«التحرول الرقمي»
بقلم: أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

في كل مناسبة، يتحدث مسؤولو الجهات الحكومية عن التحول الرقمي وأهميته والسعي نحو تحقيقه، إلا أن التصريحات المتعددة التي نقرأها بين حين وآخر بهذا الشأن، في وادٍ، والواقع في وادٍ آخر.

فالتحول الرقمي، الذي قد نتخيله من تصريحات المسؤولين، أو من الحديث عن مشاريع التكنولوجيا والرقمنة في خطة التنمية، أبعد ما يكون عن التحول الرقمي الذي نلمسه عند تخليص معاملة، للأسف الشديد.

فالواقع يقول إننا لا نملك تحولاً رقمياً في خدمات الحكومة، بل للأسف، لدينا جهات حكومية ظنّت أن التحول الرقمي هو أن توفر النماذج والأوراق على مواقعها الإلكترونية للطباعة!

ورغم ان زمن «كورونا»، كان الفرصة لاختبار التحول الرقمي، فإن بعض الجهات اكتفت بتوفير خدمة حجز مواعيد أون لاين، فيما عدا بعض المعاملات التي كانت متوافرة رقمياً، وهي معدودة على أصابع اليد!.

واليوم، ونحن في زمن، يعتبر فيه الوقت هو أثمن ما نملكه، لم يعد مقبولاً أن يضطر المواطن للمرور على أكثر من جهة أو إدارة حكومية، وسط زحمة شوارع أصبحت لا تطاق، وتستهلك جل الوقت، لمجرد إنهاء معاملة بسيطة في دول مجاورة، لا تستغرق سوى ضغطة زر واحدة!.

وللأسف الشديد، يبدو اننا نعاني فعلياً من نقص في الكوادر المؤهلة في المجال الإلكتروني والتقني، حيث يحدثني أحد المسؤولين أن الكوادر الكويتية من مخرجات مجالات الحاسب الآلي تعتبر نادرة، بل حتى تلك التي تلتحق بالجهات الحكومية، تتسرب لاحقاً للقطاع الخاص بسبب المزايا التي يمنحها هذا القطاع لهم، كونه يعي أهميتهم، بينما معظم القطاع الحكومي لا يزال يتعامل مع الكوادر كأعداد وليس كمهارات يجب تقديم بيئة حاضنة لها.

وبالعودة للحديث عن التحول الرقمي، فاننا نبعد سنوات طويلة عن تحقيق هذا التحول، رغم أننا أحوج ما نكون إليه، حالاً، خاصة أن هذه الخطوة لها مزايا عديدة، الا ان اهمها، على صعيد الجانب الحكومي، خفض المصروفات، تسريع الإنجاز، اجتثاث الواسطة والمحسوبية، وغيرها من مزايا مهمة.

وقد يرى البعض ان خطوة اطلاق تطبيق «سهل» تعتبر تحولاً رقمياً، الا انها خطوة لا تزال فقيرة مقارنة بما نطمح له، حيث إن معظم ما يقدمه التطبيق لنا ليس برقمنة جديدة بل ينتظر من الجهات الحكومية أن تقدم له الخدمات الالكترونية جاهزة؛ ليضيفها على التطبيق، بل الطامة الكبرى أن معظم هذه الخدمات متوافر في مواقع وتطبيقات أخرى، ليكون سؤالنا كمواطنين مشروعاً: ما الذي أضافه تطبيق «سهل»؟!

و«سهل» ليس سوى مثال بسيط، فواقعنا يشير الى «تحرولنا الرقمي»، فمازلنا بحاجة لمزيد من الرقمنة، حتى نتمكن من الادعاء أن لدينا خدمات حكومية تقدم أون لاين، ونرجو من الجهات الحكومية الالتفات لها، ليس بالتصريحات الصحافية فقط، بل بالتطبيق على أرض الواقع، فالتحول الرقمي أعمق وأكبر من مجرد حجز موعد بالموقع، أو طبع «فورما» عن طريق الموقع وتسليمها باليد للادارة المعنية بالمعاملة!.

* «تحرول» – وهو «متحرول»، وكذلك «محروَل»، تصف الشخص الذي يعاني من متاعب في المشي. وهي مفردة سُمعت في اللهجات القديمة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى