وعد الشباب “بفتح أبواب المستقبل”… الرئيس الدومينيكاني الجديد لويس أبي نادر: الأمر لي!
بقلم: نوال نصر
أضاءت الأسهم النارية السماء، وصدحت أصوات المفرقعات، وعلت أغنيات الثورة والتصفيق والزمامير والهتافات. اللبناني لويس رودولفو أبي نادر كورونا، إبن بسكنتا، البلدة الرابضة على كتف جبل صنين، بات رئيس دولة الدومينيكان.
المسافة الجوية بين جمهوريتي لبنان والدومينيكان تبلغ 10,244 كيلومتراً، عَبَرَها ذات يوم في قديم الزمان جدّ “صاحب الفخامة الدومينيكاني” جوزيف ساسين أبي نادر هرباً من نير الأمبراطورية العثمانية، وحسنا فعل. فهناك نجح حفيده لويس في تبوؤ سدّة الرئاسة في بلاد بعيدة، بعد نضال وتعب وجهد وعرق وتحدّ، في حين أن لبنانيين كثراً فعلوا كل هذا، متشبثين بوطنٍ، لكنهم نزلوا الى القعر!
قبل أن يُصبح رئيساً زار أبي نادر بيروت وشارك في مؤتمر الطاقة الإغترابية اللبنانية في أيار العام 2017، الذي وقّع فيه الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري على أول مرسوم لاستعادة الجنسية اللبنانية. ويومها استعاد لويس أبي نادر جنسيته الأم، فبات دومينيكياً- لبنانياً أما نحن فيحلو لنا أن نقول عنه اللبناني- الدومينيكاني. فلبنان يفترض أن يكون أولاً. لكن، لو بقي إبن بسكنتا في لبنان لأصبح، مثل كل من بقوا، مواطناً إلا!
يتكلم الإسبانية، ولا يعرف من العربية سوى كلمات قليلة بينها: “أهلا وسهلا”! يحلو له أن يرحب بها بأكثر من مئة ألف دومينيكاني يتحدرون من أصول لبنانية. يملك من العناد ما يجعل كل من يعرفه يقول عنه “لبناني قح”، لكنه عناد في اتجاه الحق والعدالة والتطوير ومكافحة الفساد. ترشح مرتين الى رئاسة الدومينيكان والثالثة أتت ثابتة. وأتت في أدقّ فترة زمنية في عمر بلده الأم وفي زمن ظهور فيروس كوفيد- 19 أو لنقل كورونا. وكيف لا وهو يحمل كنية والدته “كورونا” وأصيب في حزيران الماضي بكورونا وكلّ من نصحه همساً أن يزيل هذه الكنية عن أوراق ترشحه نال نصيبه من غضبه. وحين يغضب ينفعل وحين ينفعل يسلك طريق العمل وفق قاعدة: الى الأمام سرّ. غريبٌ هو هذا الرئيس- الشاب، الذي يحتفي بعيد ميلاده الثاني والخمسين في الثاني عشر من تموز هذا، فهو يملك إبتسامة تُريح من يحيطون به لكنه، في نفس الأوان، يملك نظرة محببة لكن جازمة تقول: الأمر لي.
هو خامس لبناني يتبوأ رئاسة جمهورية في أميركا اللاتينية. اللبنانيون يرفعون في العالم الرأس. أسس أبي نادر في العام 2014 “الحزب الثوري العصري”. يؤمن هو بأن الجبناء لا يكتبون التاريخ. لكنه، للأسف، لم ينتبه الى بلده الأم وهو يثور في اتجاه كتابة تاريخ البلد الذي لجأ إليه أجداده. خسره لبنان مثلما خسر كثيرين مثله. ربحته دولة الدومينيكان. هو وعد الشباب هناك “بفتح أبواب المستقبل” ودعاهم الى أن “يحددوا بأنفسهم مستقبلهم”، و”بالعمل بإخلاص وشفافية وأمانة وإيمان بالله لبناء بلد مختلف وحكومة تفكر بشعبها”. هو يتكلم طبعاً عن الدومينيكان.
مؤمنٌ جداً واستعان قبيل فوزه بعبارة “وأنتم تعرفون الحق والحق يحرّركم” من إنجيل يوحنا 32:8. درس الإقتصاد وإدارة المشاريع ويفهم في تمويل الشركات والهندسة المالية والإدارة المتقدمة. هو يفهم بكل ما يحتاج إليه لبنان لكنه لبناني مهاجر رئيس الدومينيكان. وحسنا هاجر جدّه.
أبٌ لثلاث صبايا هنّ: غراسييلا لوسيا، إستير باتريسيا، وأدريانا مارغريتا. وثلاثتهنّ مع زوجته راكيل أربجي، ذات الجذور الفلسطينية، يهندسنَ معه حياته. هم عائلة لبنانية نموذجية في الإغتراب تضافر أفرادها وانتصروا.
حنينه كبير الى لبنان، قد تلمع عيناه حين يتكلم عنه، وقد يحلم في نومه بنفسِهِ يسرح في جنبات بسكنتا التي أنجبت ميخائيل نعيمة، وقد ينبض قلبه كثيراً حين يتم ذكر لبنان أمامه (كما يقول)، لكنه حين يستفيق يدرك أن المستقبل هناك، حيث أصبح، لا هنا، حيث ولد أجداده. ناشطٌ على “تويتر” و”الفيسبوك”. ويُعرّف عن نفسه عبر “السوشيل ميديا”: “دومينيكاني، زوج وأب ودافعي الأكبر هو خدمة الناس”. كم هو جميل هذا الدافع.
“نيال الدومينيكان به”. هناك من قالها. والدومينيكان، الجمهورية الوحيدة التي تضع الإنجيل على علم البلاد مع غصن زيتون وثلاث كلمات: الربّ، الوطن، الحرية، تبدأ معه ولاية جديدة مدتها أربع سنوات (2020-2024) وعد أن تتضمن كثيراً من التغيير وهو ما يتوق إليه 10 ملايين دومينيكاني. “وهو تغيير سيجلب الوظائف والأمن والفرص للجميع”.
بين لبنان والدومينيكان قنصلية تحولت حديثاً الى سفارة، ومئة ألف لبناني- دومينيكاني، ورئيس لتلك البلاد من رحم هذا البلد. تُرى، هل خسر لبنان لويس رودولفو أبي نادر كورونا أم ربحه؟ اللبنانيون التعساء “زغردوا” له، ولقدرات اللبنانيين أينما وجدوا، وردّدوا: نيال يللي إلو مرقد عنزة بالدومينيكان!
نقلاً عن موقع “نداء الوطن” الإخباري اللبناني