أقوى أداء ربعي للأسهم منذ عام 1998 في الولايات المتحدة رغم أزمة كورونا
النشرة الدولية –
أغلقت الأسهم الأسبوع الماضي على ارتفاعات، متوجةً بذلك أقوى ربع لها منذ عام 1998 وسط تفاؤل المستثمرين بأن الدعم الفيدرالي القوي سيساعد في إعادة الاقتصاد الأميركي إلى عافيته على الرغم من ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة.
يأتي الماراثون القوي لسوق الأسهم في الأسابيع الأخيرة في أعقاب “تصحيح” بنسبة 20 في المئة في وقت سابق من هذا العام، الذي شهد أسوأ ربع له منذ الأزمة المالية لعام 2008. لكن النمو القوي للوظائف في مايو (أيار)، وانتعاش الإنفاق المتعثر للمستهلكين يؤجج آمال وول ستريت في أن الركود الناجم عن الوباء سيكون قصير الأجل.
وأضاف مؤشر S&P 500 للأسهم 1.5 في المئة، أو 47 نقطة، ليصل بذلك مكاسبه منذ نهاية مارس (آذار) إلى 20 في المئة. وارتفع مؤشر داو جونز الصناعي لـ30 سهماً من الأسهم الممتازة بنسبة 0.8 في المئة خلال اليوم، أو 285 نقطة بنسبة 14 في المئة خلال تلك الفترة، في حين ارتفع مؤشر ناسداك المركب للتكنولوجيا بنسبة 37 في المئة.
وقال برنت شوت، كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في نورثويست ميوتشال لإدارة الأصول لشبكة سي بي إس الإخبارية الأميركية، “إن السوق مدعومة باحتمال عدم إغلاق البلاد مرة أخرى، وتوقعات السياسة النقدية الشرسة من قبل الاحتياطي الفيدرالي والأمل في الحصول قريباً على لقاح لفيروس كورونا”. وأضاف “بشكل عام، تتفاعل السوق مع البيانات الاقتصادية التي هي أفضل من المتوقع”.
عمليات الإنقاذ لبنك الاحتياطي الفيدرالي والمشرعون
بنيت الأسهم على المكاسب التي تحققت نهاية الربع الأول، عندما ساعدت وعود بكميات هائلة من المساعدات من الاحتياطي الفيدرالي وكابيتول هيل في وضع حد للسوق، وتدفع أسعار الفائدة المنخفضة عموماً المستثمرين نحو الأسهم وبعيداً عن المدفوعات المنخفضة التي تقوم بها السندات، وقد ثبّت مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة قصيرة الأجل عند أدنى مستوى قياسي له وهو ما يقرب من الصفر.
وقال ديفيد ليون، متخصص الاستثمار العالمي في بنك جي بي مورجان الخاص، “إنها مسيرة مبنية على التحفيز وتفاؤل بولادة لقاح لوباء كورونا”.
ووفقاً للاقتصاديين في وول ستريت، ارتفع إنفاق التجزئة في مايو بنسبة قياسية بلغت 18 في المئة من مستوى أبريل (نيسان) المنخفض للغاية، ووصلت طلبات الرهن العقاري لشراء المنازل الجديدة أخيراً إلى أعلى مستوى لها في 11 عاماً، وساد شعور بالتفاؤل بين شركات بناء المنازل، التي انخفضت في مارس وأبريل، وشهدت أكبر قفزة لها على الإطلاق في يونيو (حزيران).
الإنفاق الاستهلاكي يغذي 70% من إجمالي النشاط الاقتصادي
لم يؤد الركود الناجم عن الفيروس إلى تقنين الإنفاق في معظم قطاعات الاقتصاد فقط، وإنما أيضاً في تسريع التحول بأنماط الاستهلاك وما يشتريه الناس. ومع ذلك، تشير مبيعات التجزئة لشهر مايو إلى أن المستهلكين بدأوا في فتح محافظهم مرة أخرى مع تخفيف القيود. ويعد إقناع المستهلكين بالإنفاق مرة أخرى أمراً ضرورياً لتحقيق انتعاش اقتصادي، نظراً لأن مبيعات التجزئة تمثل ما يقرب من نصف إجمالي الإنفاق الاستهلاكي، الذي يغذي نحو 70 في المئة من إجمالي النشاط الاقتصادي.
وأدت التغيرات بسلوك المستهلك في كثير من الحالات إلى تكثيف الضغط المالي على المتاجر المادية التقليدية وتعزيز عمليات الشراء عبر الإنترنت. وارتفعت المبيعات في متاجر التجزئة خارج المتاجر، التي تشمل شركات الإنترنت مثل أمازون وإيباي، بنسبة 9 في المئة في مايو بعد أن سجلت نمواً بنسبة 9.5 في المئة خلال أبريل. وحققت متاجر كلوثييرس لمبيعات الملابس على سبيل المثال مكسباً شهرياً مذهلاً بنسبة 188 في المئة، ولكن هذا لم يكن كافياً لتعويض انخفاض بنسبة 63.4 في المئة خلال الأشهر الـ12 الماضية بحسب شبكة سي بي أس نيوز الإخبارية الأميركية.
