على ماذا يكون الرهان لشركة لا تحقق أرباح تقريباً… “تسلا” وصعودها الصاروخي؟

النشرة الدولية –

احتفلت شركة “تسلا” بمرور 10 سنوات على إدراجها في سوق الأسهم الأمريكي بأفضل طريقة ممكنة وهي صدارة قائمة أكبر شركات السيارات قيمة في العالم.

وجاء صعود الشركة التي تحمل اسم الفيزيائي “نيكولا تسلا” لقمة القائمة بعد سنوات طويلة من الشك والأنباء السلبية والرهان المستمر على انهيار وشيك.

ورغم أن الواقع يظهر نتائج مالية ضعيفة وإنتاجا يبتعد كثيراً عن عمالقة الصناعة حول العالم، فإن المستثمرين يراهنون على المستقبل الذي قد يحمل سيطرة “تسلا” على سوق السيارات الكهربية.

الشك والخسائر ورهانات الفشل

الزمان: 25 يوليو 2019

الحدث: سهم تسلا يشهد واحدة من أكبر خسائره اليومية والتي بلغت حوالي 14% ليغلق عند مستوى 228 دولارا بعد خسائر مالية حادة وإيرادات أقل من التوقعات ومغادرة كبير مسؤولي التكنولوجيا والمؤسس المشارك “جي.بي ستربول” لمنصبه.

ولم تكن خسائر سهم تسلا والأخبار السلبية المتعلقة بالشركة حدثاً فريداً في هذا الوقت، لكنها كانت بمثابة “الواقع الطبيعي” آنذاك.

ورغم تحقيق الشركة معدل تسليمات قياسيا في الربع الثاني من العام الماضي تجاوز 95 ألف سيارة، فإن هبوط متوسط سعر البيع جعل نزيف الأموال يتواصل بوتيرة تتجاوز التوقعات.

وفي الفصلين الأول والثاني من العام الماضي سجلت “تسلا” صافي خسائر بقيمة  702 مليون و408 ملايين دولارعلى التوالي.

ولم تقتصر مشاكل شركة السيارات الكهربية على الخسائر المالية والفشل في تحقيق مستهدفات الإنتاج والتسليم فحسب، لكن المؤسس والرئيس التنفيذي كان له نصيب كبير من أسباب المعاناة.

ورفع “إيلون ماسك” توقعات المستثمرين بشكل كبير فيما يتعلق بالإنتاج والتسليم ما جعلهم لا يقبلون نتائج أقل حتى لو كانت أفضل كثيرا من الأعوام الماضية، مثلما حدث بالنسبة للتسليمات في عام 2018 والتي جاءت أعلى من كل السنوات السابقة مجتمعة.

كما تسببت تعليقات “ماسك” الغريبة وغير المعتادة في عالم الرؤساء التنفيذيين في قلق المستثمرين وهجوم الإعلام ووضعت ضغوطاً سلبية إضافية على السهم.

وكانت تغريدة “ماسك” في أغسطس 2018 بشأن تحويل الشركة من مؤسسة عامة مقيدة في البورصة إلى كيان خاص ثم التراجع لاحقا عن هذا الإعلان سبباً في تحقيقات من هيئة البورصات الأمريكية تبعها عقوبة صارمة بغرامة 40 مليون دولار مناصفة بين “تسلا” و”موسك” بالإضافة إلى إجبار الأخير على التنحي عن منصب الرئيس التنفيذي لمدة 3 سنوات.

وبالتالي لم يكن لدى مستثمري الشورت سيلينج أو الاقتراض بغرض البيع هدف أكثر إغراءً مثل “تسلا”، حيث كان 29% من الأسهم المتاحة للتداول في شهر مايو 2019 داخلة في عمليات إقراض للمستثمرين المراهنين على هبوط السهم أكثر.

وفي سبتمبر 2019، كانت تسلا في المرتبة السابعة في قائمة أكبر شركات السيارات في العالم، مدفوعة فقط بالأمل لدى بعض المستثمرين حول المستقبل وما يمكن أن يجلبه لشركة للسيارات الكهربية عمالقة محركات الوقود.

قطرات الإيجابيات تنهال

جاءت الأسابيع الأخيرة من العام الماضي لتكون بمثابة نقطة التحول في نظرة المستثمرين لشركة “تسلا”.

وبعد تقديم شاحنة “سايبرترك” التي فاجأت المتابعين، بدأت “تسلا” في تسليم سيارات من مصنعها الجديد في شنغهاي الصينية بعد أقل من عام واحد من بدء إنشاء المصنع، ما يكفل لها الانتشار الأوسع في أكبر سوق للسيارات في العالم.

وبعد أسابيع قليلة، أعلنت “تسلا” تحقيق معدل تسليمات قياسي في الربع الأخير من العام الماضي لتتجاوز توقعات المحللين.

وسلمت الشركة 112 ألف سيارة حول العالم في الثلاثة أشهر الأخيرة من 2019، لتتوافق أخيراً الأرقام المحققة مع الأهداف المعلنة لـ”موسك”.

