إرث قرون من سيادة مفاهيم وثقافة جهل وتسلط المجتمع الذكوري، التي تعدد حيثياتها وأسبابها وأشكالها المخزية، بما فيها إداعاءات مفاهيم “الشرف” التي عادة ما تتصدر ذرائع القتل المتعمد للمرأة في الوطن العربي، بهدف الإفلات من العقاب االقانوني على إرتكاب الجريمة، وقد أصبحت هذه الممارسة تمويهاً مستخدماً بكثرة لإخفاء الدوافع الحقيقية وراء ارتكاب الجرائم ضد المرأة، والتي في الغالب ما تكون ناجمة عن أطماع مالية.
وتدل تفاصيل جرائم قتل النساء على تنوع الأساليب الملتوية التي يتخذها القتلة للتخلص من آثار جرائمهم مع وجود قاسم مشترك يسبق الجريمة عادة، ويتمثل في تعرض معظم القتيلات لسلسلة من أعمال التعذيب سواء نفسياً أو جسدياً وتنتهي بالقتل المتعمد.
وقديماً كان السبب الرئيسي وراء عدم تقديم النساء المعنفات لبلاغات ضد معنفيهم، هو الخوف من تكرار تعرضعهم للعنف، أو لأسيباب تكمن بعدم تصديقهن أو بسبب مماطلة وتعقيد إجراءات التبليغ.. هذا ورغم التطور النسبي لواقع مجتمعاتنا العربية في تمكين المرأة وإعطاءها حقوقها بفرص عادلة ومتساوية، وتطوير وتفعيل الآليات القضائية لمناهضة العنف ضدها، لكن يسود نزوع المجرم لاستغلال بعض العادات القبلية المشوهة التي تتيح له الإفلات من العقاب بسعيهم إلى خلق مبررات للقاتل إنقاذاً لسمعة القبيلة التي تعتبر النساء جزءاً من ممتلكاتها، بل أن في الكثير من الأحيان يجعلون هذه الجرائم مصدراً للتفاخر للقاتل وأسرته!
و يوجد العديد من الجهود المبذولة دولياً لدعم اعتبار انتهاك حقوق المرأة أو النظر إلى ذلك كجزء من الموروث والأعراف أمراً غير مقبول؛ ، فلا يحق للذكر إنهاء حياتها وأكل حقوقها، بذرائع قبلية نعلم جميعاً أنها لا تستند إلى أي دين أو قانون، ولكن من لم يردعه دينه ولا مجتمعه لن يتوقف إلا عند إيجاد عقاب بمستوى الجريمة والانتهاك الذي تتعرض له النساء.