«كوما سياسيّة» لما بعد الأربعاء… وخطوة نصار ليست الأولى
بقلم: جويل بو يونس

الديار –

فيما كانت الزيارة الثالثة للرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى بعبدا متوقعة في الايام الماضية قبل عيد الاضحى، عملا بما قاله بعد لقائه المطران الياس عودة من انه «سيزور الرئيس بهاليومين»، حزم ميقاتي امتعته وسافر لامضاء عطلة العيد في الخارج مع عائلته، فلم يشهد القصر الجمهوري اي اجتماع جديد تطرح على طاولته صيغة حكومية إما منقحة او جديدة، ليتحوّل السؤال من: متى الزيارة الجديدة الى لماذا لم يزر ميقاتي بعبدا؟

مصادر مطلعة على جو الرئيس المكلف تكشف بان لا شيء جديدا لديه ليطرحه على طاولة بعبدا، نافية ما يحكى من انه اراد التكليف لكي يبقي التأليف في جيبه. وعن السبب الذي يمنع ميقاتي من زيارة القصر، اكتفت المصادر بالقول: «انه مستعد كل دقيقة يطلع على بعبدا اذا اتته اشارات ايجابية حول مجموعة نقاط طرحت سابقا في اجتماع الرجلين»، وعادت المصادر لتؤكد بان ميقاتي سيزور بعبدا بعد عطلة العيد.

على خط بعبدا، تكشف اوساط بارزة انه كان يفترض ان يعدّل ميقاتي تشكيلته، ويحملها معه وفق الملاحظات التي قدمها له رئيس الجمهورية ميشال عون في اجتماعهما الثاني، تمهيدا لطرحها في الاجتماع الثالث الذي قيل انه سينعقد بين الطرفين، الا ان الرئيس المكلف لم يقدم على هكذا خطوة، وتختم الاوساط : لذا يبدو ان الموعد لم يحدد، واي لقاء جديد لم يحصل، باعتبار ان اي شيء لم يتبدل، نافية ان يكون ميقاتي قد طلب اي موعد ولم يلق طلبه استجابة.

بالانتظار، ادار وزير السياحة وليد نصار محركاته «التوفيقية» بين البلاتينوم وبعبدا، فزار الجمعة الماضي القصر الجمهوري بعيدا عن الاعلام، خرج بعدها كما دخل بلا اعلام، وعلى الرغم من محاولة الاطراف المعنية التكتم حول مضمون ما حمله نصار للرئيس عون، فالمعلومات تؤكد ان خطوة نصار لم تكن الاولى، فالرجل الذي ترك بصمة في وزارة السياحة اثبت انه «محنك سياسيا»، هو المعروف عنه انه صديق الرجلين، اي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، كما صديق لرئيس التيار جبران باسيل ويفتخر بهذه الصداقة، على حد تعبير نصار شخصيا في احدى المقابلات التلفزيوينة، وكان دخل منذ فترة على خط الوساطات، ونقل بعض الرسائل الحكومية على خط السراي – ميرنا الشالوحي – بعبدا، بعيدا عن الاعلام وكلها بقيت في اطار الكتمان، حيث رفض حتى اللحظة الافصاح عن اي منها.

وفي هذا الاطار، تؤكد اوساط متابعة بان نصار الذي بات «مرسال المراسيل ليس السياحية فحسب بل السياسية ايضا»، لن يألو جهدا في محاولة تقريب وجهات النظر، ان استطاع ذلك، ليس فقط على خط بعبدا – السراي، انما ايضا على خط ميرنا الشالوحي – بنشعي، نظرا للعلاقة الممتازة التي تربط صاحب «اهلا بهالطلة « بالنائب طوني فرنجية وعبره برئيس «تيار المردة» وبرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل.

 

على اي حال، وبانتظار عودة ميقاتي المرتقبة يوم الاربعاء، تجزم اوساط موثوقة بان الوضع السياسي دخل في «كوما سياسية» لما بعد الاضحى، لا بل تقول الاوساط : يبدو ان الحكومة بكوما سياسية، فميقاتي سافر وسفّرها معه، والملف طار ليس لما بعد عيد الاضحى اي لما بعد يوم الاربعاء فحسب، انما لما بعد عهد الرئيس عون!

ولكن ماذا لو فعلها رئيس الجمهورية وطلب من الوزراء المسيحيين المحسوبين عليه الاستقالة؟

على هذا السؤال ترد مصادر متابعة بالقول: «لا نعتقد ان استقالة الوزراء المسيحيين هي الخيار السليم، فهذا الامر يعني تعطيل الحكومة، وهذا الامر «يخسّر العهد ويعطي ميقاتي ورقة البقاء لتصريف الاعمال وادارة شؤون البلاد اذا وقع الفراغ».

هذا في السياسة، اما دستوريا، يوضح الخبير الدستوري والأستاذ الجامعي الدكتور عادل يمين بأنه ليس من استقالة من حكومة مستقيلة، لأنّ الحكومة عندما تكون مستقيلة أو معتبرة مستقيلة فهي تكون كذلك بكليتها، أي برئيسها وبجميع أعضائها، علماً بأنّ الحكومة الحاضرة تحولت إلى حكومة معتبرة مستقيلة عملاً بالمادة 69 من الدستور، بمجرد بدء ولاية البرلمان الحالي في 22 أيار 2022، وباتت بالتالي حكومة تصريف أعمال عملاً بالمادة 64 من الدستور، حيث يتعيّن على أي حكومة قبل نيلها ثقة البرلمان وبعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة أن تكتفي بتصريف الأعمال بالمعنى الضيق، ولكن يستطرد الدكتور يمين، ويقول، إنّ الوزير في حكومة تصريف الأعمال قد يعتكف أو يتوقف عن تصريف الأعمال، بمعنى قد يعلن توقفه عن أداء نشاطه الوزاري، وهناك سابقة حصلت عندما أعلن وزير الداخلية الأسبق الدكتور زياد بارود بتاريخ 26 ايار 2011 استقالته من حكومة مستقيلة، وهي خطوة كانت بمثابة الإعلان عن توقفه عن تصريف الأعمال.

ويلفت يمين في المقابل، إلى أنّ إعلان عدد من الوزراء توقفهم عن الأعمال أو اعتكافهم في حكومة تصريف الأعمال، في حال تم، سيخلق بالتأكيد إرباكاً سياسياً كبيراً، خصوصاً إذا تجاوز عددهم الثلث من أعضاء الحكومة، حيث ستعجز الحكومة عن الانعقاد عند الضرورة، وستعجز عن تولي صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً في حال شغور سدة الرئاسة عملاً بالمادة 62 من الدستور، كون هذه المادة اناطت بمجلس الوزراء وليس بالحكومة تولي صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة في حال الشغور الرئاسي، وسيكون مجلس الوزراء عندها عاجزاً عن الانعقاد، لأنّ النصاب الدستوري لانعقاده هو ثلثا عدد الأعضاء الذين تتكون منهم الحكومة بحسب مرسوم تأليفها على الأقل، عملاً بالمادة 65 من الدستور، عدا عن أنّ بعض الآراء تعتبر أنّ النصاب المطلوب يقارب الإجماع في حال الشغور الرئاسي، كما سيكون المشهد أكثر تعقيداً في حال كانت الاعتكافات من لون طائفي واحد، الأمر الذي سيحوّل الحكومة إلى حكومة عرجاء سياسياً وميثاقياً، وسيثير ذلك أزمة نظام، وستكشف الاختلالات الأساسية التي يعاني منها النظام اللبناني المنبثق من اتفاق الطائف، وسيفتح الأبواب واسعة أمام المطالبة بإعادة النظر فيه.

على اي حال، يشير مصدر مطلع في فلك 8 آذار الى ان سيناريو استقالة الوزراء المسيحيين من فريق العهد مستبعد راهنا، قبل ان تستدرك بالقول: هذه الورقة (اي الاستقالة) قد يلوح بها فريق العهد عند حصول الفراغ الرئاسي، منعا لانتقال الصلاحيات لرئيس حكومة تصريف الاعمال، علما انه حتى لو استقال الوزراء المسيحيون وعددهم 7، فالنصاب يبقى لانه من غير المضمون ان يجاري «الطاشناق» رغبة العهد بالاستقالة وان يبقى وزيره على الطاولة الحكومية!

Back to top button