إجماع أعضاء مجلس الأمن على دعم مساعي الاتحاد الأفريقي لتسوية أزمة سد “النهضة”
أجمع أعضاء مجلس الأمن الدولي الليلة الماضية، على دعمهم للجهود التي يبذلها الاتحاد الأفريقي، لتسوية الأزمة الناجمة عن بناء سد “النهضة” من قبل إثيوبيا على نهر النيل، مما يمس بالأمن المصري والسوداني المائي في منسوب المياه، بل ويعكس بآثاره في خلق التوترات في المنطقة.
وفي اجتماع خاص عقده أعضاء مجلس الأمن مساء أمس، استجابة للوفد الأمريكي نيابة عن مصر، استعرضت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، حيثيات الأزمة، مؤكدة على أن امكانية تسوية الخلاف القائم والتوصل إلى اتفاق بين الأطراف المعنية. وشددت على ضرورة استمرار الدول المعنية في إبداء إرادتها السياسية اللازمة لتسوية المسألة وفقا لروح التعاون التي تم التأكيد عليها في إعلان المبادئ لعام 2015.
كما أعربت ديكارلو عن تطلعها لأن تواصل الدول الثلاث المعنية، جهودها من أجل التوصل لإتفاق إيجابي يصب بمصلحة الجميع.
من جانبه، حذر وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال حديثة أمام جلسة مجلس الأمن غبر تقنية الفيديو، من التهديد الذي قد يتسبب به سد النهضة الإثيوبي لرفاهية ووجود الملايين من المصريين والسودانيين، مشددا على أهمية عدم السماح بأي تهديد لأمن مصر المائي، لا سيما “وأن سد النهضة هو برنامج عملاق على نهر النيل يمكن أن يعرض الأمن والغذاء للدولة الأخرى المطلة للخطر، بل ويهدد وجود الملايين من المصريين والسودانيين”.
ودعا الوزير شكري للتحرك بحزم لإنهاء التحركات الأحادية الجانب بشأن سد النهضة، مؤكدا على موقف مصر الساعي إلى التوصل لاتفاق عادل بين الدول المعنية، وحذر من أن عدم الاتفاق من شأنه أن يزيد النزاعات في المنطقة.
وقال “إثيوبيا لديها العديد من الموارد المائية لديها أمطار تصب والمليارات من الأمتار المكعبة من المياه ولا يعانون من شح المياه وهناك 11 دولة أخرى تتقاسمها مع الدول الأخرى وكلها تقدم فرص كبيرة للتعاون الإقليمي. هذا يعني أنه إذا بني السد أحاديا دون اتفاق يحمي دول المصب هذا سيضغط علينا أكثر ونحن نعاني وهذا يعرض الملايين من السودانيين والمصريين للخطر”.
وعزا وزير الخارجية المصري سعي مصر لنقل ملف قضية سد النهضة الأثيوبي لمجلس الأمن الدولي لحرصها على حماية حقوق دول المصب، وتجنب التوترات ووقف التحركات الأحادية التي من شأنها أن تقوض السلام بالمنطقة.
بينما المندوبة الدائمة للولايات المتحدة، السفيرة كيلي كرافت، فقد لفتت إلى أن الولايات المتحدة تتابع عن كثب الجهود التي يبذلها الاتحاد الأفريقي لتسهيل المحادثات بين الدول الثلاث المعنية بهذه الأزمة، وطالبت الدول المعنية بالامتناع عن اتخاذ أي إجراءات أحادية الجانب، والتي من شأنها أن تقويض حسن النية المطلوبة للتوصل إلى اتفاق.
وأبدى المندوب السوداني الدائم، السفير عمر الصديق، تأييد حكومته لموقف وزير الخارجية المصري الرافض لأي إجراء أحادي بشأن ملئ خزان سد النهضة من قبل أثيوبيا، وذلك على حين التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث المعنية، مؤكدا على أن نهر النيل ملك للدول المشاركة فيه.
كما استعرض الأضرار التي يمكن أن تلحق بالجانب المصري والسوداني في حال استمر العمل الأحادي من قبل أثيوبيا.
ودعا إثيوبيا إلى التعاون في حل المشكلة عبر التفاوض. وقال “إن العودة إلى التفاوض من شأنه أن يمكن الدول الثلاث من تبني رؤية مشتركة والتوصل إلى حل”.
وأكد مندوب إثيوبيا في الأمم المتحدة، السفير تاي أسقي سلاسي، رفضه لإحالة ملف أزمة سد النهضة إلى مجلس الأمن الدولي، مشيرا إلى أنها تبحث عن استعمال مواردها بطريقة معقولة بعد حرمانها من ذلك.
ودعا مجلس الأمن إلى ترك القضية تأخذ مسارها في الاتحاد الأفريقي. وقال: “لا نعتقد أن قضية سد النهضة لها مكان شرعي في مجلس الأمن اليوم. رفع قضية سد النهضة إلى مجلس الأمن تم على نحو غير منصف”.
وأشار إلى أن إثيوبيا لن تتسبب بإلحاق الضرر بمصر أو السودان، مضيفة “لدينا واجب وطني بحماية شعبنا وتحقيق الرفاهية له”. وشدد على أن أي نزاع في المستقبل بشأن الحقوق المائية بين الدول الثلاث يجب أن يحال إلى رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا.
وأوضح مندوب إثيوبيا أن مصر اتخذت خطوات أحادية الجانب، مضيفا أن بلاده ترى أنها تقسم مياه النيل بشكل عادل خاصة بعدما عانى الشعب الإثيوبي من الفقر، فهو حق إثيوبي لتنمية البلاد.