البارونة اليزافيتا ديميدوف* د. أفراح ملا علي
النشرة الدولية –
بالرغم من كون المقابر والموت جزءا مهما من الحياة، إلا أن الحديث عن ذلك يثير الرهبة للبعض.
ففي باريس ارض الأضواء والموضة والتي تضم واحدا من اكبر مقابر العالم «بيري لا شيز» والتي تعد المقبرة الملهمة لهذا المقال.
ولدت البارونة اليزافيتا ألكسندروفنا في سان بطرسبرغ بروسيا في ٥ فبراير ١٧٧٩. ابنة عشاق السفر وأغنى أغنياء روسيا في تلك الحقبة، والتي تملك عائلتها عددا لا يحصى من العقارات والقصور في كل أنحاء أوروبا، حتى قيل انهم أفحش ثراء من الزار بيتر العظيم نفسه.
تتزوج البارونة عن عمر 16 عاما من الديبلوماسي وخريج اهم المدارس الديبلوماسية الفرنسية نيكولاي ديميدوف، ابن عائلة مخملية مالكة لمناجم وشركات الحديد والذهب في روسيا.
ينتقل الزوجان إلى العاصمة الفرنسية باريس ويعيشان في قمة التناغم والاتفاق، ففي حين يجمع نيكولاي الثروات والمال تقوم اليزافيتا بحكم شخصيتها الاجتماعية بربط أواصر العلاقات الديبلوماسية والصداقات المتعددة وصولا الى نابليون ودعمه بشكل واضح في جميع المجالات.
ولكن وفي سنة 1805 وبسبب تدهور العلاقات السياسية والدولية بين روسيا وفرنسا، اجبر نيكولاي وعائلته على العودة الى روسيا. عاش الزوجان في ايطاليا ومن ثم انتقل الزوجان الى بلدهما الأم ليخدم نيكولاي روسيا ضد نابليون بالرغم من محبته له.
تنجب البارونة الجميلة أربعة أطفال يعيش منهم اثنان فقط. ولكنها وبعد ولادة ابنها «اناتولي» أمير سان دوناتو في ايطاليا المستقبلي، تنفصل البارونة من نيكولاي بسبب توجهاته السياسية وتعود للعيش في باريس حتى مماتها في 8 ابريل من 1818.
تدفن البارونة في مقبرة باريس الشهيرة «بيري لا شيز»، أحد أكبر مقابر العالم والتي يتعدى زوارها اكثر من ٣ ملايين زائر سنويا، ويعود ذلك بسبب وجود أضرحة لبعض اهم شخصيات العالم مثل فيكتور نوار، أوسكار وايلد، موليير، جيم موريسون، بالزاك، شوبين وغيرهم.
يتم تشييد ضريح عملاق من الرخام الخالص للبارونة ديميدوف شبيه بكوخ رخامي مع نوافذ صغيرة للهواء وتابوت من الزجاج صنع خصيصا لها.
بعد وفاة البارونة يتم نشر وصيتها بإحدى الجرائد والتي تترك فيها ثروة طائلة ولقب بارون أو بارونة لأي شخص يعيش معها بالقبر لمدة 365 يوما ويترك القبر قبل الليلة 366! بشريطة عدم الخروج إطلاقا من الضريح! ومن يخرج قبل المدة المحددة يتحمل مسؤولية ما يحل به! مع ضرورة قراءة الكتب والأشعار للبارونة المحبة لقصص الخيال والحديث معها! حاول الكثيرين بهدف المال مشاركة البارونة هذا الضريح، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل، منهم من مات بسكته قلبية، ومنهم من جن، ومنهم من انتحر، وبالرغم من النتائج السلبية المتعددة إلا انهم تشاركوا جميعا بالصراخ الهيستيري والتحدث بلغة غير مفهومة وصولا إلى الموت، حتى شاع بالمدينة أن البارونة هي مصاصة دماء حقيقية، وأن هناك أمورا غامضة وسحرية تحوم بهذا المكان، وأن رأس جثتها معاكس للمشرق، مع وجود طلاسم وأرقام شيطانية داخل الضريح وخارجه.
تم تصوير الضريح حديثا بسبب وجود أصوات وصرخات من داخل القبر ومع تكرار ظهور شبح البارونة لأكثر من شخص، ومازالت هذه القضية غامضة وغير مفهومة حتى قررت البلدية الباريسية بالتصريح في الجرائد بأن الوصية انتهت مدتها لمحاولة غلق القضية ومنع فتح ضريح البارونة.
دمتم بحياة سعيدة.