لبنان: الخبز يفجّر الشارع وسعر الرغيف بلا سقف قريباً* عزة الحاج حسن
النشرة الدولية –
انتصر حزب الأفران على الحكومة اللبنانية في قضية سعر الخبز كما انتصر سلفهم حزب المصارف في قضية تحمّل الخسائر المالية وتقديرها. انتهت حرب وزارة الاقتصاد، التي خاضتها على مدار أشهر في وجه “كارتيل” الأفران، بخسارة المواطن اللبناني وتكبيده بين ليلة وضحاها زيادة بسعر ربطة الخبز لا تقل عن 30 في المئة.
تتلاعب الحكومة بمصيرها، كما فعلت سابقتها، حين فجّرت الشارع بقرار تافه يرتبط بفرض تعرفة على خدمة واتساب، لكن ملف الخبز الذي فجّرته الحكومة ليل الثلاثاء 30 حزيران، قد لا تأتي عواقبه كقرار الواتساب فحسب، بل ربما يودي إلى مشهد أكثر خطورة، بدأ يتجلّى من حراك الشارع ليل الثلاثاء، ومن صفائح الحديد التي تسلّحت بها الأفران، كما المصارف في أكثر من منطقة.
تحاول الأفران منذ أشهر الاستحصال على قرار من وزير الاقتصاد راوول نعمة برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة إلى 2000 ليرة، أو خفض وزنها من 1000 غرام إلى 800 غرام. فشلت محاولات الأفران مراراً، بعد ان ألزمها نعمة بدراسة دورية تقوم بها نقابة المخابز والافران والوزارة لتحديد تكلفة إنتاج الخبز، وتطور سعره، ونسبة الأرباح المحقّقة. وبحسب الدراسة تلك، تبيّن أن أرباح الافران من إنتاج الخبز تقلّصت تدريجياً مع ارتفاع سعر صرف الدولار كونها تغطي 15 في المئة من قيمة الطحين، وبعض الأكلاف الأخرى الداخلة في صناعة الرغيف، كالسكر والخميرة والنايلون، إضافة الى تكاليف الصيانة بالدولار، وفق سعر صرف السوق.
ووفق مصدر متابع لمفاوضات وزارة الاقتصاد مع الأفران، فالأخيرة بدأت تتكبّد الخسائر منذ نحو 3 أشهر، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار. وقد وصلت إلى ذروتها وفق الفواتير الأخيرة التي تقدّمت بها الافران، يوم الإثنين 29 حزيران لوزير الاقتصاد. وبحسب المصدر في حديث إلى “المدن”، حاول الوزير التفاوض مع الأفران على خفض وزن ربطة الخبز، أو تقليص بعض التكاليف الأخرى. لكن ذلك لم يأت بنتيجة تجنّبهم الخسارة. فلم يكن أمامه سوى الموافقة على رفع سعر ربطة الخبز إلى 2000 ليرة، مع الإبقاء على وزنها 900 غراماً.
تحقّق وزير الاقتصاد من صحة ادعاءات الأفران بتكبّدهم الخسائر من صناعة الخبز، وإنصافهم بالموافقة على رفع سعر ربطة الخبز، لن يعفيه من مسؤولية التحامل على الفقراء والمشاركة في تحميلهم المزيد من الأعباء، التي يعجزون أصلاً عن تحمّلها. ولا تُلقى المسؤولية على وزير الاقتصاد فحسب، بل على الحكومة جمعاء. وكان حرياً بالحكومة تحمّل مسؤولياتها تجاه صناعة الرغيف بدلاً من تحميل عبء ارتفاع سعر صرف الدولار للمواطن.
فلتتحمّل السلطة زيادة تكاليف صناعة الخبز، الناجمة عن ارتفاع سعر صرف الدولار، بدلاً من فتح باب الزيادات على مصراعيه، كما بدا واضحاً. فكارتيل الأفران لن “تسد رمقه” الـ500 ليرة زيادة في سعر ربطة الخبز. بل سيعتمد سياسة الزيادات نهجاً مرافقاً لارتفاع سعر صرف الدولار.
وقد تجلى ذلك في كلام نقيب أصحاب الأفران، علي ابراهيم، حين ألمح أنه يعتزم زيادة سعر ربطة الخبز لاحقاً لأكثر من 2000 ليرة، تماشياً مع سعر الدولار. وهو ما أكده مصدر لـ”المدن”. فالنقيب ابراهيم تحفّظ على سعر الـ2000 ليرة، لأنه كان يطالب برفع السعر لأكثر من مستوى الألفي ليرة.
سعر الخبز 5000 ليرة؟
حين تباكى ابراهيم على إحدى شاشات التلفزة بحجة ان أصحاب الافران تكبّدوا الكثير من الخسائر، علماً ان الجميع يعلم انهم يستخدمون الطحين المدعوم لصناعة الحلويات والكعك، لكسب مزيد من الأرباح خلافاً للقوانين، “نوه بأن سعر الـ2000 ليرة لبنانية لربطة الخبز تم اتخاذه وفقاً لوصول سعر صرف الدولار إلى 8000 ليرة. ولكن اليوم ارتفع سعر الدولار إلى 8500 ليرة و9000″، لا يحتاج كلام ابراهيم إلى كثير من التفسيرات. فهو يلمّح إلى زيادة السعر في الأيام المقبلة، بناء على سعر الدولار.
من هنا، علينا أن نتوقع أن يفوق سعر ربطة الخبز 5000 ليرة في المرحلة المقبلة، أو أن يضطر الفقراء لشراء الأرغفة فرادة بدل الربطة، نظراً لكون سعر صرف الدولار لامس 9500 ليرة (حتى اللحظة) ومن المتوقع أن يتجاوز 10 آلاف ليرة، في الساعات المقبلة. هل هكذا تُدار الأزمات؟ وهل تعلم الحكومة انها تؤسس لسوق سوداء للخبز كما الدولار؟ ألا تتوقع الحكومة أن يجرفها طوفان الفقراء والجائعين حين يعجزون عن تأمين سعر ربطة الخبز؟