بطولات الوهم تستمر .. و”حَوَل” فلسطين ينتشر ..!!
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
يظن البعض أن العالم يصحو ويغفوا على فكر الماضي، بل يذهب إلى أبعد من ذلك حين يجري حسابته على قرارات خاصة ببعض الدول الأخرى، وربما يُصبغ على قادة هذه الدولة من ألقاب البطولة ما يعجز عن حمله صلاح الدين الأيوبي وطارق بن زياد ومحمد الفاتح ونابليون، فالحديث في العالم اليوم عن تحويل متحف أيا صوفيا التركية إلى مسجد، وهذا ليس بالأمر المرعب في القارة الأوروبية التي تحولت إلى العلمانية وأصبحت هذه القضايا ثانوية في منظورهم الإنساني والحضاري، والدليل على ذلك أن فنان من أصل سويسري تبرع لترميم كنيسة مهجورة في مدينة البندقية في إيطاليا وتحويلها إلى مسجد لمساعدة الأهالي المسلمين في المدينة، وتحولت كنيسة في قلب مدينة هامبورغ الألمانية إلى مسجد، ليعزز ذلك بأن الأديان منبع خالص للإنسانية، لكن أكثر الناس لا يعلمون.
قضية تحويل المساجد إلى معابد والعكس كانت ديدن الباحثين عن الشهرة السريعة بين شعوبهم لمنح أنفسهم صفة القداسة والقدرة على التغيير، لذا وجدنا الكثير من القادة قاموا بهذه الإفعال تحت شعار نصرة الدين وجعله الدين الأوحد في البلاد، وبالتالي قام المنتصرون بالإستيلاء على هذه الأماكن إما بالبيع كما حصل مع أيا صوفيا، وبوضع اليد كما حصل مع المسجد الأموي الذي كان معبداً ثم متحفاً وفي النهاية حولة الأمويون إلى مسجد، كما تم تحويل العديد من المساجد في اسبانيا إلى كنائس، فتحول مسجد قصر الحمراء في غرناطة إلى كنيسة سانتا ماريا بعد طرد المسلمين العرب من الأندلس قديماً إسبانيا حالياَ، وبعد سقوط مدينة طليطلة تحول مسجد باب المردوم إلى كنيسة نور المسيح ثم إلى متحف, فيما كان مسجد قرطبة كنيسة إشتراها عبدالرحمن الداخل وحولها إلى مسجد وعاد ليصبح كنيسة, بل ان المسجد المرواني في المسجد الأقصى أحد أهم المساجد في تاريخ الإسلام تحول إلى إسطبل للخيل حين إحتل الصليبيون بيت المقدس، وأعادة صلاح الدين كمخزن ثم عاد كمصلى تابع للمسجد الأقصى نهاية القرن الماضي.
واذا خضنا اكثر في الإساءة للمساجد من قبل المحتلين، فإن أكثر من تعرضت للخراب والدمار هي المساجد الفلسطينية في حقبة الإحتلال الصهيوني الجديد، حيث تم تحويل العديد من المساجد إلى متاحف وحظائر للماشية وصالات للأفراح والسهرات بل تحول بعضها إلى ملاهي ليلية وأصبح جزء آخر كُنيس يهودي، ففي مدينة صفد تم تحويل مسجد السوق اليونسي ومسجد الخالصة إلى متاحف، ومسجد الشعرة إلى كنيس يهودي ومسجد عين الزيتونة إلى حظيرة للماشية، والمسجد الأحمر إلى قاعة أفراح وملهى ليلي, كما تم تحويل مسجد قيساريا إلى خمارة ومطعم وأصبح مسجد الطاهر في طبريا متحف، كما تحول مسجد عمر بن الخطاب إلى ملهى للسهرات الليلية في قرية المالحة، وتحول مسجد بئر السبع الكبير إلى متحف ومسجد العوينات إلى حظيرة أبقار، وهذا غيض من فيض لمساجد فلسطينية فقدت صورتها القديمة وتحولت إلى أشياء أخرى.
ان السبب في ذلك هي الرغبة في إلغاء الآخر ونيل رضا المتدينين من شتى الديانات السماوية، وهذا لا يُظهر قوة الحكم بقدر إظهار نقاط ضعفة، فالقوة ليس بإلغاء الآخرين بل على القدرة بالتعايش المجتمعي السليم بين جميع فئات المجتمع، وهذا هو أساس الحياة كون شعار الإسلام ” لكم دينكم ولي دين”، بل إن بعض الطوائف من ذات الدين تلغي المذاهب الأخرى كما تفعل إيران مع السنة، وهذا يُشير بوضوح إلى الرغبة في إظهار الإنتصار على لا شيء لكن في ظل تزاوج الطاغوت والكهنوت تتحول الإفعال الصغيرة إلى إنتصارات عظيمة.
لقد ضل الكثيرون الطريق إلى فلسطين التي يتمسك القادة بتلابيبها دون رغبة في تحريرها، فصدام حسين حلم بتحرير فلسطين فاحتل الكويت فيما اردوغان طابت نفسه للصلاة في الأقصى فحول متحف أيا صوفيا إلى مسجد، بدوره أراح القذافي رأسه المثقل بهموم إفريقيا قبل أن يموت فأطلق عليها “إسراطين” جامعاً فلسطين والكيان في دولة، فيما فتح البقية حدودهم أمام الكيان الصهيوني نصرةً لفلسطين، لنتساءل هنا، هل فلسطين دولة في كوكب آخر أم اصاب القادة وبعض الشعوب “الحول” الذي جعلهم يخطئون الطريق… وعجبي على آخر الزمان، زمن بطولات الوهم وكذب الحكام على الشعوب حيث يدعون البطولة.