«الفتنة» في الزمن الكوروني!* يوسف عبدالرحمن
النشرة الدولية –
كلنا ونحن نقرأ القرآن الكريم تكررت معنا هذه المفردة العجيبة في عدد من السور، فهل هناك اختلاف في تفسير هذه الكلمة؟ وما معانيها المحتملة؟ وما صورها في الزمن الكوروني سنة 1441هـ الموافق 2020م؟
لو سألت اي انسان عن معنى الفتنة لقال لك على طول: الابتلاء!
وأصل هذه الكلمة مأخوذ من قولك: فتنتُ الفضة والذهب أي أذبتهما بالنار ليتميز الجيد من الرديء!
قال تعالى (يوم هم على النار يفتنون)، أي يحرقون بالنار!
قال ابن الأثير: الفتنة: الامتحان والاختبار، وقد كثر استعمالها فيما اخرجه الاختبار من المكروه ثم كثر حتى استعمل بمعنى الإثم والكفر والقتال والاحراق والازالة والصرف عن الشيء.
وقد لخص ابن الاعرابي معاني الفتنة بقوله: الفتنة الاختبار، والفتنة المحنة، والفتنة المال، والفتنة الاولاد، والفتنة الكفر، والفتنة اختلاف الناس بالآراء، والفتنة الاحراق بالنار (مأخوذ من لسان العرب لابن منظور).
وجدت من قراءاتي عن معاني الفتنة في الكتاب والسُنة ما يلي:
أولا: الابتلاء والاختبار: كما ورد في قوله تعالى (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ـ العنكبوت: 2)، ومعنى الآية: اي وهم لا يبتلون؟
ثانيا: الصد عن السبيل والرد: كما ورد في قوله تعالى (واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله اليك ـ المائدة: 49)، ومعناه: يصدوك ويردوك.
ثالثا: العذاب: كما في قوله تعالى (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ـ النحل: 110)، معنى فُتنوا: اي عُذبوا.
رابعا: الشرك والكفر: كما في قوله تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ـ البقرة: 193)، بمعنى: شرك.
خامسا: الوقوع في المعاصي والنفاق: كما ورد في قوله تعالى في حق المنافقين (ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني ـ الحديد: 14)، اي: اوقعتموها في النفاق واهلكتموها باستعمال المعاصي والشهوات.
سادسا: اشتباه الحق بالباطل: كما ورد في قوله تعالى (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ـ الأنفال: 73)، والمعنى: ألا يوالي المؤمن الكافر وان كان ذا رحم (تكن فتنة في الأرض)، اي شبهة في الحق والباطل.
سابعا: الاضلال: كما ورد في قوله تعالى (ومن يرد الله فتنته ـ المائدة: 41)، ومعنى الفتنة هنا الاضلال.
ثامنا: القتل والأسر: ومنه قوله تعالى (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ـ النساء: 101)، المراد: حمل الكفار على المؤمنين وهم في صلواتهم ساجدون حتى يقتلوهم أو يأسروهم.
تاسعا: اختلاف الناس وعدم اجتماع قلوبهم: كما في قوله تعالى (ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة)، اي يوقعوا الخلاف بينكم.
عاشرا: الجنون: كما ورد في قوله تعالى (بأيكم المفتون)، فالمفتون بمعنى المجنون.
الحادي عشر: الاحراق بالنار، لقوله تعالى (ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ـ البروج: 10).
هذه استشهادات لمعان كثيرة من الكتاب وما تضمنته كتب السُنة وما ورد في بحوث وملخصات تخص كلمة «الفتنة» الواردة في الخير والشر والنعم والمصائب، وهي تنطبق على فتن كثيرة نعيشها الآن في زمن كورونا من حيث العداوات والفتن التي وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم كقطع الليل المظلم!
٭ ومضة: قال تعالى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)، ومنها عزيزي القارئ ان يوفقك الله وتبتعد عن هذه الشتائم والتنابز بالاقوال والقيل والقال، ومنها أن تلزم طريق الله القويم والحق الذي ارتضاه وأمر الناس بعدم ممارسة الظلم!
ان اجمل نعمة اليوم هي الابتعاد عن الفتن وما اكثرها حتى تفوز بسعادة الدنيا وترتاح وتفوز ابتعد «كثر ما تقدر» عن الفتن!
قال تعالى (كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة ـ الأنبياء: 35).
الله سبحانه يبتلي البشر بالشر والخير «فتنة» اي اختبار!
احذروا ان تسقطوا في هذا الاختبار!
نصيحتي: ابتعد عن الفتنة بكل انواعها!
٭ آخر الكلام: كثير من الناس في هذا الزمن الكوروني راح يدخل في مساجلات واطروحات «نزغ شيطان»، واعلم من حيث المبدأ ان الكويت بأعمالها وافعالها وبطولات شعبها الخيرية والدعوية والاخلاقية هي اليوم «حاضرة العرب» وخيرها على الانسانية جمعاء.. فلم تدخل في فتنة .. خاسر من يثيرها الآن.
٭ زبدة الحچي: كلنا نقول بعد ان نهدأ من اي معارك كلامية ومشاحنات: والله هذا غلط، هذا عيب، هذا فتنة من الشيطان!
الشيطان طريقه الخديعة وتزيين الشر، ولا تنسوا أنه «خدع» أبانا آدم عليه السلام!
قال تعالى (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ـ الأعراف: 27).
عزيزي القارئ الكريم: أكتب لك عن الفتنة واكثرها ايلاما ما يقوم به البشر تجاه البشر!
كلنا عيال 9، ولا فرق بيننا الا بالتقوى.. وكلنا مآلنا لباطن الارض.. الجنة او النار!
اختر صح في زمن الكورونا.. ابتعد عن الفتن!
..في أمان الله.