وفي إجمالي عام 2019 سلمت “تسلا” نحو 367 ألف سيارة للعملاء، وهو ما يعادل زيادة بنحو 50% مقارنة بالعام السابق له.

وأصبحت الشركة التي تمتلك مصنعين في “فيرمونت” الأمريكية و”شنغهاي” الصينية وتعمل على بناء ثالث في ألمانيا لديها 4 سيارات وهي “موديل إس” و”موديل 3″ و “موديل إكس” و”موديل واي”.

وتواصلت الأخبار الإيجابية في أبريل الماضي بإعلان “تسلا” تحقيق أرباح مفاجئة في الربع الأول من العام الجاري مع زيادة الإيرادات وزيادة السيولة النقدية التي في حوزتها لأكثر من 6 مليارات دولار.

وفي منتصف الشهر التالي، قرر “موسك” تحدي السلطات الحكومية وإعادة العمل في مصنع “فيرمونت” رغم استمرار عملية الإغلاق الوطني للسيطرة على تفشي وباء كورونا.

وبعد أيام من احتفال الشركة التي تأسست قبل 17 عاماً بالذكرى العاشرة للطرح في سوق الأسهم، تمكنت من التربع على صدارة شركات السيارات العالمية متجاوزة “تويوتا” التي أنتجت 2.4 مليون سيارة في الربع الأول من العام الحالي مقابل 103 آلاف سيارة فحسب لـ”تسلا”.

الشركة التي طُرحت في بورصة ناسداك في التاسع والعشرين من يونيو عام 2003 بسعر 17 دولاراً لكل سهم وبقيمة إجمالية تبلغ 1.7 مليار دولار، بلغت قيمتها السوقية بنهاية جلسة الثالث من يوليو 2020 حوالي 224 مليار دولار مع وصول سعر السهم لأكثر من 1208 دولارات.

وتأتي قفزة السهم من 418 دولارا في نهاية العام الماضي لتعني تحقيق صعود بنسبة 189% تقريباً منذ بداية العام الحالي.

ولم تنجح “تسلا” في احتلال صدارة قائمة شركات السيارات العالمية فحسب، لكنها تجاوزت القيمة السوقية لشركات “جنرال موتورز” و”فورد” و”فيات كرايسلر” مجتمعة.

وجاءت مكاسب سهم “تسلا” مستفيدة من الأنباء الإيجابية للشركة وسط مع معاناة شركات السيارات التقليدية في العالم من تراجع المبيعات وتوقعات اتجاه المستهلكين للمركبات الكهربية الصديقة للبيئة في السنوات المقبلة.

وأعلنت شركة السيارات الكهربية الوصول بمعدل التسليمات في الربع الثاني من العام الحالي لمستوى 90.650 ألف وحدة، لتتجاوز بسهولة كل التوقعات.

ورغم هبوط تسليمات “تسلا” بنسبة 5% في الربع الثاني على أساس سنوي، فإنها جاءت أفضل من التقديرات في فترة الإغلاق بسبب الوباء العالمي، بالإضافة إلى الهبوط الأكثر حدة بالنسبة لشركات السيارات الأخرى مثل جنرال موتورز وتويوتا وفورد وغيرها.

وعند سؤال “ماسك” عن تعليقه حول ارتفاع ثروته 20 مليار دولار منذ مارس الماضي لتصل إلى 46 مليار دولار، رد الملياردير الأمريكي: “الحقيقة أنني لا أهتم تماماً، هذه الأرقام ترتفع وتهبط، لكن ما يهم فعلاً هو عمل منتجات يحبها الناس”.

هل تستحق بالفعل؟

لكل قصة جانبان متضاربان، وفي حين قفزت تسلا لصدارة شركات السيارات العالمية فإن الشكوك لا تزال تحيط بمدى منطقية الأمر.

ويتداول سهم “تسلا” حالياً بنحو 230 مرة مثل الإيرادات المتوقعة في العام الحالي، وهو ما دفع مؤسس الشركة نفسه “موسك” للحديث عن السعر المرتفع للغاية للسهم حالياً.

وفي حين يرى محللون أن تقييم شركة السيارات الكهربية مبالغ فيه بالنظر إلى حجم الإنتاج وحقيقة عدم تسجيل أرباح سنوية حتى الآن، فإن آخريين يراهنون على المستقبل وحده.

ويبلغ متوسط توقعات المحللين للسعر المستهدف للسهم حالياً 710 دولارات وهو ما يقل كثيراً عن سعر السوق، كما أن معظم التوصيات تتمثل في “بيع السهم”.

لكن الجانب المتفائل بمستقبل “تسلا” يتحدث عن احتمالية نمو إضافي لأعمال ومبيعات الشركة بسبب الطلب المتوقع في الصين بعد تشغيل مصنع شنغهاي، بالإضافة إلى الاتجاه السائد عالمياً للطاقة النظيفة.

ورغم جدلية الحديث عن الواقع وشكل المستقبل، فإن الحقيقة الوحيدة حالياً تتمثل في أن الشركة الأمريكية أصبحت أكبر صانع للسيارات في العالم متجاوزة كل شركات العهد القديم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى