الرئيس اللبناني يستعجل ترسيم الحدود البحري

النشرة الدولية –

لبنان 24  –

يجهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لإنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية قبل نهاية عهده من دون  تقديم أي تنازل عن حقوق لبنان في استثمار ثروته الغازية والنفطية رغم الضغوط التي يواجهها لبنان لمنعه من استثمار ثروته النفطية والغازية، في حين أن تسريبات سياسية من أكثر من جهة محلية، تشير إلى أن عملية الترسيم ستشهد مداً وجزراً طيلة الفترة المقبلة إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ويأتي ذلك في ظل الرسائل التي حملتها السفيرة الأميركية دوروثي شيا إلى المعنيين على خط المفاوضات في لبنان حيال اتصالات الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين مع إدارة بلاده وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية وكيفية متابعة الموضوع، والتي تركت تفاؤلا عند بعض القوى السياسية بإمكان التوصل إلى اتفاق في حدود شهر أيلول المقبل، علما أن مصادر بارزة على خط حزب الله اعتبرت أن المسيّرات اتت عقب الانطباعات السلبية التي رافقت جولة شيا والتي حملت طرحاً إسرائيلياً يضرب عرض الحائط الطرح اللبناني الرسمي الذي نقله هوكشتاين إلى تل ابيب ويقوم على مقايضة حقل قانا بحقل آخر غير كاريش الذي تعتبره إسرائيل حقلا لها.

Doc-P-968804-637926976781252640.jpg

يبدو أن الخط 29 استبعد عن أي مسار تفاوضي ولم يعد له أي قيمة في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان و العدو الاسرائيلي. يقول مصدر سياسي بارز لـ”لبنان24″، و هو أمر وضع حزب الله في موقف صعب و دقيق ومعقد.  فالحزب على مستوى الداخل اللبناني لا يمكنه الاستغناء عن الغطاء المسيحي الذي يوفره له كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وهما يعرفان ذلك جيدا، ومن جهة أخرى لا يستطيع  التماشي مع  طروحات ميرنا الشالوحي تجاه ملف الترسيم ربطا بطبيعته الايديولوجية وبيئته السياسية وشعاراته التي تتناقض مع قناعات باسيل التي تعتبر ان لا خلاف ايديولوجيا مع اسرائيل وصولا إلى امتناع الرئيس عون عن توقيع التعديل على مرسوم تعديل الخط  الذي وضعه الوفد اللبناني المفاوض، الأمر الذي حرم لبنان قانونيا من اعتبار حقل كاريش منطقة متنازل عليها، وهذا من وجهة نظر القانون الدولي.

حزب الله في موقف لا يحسد عليه فهو أعلن بوضوح أنه خلف الدولة اللبنانية في كل ما تقرره في ملف الترسيم  وبالتالي عليه الالتزام بما يقرره الرئيس عون حول هذا الموضوع بصفته هو من يفاوض في الاتفاقيات و المعاهدات الدولية، يقول المصدر نفسه.

من وجهة النظر الأوروبية والغربية قد ارتكب حزب الله خطأ في إرساله للمسيّرات فوق اراض ليست له، بغض النظر ان كانت المنطقة التي يطلق عليها العدو اسم كاريش إسرائيلية أم لا ، و بغض النظر إن كان الخط 29 هو خط تفاوضي لتقسيم الحدود او للتفاوض حول أمر آخر لا علاقة له بالحدود و السيادة. فمسيرات حزب الله، بحسب المصدر نفسه، لم تخترق الحقوق بل اخترقت المسار الدبلوماسي الذي رسمه الرئيس عون وباسيل خاصة وأن المفاوضات اليوم هي حول حقول وليس حول خطوط.

هذا الاختراق للخط الدبلوماسي المرسوم من قبل قصر بعبدا سيعطل المسار التفاوضي المعلق والمتعثر وسيعطي مبررا للوسيط الاميركي بعدم العودة إلى مهمته إلا وفق شروط اميركية – اسرائيلية قد تكون ثقيلة جدا ولا قدرة للبنان على تحملها، سياسيا وشعبيا واقتصاديا.

بحسب مصدر سياسي مطلع على الحراك الدبلوماسي في لبنان ، فإن إن هذه المسيّرات جاءت لتقول ان المفاوض الخفي هو حزب الله و ليس الرئيس عون الذي تشرف ولايته على الانتهاء بعد أقل من 100 يوم ، وعادة ما تكون منتهية حكما في الدول الديمقراطية. ولا يتوقع المصدر عودة المبعوث الأميركي للعب اي دور قبل انتخاب رئيس جديد للبنان وهو امر سيتزامن مع بداية استخراج النفط من حقل كاريش في تشرين الاول المقبل.

وبانتظار هذه الاستحقاقات كان موقف وزير الخارجية عبد الله بو حبيب منسجما مع موقف تياره السياسي ومنسجما مع دوره كوزير ومع بيان الحكومة لجهة رفض تعطيل المسار الدبلوماسي التفاوضي. مع علمه الأكيد ان لا حرب و لا رد اسرائيليا في الوقت الراهن، فهذه الرحلات الاستطلاعية للمسيّرات وفق وجهات النظر الغربية لا تشكل خطرا على أمن سفينة استخراج النفط والغاز التي وصلت إلى حقل كاريش، مع اشارة المصدر إلى احتمال ان تلعب فرنسا دورا عند حزب الله في ضبط حركة المسيّرات لا يمكن الرهان عليه، خاصة وان شركة “توتال” الفرنسية معنية بالتنقيب عن الثروة النفطية في المياه اللبنانية، الا ان الحزب لا يبدي ارتياحه  لهذه الشركة” لأنها لا تقوم بعملها وتخضع للضغوطات الاميركية” وفق قوله، مع الاشارة إلى ان رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد يائير لبيد توافق والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء على ضرورة تعزيز فرص التوصل لاتفاق في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين اسرائيل ولبنان لاستكشاف حقول الغاز. وهذا الموقف اشبه برسالة اسرائيلية إلى حزب الله، بعدم رغبته بالتصعيد، واستغلال الحاجة الاوروبية للغاز والنفط لتمرير ما يمكن تمريره بأقل الخسائر الممكنة، خاصة وأن إسرائيل تعول على دور فرنسي تجاه حزب الله مباشرة وعبر إيران لعدم التصعيد.

مع ذلك، لا يمكن وفق المصدر نفسه الربط بين المسيرات وما يجري من حروب استخباراتية في المنطقة سواء في إيران أو سوريا أو العراق فلهذه الحروب أجندات وحسابات أخرى مختلفة إلا في ما خص منع لبنان من الإسفادة من غازه و نفطه، وهو امر له وجهان: داخلي لبناني يتمثل أولا بالانقسامات الطائفية وغياب أي مشروع وطني عام لدى أركان الدولة الطائفية والذي يزداد تجذرا ، ودولي – اقليمي يتصل بملفات التفاوض المفتوحة في الدوحة وبغداد وهامشية لبنان فيها.

زر الذهاب إلى الأعلى