ميد: سعر النفط سيكون عاملا بالغ الأهمية بالنسبة لكل من مصدري النفط والاقتصاد الإقليمي الأوسع نطاقا خصوصا في ظل الظروف الحالية
النشرة الدولية –
ذكرت مجلة ميد أن سعر النفط سيكون عاملا بالغ الأهمية بالنسبة لكل من مصدري النفط والاقتصاد الإقليمي الأوسع نطاقا خصوصا في ظل الظروف الحالية التي يشهدها العالم جراء تفشي ڤيروس كورونا، حيث قدرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية في 9 يونيو أن أسعار خام برنت ستبلغ 37 دولارا للبرميل خلال النصف الثاني من 2020 قبل أن ترتفع إلى متوسط 48 دولارا للبرميل في 2021، وتتفق معظم التوقعات مع الأسعار حول هذه المستويات.
وقالت المجلة انه رغم الارتفاع المتوقع سيظل سعر خام برنت آنف الذكر لعام 2021 أدنى بكثير من نقطة التعادل لمعظم مصدري النفط الإقليميين، الأمر الذي سيترك الحكومات المعتمدة على النفط تصارع أوضاعا مالية متفاقمة وعجوزات كبيرة وثغرات في التمويل.
وأضافت «ميد» ان حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – مينا – ستواجه تكثيفا للتحديات التي كانت قائمة من قبل والتي أفرزتها جائحة كورونا، فبعد 4 أشهر من بدء تأثيرها العالمي لأول مرة في المنطقة توجهت الحكومات الإقليمية لتعزيز إجراءاتها للتعامل معها وإعادة تحريك عجلة النشاط الاقتصادي.
وأوضحت أنه من منظور الصحة العامة تتجلى بصورة متزايدة الحقيقة بأنه ليست ثمة ظروفا مثلى ولا طرقا سهلة أمام دول المنطقة لتخفيف القيود على تحركات الناس وأنشطتهم دون المجازفة بزيادة أعداد الإصابات من جديد في موجة ثانية متوقعة من الوباء.
ومع ذلك، فقد نجحت الحكومات التي طبقت إجراءات الحجر الصحي الصارمة – على الأقل – في توفير الوقت الكافي أمام أنظمتها الصحية لإعداد نفسها للتعامل مع الڤيروس.
ومن منظور اقتصادي، فإن تباطؤ النشاط التجاري كانت له بالفعل تداعيات كبرى على حكومات المنطقة على نحو لا يمكن معه استئناف النشاط الطبيعي في وقت وشيك.
وبالنسبة للدول المصدرة للنفط، فقد أدى انخفاض الأسعار العالمية بعد ظهور الڤيروس الى إيقاع ميزانيات هذه الدول في حالة من الفوضى، كما عولجت الكثير من الاختلالات المالية الطفيفة في الميزانية من خلال استنزاف ضخم للمالية الحكومية.
أما النسبة لمستوردي النفط فقد تضررت القطاعات الرئيسية غير النفطية التي لها دور كبير في تكوين الناتج المحلي الإجمالي الوطني بشكل متساو، منها قطاع السفر والسياحة الذي يسهم بنسبة كبيرة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في العديد من بلدان المنطقة، وقد تأثر بشدة، لكنه يشهد الآن انتعاشا بطيئا.
كما أثر التباطؤ الإقليمي في كل من النشاط الاقتصادي الذي يقوده القطاعان العام والخاص بشكل غير مباشر على سلاسل التوريد الإقليمية وأعاق بشدة التدفق الإقليمي للتحويلات المالية التي يرسلها العمال الأجانب العاملون في الأسواق ذات الأجور المرتفعة – خاصة داخل دول مجلس التعاون الخليجي – إلى بلدانهم الأصلية.
وأخيرا، فقد تجلى تفاقم تأثير الوباء في صورة إغلاق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وفقدان الوظائف وتوقف نشاطات الأعمال، ما أحدث ضررا دائما لأسواق المستهلكين، وجهود تنمية القطاعات الخاصة والنشاط الاقتصادي الأساسي في الأسواق الإقليمية.
وفي حين بدأت الحكومات تتطلع لتحقيق الانتعاش الاقتصادي، فإن ثمة تساؤلات مهمة تتعلق بالسرعة والمدى الذي يمكن للشركات أن تتوقع فيه عودة النشاط الاقتصادي ببلدانها وقطاعاتها.
ويبدو أنه ليس هناك إجابة بسيطة على تلك التساؤلات، لأن متوسط التعافي الاقتصادي في دول المنطقة سيتباين بين دولة وأخرى وفقا للتوازن القطاعي في الاقتصادات الإقليمية ووضع المالية العامة والظروف الأساسية في كل دولة.
وفي الوقت نفسه، وفرت الاحتياطيات المالية الكبيرة والقطاعات المصرفية ذات رأس المال الجيد والسيولة العالية للعديد من الدول المصدرة النفط في المنطقة درجة تحسد عليها من المرونة المالية والاقتصادية مقارنة بالدول المستوردة. كما كانت حكوماتها أكثر رغبة في الالتزام بإجراءات التحفيز الاقتصادي المهمة. ولا شك أن هذا الأمر يعتبر فارقا بالغ الأهمية من منظور الانتعاش الاقتصادي.
أما مصدرو النفط الذين ليست لديهم احتياطيات مالية كبيرة فقد واجهوا وضعا ماليا أكثر صعوبة، ويعتبر العراق مثالا بارزا حيث يتوقع عجزا بنسبة 22.3% في عام 2020، فضلا عن ضعف الفرص للاقتراض من أسواق الديون العالمية بسبب ضعف تصنيفها الائتماني، كما تم تخفيض تصنيف عمان الائتماني السيادي هذا العام.
وتوقعت المجلة في المراحل المبكرة من الانتعاش من الوباء أن تكون الأسواق المحلية القوية وذات التعداد السكاني الكبير أو ذات التعداد الأقل ولكن لدى المستهلكين قدرة شرائية عالية، أكثر قدرة على الانتعاش من الدول الأخرى.
وستضعف الاقتصادات التي تعتمد على التحويلات المالية من مواطنيها من الخارج بشكل خاص على المدى القصير، حيث يؤدي إغلاق الأعمال وخفض الوظائف وتسريح الموظفين والإجازات الإلزامية غير المدفوعة إلى خفض الدخل المتاح الذي يتقاضاه المغتربون من دول مثل لبنان والمغرب.
وانتهت مجلة ميد الى القول انه على المدى الطويل، ونظرا لأن الآثار الأكثر حدة الناجمة عن الوباء أصبحت واضحة بشكل متزايد، ستتعاظم أهمية الاحتياطيات المالية، وستتقلص الإيرادات الحكومية من كل من المصادر النفطية وغير النفطية لسنوات قادمة، فيما سينخفض الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020 وسيستمر على مسار أضعف مما كان متوقعا قبل الوباء.