لماذا تأجل «الضم»؟* رجا طلب
النشرة الدولية –
هذا هو السؤال الأبرز الذي يطرحه الكثير من السياسيين والرسميين داخل إسرائيل والوطن العربي والعالم، فالحماس والعنجهية اللتان كان يتحدث بهما نتانياهو عن تاريخ الأول من يوليو يجعلان من هذا السؤال مهما للغاية.
هناك أكثر من سبب وراء هذا التأجيل الذي قد يكون بابا واسعا للتراجع عن مجمل قضية الضم التي تعد الطريق الإجباري للبدء بتطبيق ما يسمى «بصفقة القرن»، السبب الأول يتمثل بصلابة موقف جلالة الملك وتحذيراته المتكررة في اتصالاته مع قادة العالم من النتائج الكارثية التي ستحل ليس بعملية السلام المتعثرة أصلا بل بالوضع الأمني في الإقليم والمنطقة ودور جلالته في تصليب ودعم الموقف الفلسطيني الذي من المفترض أن يكون حاجز الصد الأقوى بوجه هذا المشروع، ولربما لا يعلم الكثير من المتابعين للملف أن هذا الدعم هو من وفر «الثقة النفسية والسياسية» لدى الرئيس عباس لرفض استقبال اتصالات ترمب ورفضه بشدة للمقترح الذي عرضه آفي بيركوفيتش المبعوث الأميركي الجديد للشرق الأوسط خلال زيارته إلى إسرائيل مؤخرا والذي دعا فيه الرئيس الفلسطيني لزيارة البيت الأبيض والتفاهم مع الرئيس ترمب بشأن قرار الضم.
أما السبب الثاني فهو الموقف الأوروبي الذي يعتبر المستوطنات وكل أراضي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية أراض محتلة وتحديدا مواقف كل من فرنسا والمانيا وبريطانيا والتي لها الثقل الكبير في التأثير ليس فقط على إسرائيل بل على الإدارة الأميركية نفسها، وقد كان موقف هذه البلدان مزعجا للغاية لواشنطن وتل أبيب في قضية مقاطعة منتجات المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية المسماة (BDS) والذي اثر بصورة كبيرة على اقتصاديات هذه المستوطنات وتكمن أهمية هذه المقاطعة كونها تستند إلى أرضية قانونية تشكل «بعبعا» حقيقيا لإسرائيل وهذه الخلفية هي حكم المحكمة الدولية في لاهاي في العام 2004، والقاضي بأن المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية، وتخرق البند 49 من ميثاق جنيف، الذي يحظر على الدولة المحتلة أن توطن سكانها في المناطق التي احتلتها والذي مازال يهدد قادة الاحتلال والمستوطنين في حال تم تنفيذ قرار الضم.
أما السبب الثالث فيتمثل بالعامل الإسرائيلي نفسه وتحديدا داخل حكومة الائتلاف والتباين في الرأي بين «كحول لافان» و«الليكود» فغانتس ومعه اشكنازي لا يعتبران الضم اولوية بل يعتقدان أنه سيجلب الكثير من الصداع للحكومة، ويضاف لهذا العامل أن تقديرات الاستخبارات العسكرية و«الشين بيت» التي وصلت نتانياهو بشأن الضم هي تقديرات متشائمة وتحذر من الخطوة فيما تقديرات الموساد والتي عادة لا يأخذ بها في مثل هذه الأمور الداخلية جاءت مؤيدة للضم.
هذا التأجيل لا يعني أن نتانياهو استسلم بل مازال خياره الأمثل للتحول إلى زعيم والهروب من المحكمة.