الأمن اللبناني يمنع صحافيين من التصوير في الشارع!

النشرة الدولية –

في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان، حيث بات 45% من سكانه يعيشون تحت خط الفقر وطالت البطالة فيه أكثر من 35 بالمئة من القوى العاملة، وبعد كل القمع الذي واجه المحتجين المعترضين على الطبقة الحاكمة، يبدو أن السلطات قررت منع الصحافيين من إيصال “وجع” المواطنين قبل الحصول على إذن.

وفي خطوة غير مسبوقة بدأت بعض الأجهزة الأمنية اللبنانية منع الصحافيين من التصوير في الشارع واستصراح المواطنين عن الأوضاع المعيشية قبل الحصول على إذن مسبق من مديرية المخابرات التابعة للجيش، بحجة أن “الوضع الاقتصادي يفرض ذلك”.

وكشف مركز الدفاع عن الحريات الاعلامية والثقافية (سكايز) عبر موقعه الإلكتروني أن عناصر أمن بلباس مدني اعترضوا يوم الإثنين الماضي فريق عمل قناة “فرانس 24” ومراسلة محطة “الشرق” من بيروت وطلبوا منهم الحصول على ترخيص مسبق للسماح لهم بإجراء مقابلات صحافية مع المواطنين في شارع الحمرا، وهو واحد من أبرز معالم العاصمة بيروت.

مراسلة “الشرق” مها حطيط قالت لمركز “سكايز”: “أثناء تصويرنا في شارع الحمرا توجّه صوبنا شخص باللباس المدني وعرّف عن نفسه أنه مؤهل من مخابرات الجيش، وبعد أن طلبْنا بطاقته وتأكدنا أنه من المخابرات، قال لنا إننا لا نستطيع التصوير من دون الحصول على إذن وتصريح من مديرية التوجيه في مخابرات الجيش، وأن هذا الإجراء جديد ويُطبّق في كل لبنان”.

كما نشرت “فرانس 24” تقريرا عن الحادثة التي تعرض لها مراسلها في بيروت شربل عبود، وشرح كيف تم اعتراض عمله، وقال: “طلب العناصر بلباس مدني بطاقتي الصحافية وهوّيتي وقاما بتصويرهما، فاعترضت على ذلك وأخبرتهما أن ما يقومان به مخالف للقوانين، خصوصاً وأنهما بلباس مدني وليسا مخوّلين القيام بذلك”، وبعد إجرائه سلسلة اتصالات بضباط في المخابرات للتأكد من صحة ما يقوله العناصر، اكدوا له أن هناك “إجراءات جديدة نظراً إلى الأوضاع الراهنة”.

وأثارت 4 حالات انتحار يومي الجمعة والسبت الماضيين موجة من ردود الفعل المنددة بالأداء الرسمي في إدارة الأزمة، وخصوصا لارتباطهم بالضائقة المعيشية جراء الانهيار الاقتصادي المتسارع في البلاد.

شهد لبنان خلال اليومين الماضيين 4 حالات انتحار، وهو رقم مهدد بالارتفاع مع مرور كل يوم في الانهيار المتسارع الذي يُعدّ الأسوأ في البلاد منذ عقود، لم تستثن تداعياته أي طبقة اجتماعية.

وشهد شارع الحمرا، الذي منع التصوير فيه، واحدة من حوادث الانتحار هذه، حيث أقدم مواطن (61 عاماً) في وضح النهار، وفي فسحة أمام مبنى في الشارع المزدحم على الانتحار بإطلاق رصاصة من مسدس كان بحوزته.

وترك قربه نسخة عن سجله العدلي ملصقة على ورقة كتب تحتها بخط اليد شعار “أنا مش كافر” (لست كافراً) تيمّناً بمطلع أغنية ثورية لزياد الرحباني، يليها عبارة “بس (لكن) الجوع كافر” في دلالة على الأرجح إلى وضعه المعيشي الصعب.

ويشهد لبنان أزمة مالية واجتماعية غير مسبوقة، وهو طلب مساعدة من صندوق النقد الدولي بعد الإعلان عن خط إصلاح وإنعاش اقتصادي لم تطبّق بعد، لكنّ المفاوضات مع صندوق النقد تراوح مكانها، وقد أقرّت مديرة الصندوق كريستالينا جورجييفا في نهاية يونيو بعدم وجود أي اختراق يلوح في الأفق.

وتترافق الأزمة مع تراجع غير مسبوق في قيمة الليرة، إذ تخطى سعر صرفها مقابل الدولار عتبة التسعة آلاف هذا الأسبوع، فيما السعر الرسمي مثبت على 1507 ليرات. وتسبّب ذلك بموجة غلاء جنوني وتآكل القدرة الشرائية لشريحة واسعة من اللبنانيين.

وساهمت الأزمة في إطلاق انتفاضة شعبية غير مسبوقة في أكتوبر ضدّ مجمل الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وسوء الإدارة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى