مّسْخَرَةُ الضَّمِّ ملهاة وسراب… إضاءة على المشهد في فلسطين المحتلة
بقلم: الدكتور سمير محمد أيوب

النشرة الدولية –

المسألة في فلسطين ومعها ليست رمادية. ولن تكون جزئية أو انتقائية. الصراع مع العدو وجودي شمولي جمعي. لا يجوز فيه ومعه إلا الإصرار على أن نكون أو نكون (مش لا نكون).

الاحتلال ليس قدَراً شائناً وإن كان مصيبةً . شريطة الإيمان المطلق، أنّ الأنبل والأصوب والأفعل  لوضع حدٍّ له، هو إشهار كل أسلحة القوة بالتلازم في وجهه. وبالتوازي، مقاومة مصائب المتواطئين  من كلاب الصيد العربية ، ومصاعب اتباع الوهم والضلال والفتات ، من أشباه الرجال والمجاميع والجماعات المتخاذلة والصامتة.

يُقال أنّ مسرحية الضم التي يروج لها، هي كتوأم لمسرحية غصن الزيتون، ومصيبة سلام الشجعان، ترتكب كل دقيقة موبقة في فلسطين، عبر متصهينين من اوسلويين (لأن بعض الأوسلويين لم تكتمل صهينتهم بعد، فهم ما زالوا في مرحلة الوهم الأبله).

بالطبع وبالتأكيد، فلسطين تعج بأصحاب البسطات والالقاب والمناصب والمكاسب. في دهاليز المصالح الصغرى (اسرية او عشائرية ، تنظيمية او مصلحية)، ممن لا يقلون أوسلوية عن أرامل وأيتام ولقطاء وصغار عبيد أوسلو، سيئة الصيت والسمعة والمصير. أما المُقعدون على مساطب المسرح الرسمي في وطن الجبارين، فهم بلا شكّ، أكثرهم تراجيدية.

لم تغفل لعنة غصن الزيتون وسلام الشجعان، ولن تغفل ملهاة الضم (وكأن هناك شيئا لم يضم حتى الان)، أيّ مفصل في الصراع مع العدو إلّا ولوثته. بدءا من طُهر النوايا، وأوّل الرصاص والحجارة،  المتوضئ بشلالات من دم أطهر الشهداء، ووجع الجرحى، وإرادة الأسرى الفولاذية، وصبر ملايين الجبارين، ممن هم تحت الاحتلال، ومواجع الشوق في المنافي القريبة والبعيدة.

تلفتوا حولكم وفي كل اتجاه، لترطم ابصاركم واسماعكم وقلوبكم وعقولكم، ببنادق مؤجرة لحماية العدو وأمنه. إنكشاريون يلوثون الوجدان الوطني، ويحاولون تجفيف منابع العنفوان فيه. يجهضون بشكل مبرمج عزم الشباب واراداتهم. تمجيد لقديم الاصنام وجديدها. مزارع وتكايا واقطاعيات اسرية، تلد كل يوم أكلة الجبنة، من ابناءٍ وأحفادٍ وأقرباء وأنسباء وأبناء حارات. حرائر تُغتصب. بطونٌ تُجوّع لسلب إرادتها أوإلهائها أو تدجينها. تزاحم حول بؤر النهب والسلب واللّهط والشفط والعَرْط.

وبسوء نية او بصيرة او عن جهل، يأتيكم من يعيب على الموجوعين إن إرتفع لهم صوت أو صرخوا. الله يرحمك يا مظفرالنواب. قُلْ لهم للمرة المليون:  أولاد القحبة، ألا تصرخُ مُغتَصَبَة؟!!!!

أيها المتخمون بفضل مناصبكم ومكاسبكم، لا يعيبَنَّ أحدٌ منكم، على أيٍّ من الجبارين في فلسطين أوخارجها، إنْ تأفَّفَ أو تشكَّكَ أو شتم.  فالمشاهد التراجيدية متواترة، ترهيب وتجويع وترويع، تكاد أن لا تفصل بين مآسيها بُرهة استراحة، منذ انطلاق العرض الأوسلوي، المتصل منذ أكثرمن ربع قرن. أخشى ما نخشاه، أن لا يغادر المسرح، إلا كما توقعت هاملت الشكسبيري، بمصرع كل الحواة، اخيارهم واشرارهم.

فهم أناس فضّلوا حماية مصالحهم على حماية ناسهم. يحتمون في ظلال عدو ما زال يتعاطف معهم. متغافلين عن حقائق الحياة التي تؤكد: أنّ ”الثوب المستعار”، لا يغطي عورة، ولا يمنح دفئا او أمانا. لن يستطيع أحد أن يحشو قلوبكم بشي من العز، مادمتم ترغبون بذل الاحتلال.

ولاننا موقنون، ان كل ما يدور فيكم أو من حولكم أو يُعدُّ لكم، لا يتحكم فيه أحد غير طمع شهواتكم، وفساد هوانكم على انفسكم، قبل اعدائكم، لن نبكيكم، وبالطبع لن نقبل بكم عزاءً، إن كنتم لا تعلمون.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى