باسيل يحرّر مضبطة اتّهام سياسي بحقّ ميقاتي: لم نستطع تسميتك رئيساً مكلّفاً ولا نستطيع أن نمنحك ثقتنا
بقلم: غادة حلاوي

النشرة الدولية –

نداء الوطن –

في غضون أقل من 12 ساعة أعدّ رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي تشكيلته الحكومية. قياساً مع التجارب السابقة تعد تلك فترة قياسية لرئيس مكلف ينهي استشاراته مساء فيكون في الصباح الباكر في القصر الجمهوري ومعه تشكيلة وزارية يفترض أن تتضمن ترجمة لنتائج الانتخابات إذا ما اعتبرنا أن الإستشارات النيابية للرئيس المكلّف لا تلزمه بشيء.

أعلنت غالبية القوى والأحزاب السياسية اعتكافها عن المشاركة في الحكومة فأعدّ ميقاتي تصوّراً حكومياً ووضعه في عهدة رئيس الجمهورية ميشال عون للوقوف على رأيه، أو رأي باسيل. وفق الأجواء التي عكسها ميقاتي لمقربين أنه استبق تعطيل باسيل وعون المتوقع برمي الكرة في ملعبهما. خطوة ميقاتي قد تكون في جانب منها بمثابة ردّ على الأجواء التي سادت لقاءه مع باسيل أمس الأول في المجلس النيابي والتي كانت بمثابة «مضبطة اتّهام» تقدّم بها رئيس التيار الوطني الحر بحق الرئيس المكلّف. وتردّد على ألسنة النواب الذين شاركوا انهم فوجئوا بمواجهة رئيس التيار الذي ردّد مرات عدة قوله لميقاتي «تقصّدت أن أتحدث أمام النواب كي يكونوا على بيّنة ممّا فعلنا وإلى أين نحن متّجهون». وتابع: «منذ استقالة الحكومة وقبلها ونحن نسمع أننا نتدخل في عمل الحكومة ومع الوزراء وأننا نضع عقبات أمام تشكيل الحكومة الجديدة وأنني شخصياً أرغب في حصة من ثلاث حقائب فهل سبق وطالبتك بحقيبة ما؟ أو اشترطت حقائب معينة أو حتى تحدثنا بالموضوع؟». أجابه ميقاتي: «أبداً». فقال له باسيل: «فلماذا إذا تردّد باستمرار أنّني لم أدَع حكومتك تعمل؟ وأنّني تقصّدت التعطيل؟».

حوّل باسيل موعد الاستشارات إلى مناسبة للتقليب في الدفاتر القديمة والجديدة مستفسراً من الرئيس المكلّف عمّا ستفعله الحكومة العتيدة في موضوع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعمّا إذا كان سيبقي عليه في منصبه وهو المتهم والمطلوب للقضاء على خلفية اتّهامه بقضايا عدة. مذكراً رئيس حكومة تصريف الأعمال بقوله يوم كان يعمل على تشكيل الحكومة الحالية إن حاكم المركزي رياض سلامة صار expired date لكن حكومته عاجزة عن تحديد مصيره، ويقول لمراجعيه أوجدوا لي البديل لافتاً الى أن عدم ايجاد البديل يعني تولي نائب الحاكم الشيعي مسؤوليات الحاكمية.

أعاد باسيل تذكير ميقاتي بالبنود الإصلاحية والتدقيق الجنائي وما ستفعله الحكومة المقبلة بخصوصهما، وكيف ستتعاطى الحكومة مع ملف النازحين معاتباً ميقاتي كيف لجأ الى القانون بموضوع النازحين اليوم بينما اتهم هو، أي باسيل، بالعنصرية يوم نبّه إلى خطورة هذا الموضوع والتغيير الديمغرافي الذي سيتسبب به. وسأل: «كيف ستتعاطى الحكومة مع مسألة ترسيم الحدود؟؟ اذا كانت مرحلة الشهرين غير كافية لمعالجة تلك الملفات فما الجدوى من المشاركة؟ لأجل كل ذلك لم نستطع تسميتك رئيساً مكلفاً ولا نستطيع أن نمنحك ثقتنا». من دون أن يفوته التذكير بما سبق وتعرّض له خلال تشكيل الحكومة الحالية وكيف رضي ميقاتي بتوزير محازبين من حملة البطاقات الحزبية لبقية الأحزاب بينما ضيّق على التيار خياراته واشترط أن يكونوا من خارج التيار ومن غير المنتسبين ورفض كل من كان من طرف باسيل أو اجتمع معه ولو في صورة فوتوغرافية. ينقل أحد النواب الحاضرين أن ميقاتي بدا مستمعاً وأنه في محطات معينة وعد بمعالجة التسريبات التي تظهر باسيل على أنه يعطل الحكومة.