يأتي ارتداد الشهر الماضي على خلفية اقتصاد، ربما يكون قد بدأ ما يمكن أن يكون انتعاشاً بطيئاً ومطولاً. وخلال مايو أضاف أصحاب العمل 2.5 مليون وظيفة، وهي زيادة غير متوقعة تشير إلى أن سوق العمل قد وصلت إلى القاع.
إعادة فتح 80% من المتاجر والمطاعم الصغيرة
وتمت إعادة فتح ما يقرب من 80 في المئة من تجار التجزئة والمطاعم الصغيرة لأعمالهم، الذين تم تتبعهم بواسطة أداة الجدولة “هومبيس”، المغلقة في منتصف أبريل. ومع ذلك لا تزال هذه الشركات الصغيرة تحت الضغط. تعكس ضغوطها جزئياً التغييرات الناشئة حيث أصبح الابتعاد الاجتماعي ضرورياً وفي ظل تطور عادات التسوق.
أحد تجار التجزئة مثل” سي بي دبليو”، وهو متجر لبيع الملابس النسائية يعمل منذ 30 عاماً في مانهاتن، أدى إغلاقه لمدة ثلاثة أشهر، نتيجة تفشي فيروس كورونا، إلى انخفاض مبيعات المتجر بنسبة 20 إلى 30 في المئة حتى عندما قامت المالك ليندا وولف، بتعبئة الطلبات وتسليمها إلى منازل العملاء. على الرغم من أن الشركة أعيد تشغيلها قبل أسبوع، وقالت وولف لسي بي إس، إنها لم تقم بإبرام صفقة بيع من هذا القبيل.
على النقيض من ذلك، تقول بعض السلاسل الوطنية إنها تجنبت حتى الآن أسوأ مخاوفها، وهي علامة على مدى اختلاف الضرر الناتج عن عمليات الإغلاق بشكل كبير عبر مشهد البيع بالتجزئة.
لكن المتخصصين يحذرون من أن بعض المكاسب حتى الآن ربما تعكس تأثير المساعدات الحكومية المؤقتة وتوسيع إعانات البطالة في مواجهة الركود العميق. معدل البطالة مرتفع تاريخياً بنسبة 13.3 في المئة، وفقاً لمقياس الحكومة المعياري، وأسوأ بنسبة 21.2 في المئة وفقاً لأوسع مقياس للبطالة. في الوقت الراهن، ينفق الأميركيون بشكل غير متناسب أكثر على الأساسيات وأقل على الكماليات.
بالنسبة لمجموعة مؤلفة من 35 من تجار التجزئة للبضائع غير الأساسية، بما في ذلك المتاجر وسلاسل بيع المجوهرات، بلغت الخسائر مجتمعة 2.5 مليار دولار لفترة الثلاثة أشهر المنتهية في مايو، وفقاً لـ”غلوبال داتا للتجزئة” مقارنة بأرباحها مجتمعة البالغة 8.9 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.
بالمقارنة كان تجار التجزئة الأساسيون أفضل حالاً، بما في ذلك سلاسل متاجر “الدولار”، ومتاجر المواد الغذائية. بالنسبة لهذه المجموعة، بلغت الأرباح 8.9 مليار دولار للربع، بانخفاض طفيف فقط من 9.1 مليار دولار عن الفترة نفسها من العام الماضي، واستثمرت بعض هذه الشركات بشكل كبير في عملياتها عبر الإنترنت.
وتتوقع شركة “كورسايت للأبحاث”، وهي شركة أبحاث للبيع بالتجزئة، إغلاق ما بين 20 و25 ألف متجر في الولايات المتحدة هذا العام، نحو 60 في المئة منها في مراكز التسوق. وهو أعلى من تقديرات الشركة السابقة في منتصف مارس بإغلاق 15 ألفاً، وسوف يتجاوز 9 آلاف إغلاق قياسي في العام الماضي.
في الأسبوع الماضي، أعلنت كل من سينتت للمجوهرات، وبالاس للأطفال و”وزارا” إغلاق مئات المتاجر، وشددت على الأهمية المتزايدة لوجودها على الإنترنت.
وقال كريج جونسون، رئيس “كستمر غروث بارتنرز”، إحدى المؤسسات الاستشارية للبيع بالتجزئة، “لقد كان أداء قطاع البيع بالتجزئة في حالة مبالغة فيها بالفعل قبل أن يطل وباء كورونا برأسه بالفعل القبيح”.