الجلسة التي انتهت بوعد من ميقاتي لباسيل بوقف الحملات والتسريبات في الإعلام لم تؤت ثمارها بدليل مسارعة الرئيس المكلف الى تقديم تشكيلة يعرف المقربون منه أنها «تشكيلة رفع العتب» التي اعتمدت في بعض الحقائب مبدأ المداورة باستثناء حقيبة المالية. فتكون النتيجة أن لا ميقاتي مستعد لملاقاة باسيل إلى منتصف الطريق ولا باسيل حاضر لتقديم تسهيلات تشكيل حكومة برئاسة ميقاتي استبق تشكيلها بحملة تتّهمه بالتعطيل قبل أن يجتمع معه ويلتقيه. اغتنم باسيل فرصة لقاء ميقاتي في اجتماع نيابي واضعاً كل اتهامات يسوقها ميقاتي بحقه قيد البحث متهماً رئيس حكومة تصريف الأعمال بالانقلاب على أقواله والتخلّف عن الايفاء بالتزاماته وتصويره وحده على أنه المعطل للعمل الحكومي وهو ما نفاه الرئيس المكلف الذي تحدث عن وجود جهات عدة عطلت عمل الحكومة ولم يقصده بكلامه.

انتهت الجلسة التي تلقّف ميقاتي مضمونها من دون إبداء اي رد فعل. أعلن باسيل أن قرار المشاركة في الحكومة لم يتّخذ بعد وأنه مرهون بسلسلة شروط، فكان رد ميقاتي بإعداد تشكيلة حكومية بين ليلة وضحاها ووضعها رهن قرار رئيس الجمهورية ميشال عون.

في القراءة الأولية إن الرئيس المكلف أراد أن يثبت حسن نيته في تشكيل حكومة الأشهر الثلاثة المتبقية من عمر العهد وأنه وعلى عكس ما يشاع لا يرغب في إبقاء القديم على قدمه والجمع بين صفتي رئيس مكلف ورئيس حكومة تصريف الأعمال.

قدم ميقاتي تشكيلة «معلبة» سلفاً تعكس تصوّره لشكل الحكومة الجديدة من دون البناء على نتائج الإستشارات النيابية غير الملزمة والتي أجراها من باب رفع العتب. أعلنت غالبية الكتل النيابية عدم رغبتها في المشاركة في الحكومة فأعدّ تشكيلة من 24 وزيراً أزاح فيها الدرزي الثاني عصام شرف الدين الممثل للنائب السابق طلال أرسلان لأنه لم يعد ملزماً بثنائية التمثيل الدرزي بعد التشاور مع الاشتراكي الذي زاره موفد منه يوم أمس. استبدل وزراء المهجرين والمالية والطاقة والاقتصاد، مسنداً وزارة الطاقة الى شخصية سنية (وليد سنّو) ومقترحاً لوزارة المالية اسم الوزير السابق ياسين جابر بالاتفاق مع بري. كما استبدل وزير الاقتصاد أمين سلام بآخر أرمني (جورج بوشكيان). منذ أعلن ترشحه لرئاسة الحكومة لم يعد ميقاتي يرغب في وجود أمين سلام في أي تشكيلة حكومية ويعتبره وديعة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في الحكومة.

إبقاء باسيل الباب مفتوحاً على احتمال المشاركة صدّه ميقاتي أمس برفع تشكيلة حكومية إلى رئيس الجمهورية. لا يريد ميقاتي التماهي مع رغبة باسيل وتمنياته الحكومية ويريد أن يظهر بمظهر المعارض لشروطه وهو المدرك سلفاً استحالة تشكيلة يقدمها وفق رؤيته وحده، بالمقابل هو يعلم حكماً أن عون وباسيل لن يقدما له حكومة على طبق من فضة. وأن باسيل على وجه التحديد غير متحمّس لدخول حكومة لا تزيد من رصيده خاصة أن ميقاتي سيضيّق عليه في الخيارات الوزارية كما سبق وتعاطى في الحكومة الماضية. معاكساً التنبؤات بفراغ رئاسي لا يعتبر أن حكومة تصريف الأعمال الحالية او الحكومة الجدية ان شكلت ستدوم طويلاً لأن الانتخابات الرئاسية ستحصل ولن يكون ثمة فراغ رئاسي.

Back to top button