بعد 62 عاماً.. شاهدة تروي تفاصيل مجزرة قصر الرحاب في العراق

النشرة الدولية –

62 عاما مضت على مجزرة قصر الرحاب التي قتلت فيها العائلة الملكية الهاشمية وتم فيها الإطاحة بالنظام الملكي في العراق وإقامة النظام الجمهوري برئاسة محمد نجيب الربيعي وعبد الكريم قاسم رئيسا للوزراء، بحسب تقرير نشره، الزميل، راشد العساف، على موقع ارفع صوتك

“الملك فيصل مثل أخي الكبير، وذكرياتي قوية وكنت متعلقة فيه بشكل كبير”، هكذا وصفت تمارا الداغستاني التي تعيش حاليا في عمان، ذكرياتها مع العائلة المالكة في العراق، حين كان والدها غازي الداغستاني قائدا للفرقة الثالثة في الجيش والتي دبر أفرادها الانقلاب.

تمارا الداغستاني والأمير عبد الإله

خطورة بقاء الأمير عبدالاله

أجرى معاون قائد الجيش العراقي غازي الداغستاني بالاشتراك مع حسيب الربيعي (شقيق محمد نجيب الربيعي) دراسة حول الوضع الأمني للعائلة المالكة في العراق عام 1956، بحسب ما تروي تمارا عن والدها لموقع (ارفع صوتك).

توفي حسيب الربيعي بعد مدة قبل الانتهاء من الدراسة والتي سلمها الداغستاني آنذاك لأحمد مختار بابان (الذي أصبح لاحقا رئيسا للوزراء) حتى يسلمها للملك فيصل.

“خلصت الدراسة إلى أن الملك فيصل محبوب لدى الشعب العراقي، ولكن الخوف عليه من وجود خاله الأمير عبد الإله الذي كان وصيا على العرش ومن نوري باشا رئيس الوزراء في العهد الملكي، لأن الشعب كان يرفض وجودهم” تقول تمارا.

وأوصت الدراسة بأن يغادر الأمير ونوري باشا البلاد وأن يصبحان مبعوثين دبلوماسيين في الخارج، ورحب الأمير عبد الإله بالفكرة وغادر إلى تركيا إلا أن نوري باشا رفض مغادرة البلاد.

عبد الكريم قاسم

تحذيرات الملك حسين وزاهدي للملك فيصل

تقول تمارا الداغستاني إن الملك الحسين بن طلال (ملك الأردن السابق) علم بوجود مؤامرة تحاك ضد الملك فيصل وأبلغه بذلك، وتواصل مع الأمير عبد الإله في تركيا أيضا ومع أردشير زاهدي وزير الخارجية الإيراني في العهد الملكي، وأبلغهم بما يحاك ضد العائلة الهاشمية في العراق من أفراد من الفرقة الثالثة.

” قال لي أردشير زاهدي أنه أرسل مدير المخابرات الإيرانية إلى تركيا وسلم الأمير قائمة بأسماء المتآمرين على الحكم الملكي الذين ينون الانقلاب على الحكم”، وفقا لتمارا.

ملك العراق فيصل الثاني والأردن الحسين بن طلال

عودة الأمير عبد الإله إلى بغداد

طلب الملك فيصل من الأمير عبد الإله العودة إلى بغداد للبقاء إلى جانبه ومساندته في الحكم في بداية تموز 1958، وقد كانت حجة الملك فيصل لخاله الأمير عبد الإله أنه وعد شقيقته (أم الملك فيصل) على فراش الموت بأن يكون سندا له عند الحاجة.

“قال الأمير عبد الإله لوالدي غازي الداغستاني أن الملك فيصل يمضي بخط يده على آخرته، فعندما تركت بغداد قلت لن أعود ثانية، ولكنه أرسل لي رسالة بضرورة العودة لوجود خلافات بينه وبين بعض الوزراء”، تروي تمارا أطراف الحديث الذي جرى مع والدها.

عشية مذبحة قصر الرحاب .. “أحذر الليلة”

أقام القصر الملكي حفلا وفقرات لتسلية الأطفال كعرض الساحر، كانت تجلس تمارا إلى جانب الملك فيصل في تلك اللحظة التي وصلت بها سيارة بيضاء تحمل رسالة إلى الملك.

نظرت تمارا إلى الملك وهو يفتح الرسالة، والتي تعتقد أنها رسالة من دولة أجنبية كونها تشبه أوراق السفارات، مكتوب فيها باللغة الإنجليزية “أحذر الليلة”.

“قام الملك من مكانه وتوجه نحو الباب ومسك المقبض بعد أن أمر بتحضير الطائرة، في تلك اللحظة ناداه خاله الأمير عبد الإله وقال له كم مرة سمعنا هذا الكلام، أرجع وأجلس”، تصف تمارا ردة فعل الملك عند قراءة الرسالة.

كان يتحضر الملك والأمير عبد الإله للسفر إلى تركيا لحضور اجتماع حلف بغداد بتركيا في اليوم التالي (يوم الانقلاب)، ومن ثم السفر إلى لندن لزيارة خطيبة الملك الأميرة فاضلة.

طلب الملك فيصل والأميرة عابدية من والدة تمارا أن تبيت عندهم تلك الليلة في القصر، كونها وعدتهم بأن تقضي ليلة هناك، ولكن والدة تمارا رفضت المبيت بالقصر، على أن تعود بعد عودة الملك والأمير عبد الإله من السفر، “دقائق حددت مصيري”، تقول تمارا.

الملك فيصل وإلى يمينه الوصي عبد الإله ونوري السعيد أثناء حضورهم احتفال رسمي

الساعة 5.30 فجر 14 من تموز 1958

تروي تمارا أنه “في الساعة 5.30 صباحا دخلت خالتي إلى منزلنا تقول لأمي اسمعوا الإذاعات السرية تبث أخبارا عن اعتقال زوجك الباشا غازي، وقتل الملك فيصل والأمير فيصل والعائلة كاملة”.

اتصلت والدة تمارا بقصر الرحاب وكان جرس الهاتف يرن ولكن لا أحد يجيب، حاولت الاتصال مرة أخرى فوجدت أن الخط مفصول تماما، “كانوا أمواتا في القصر” تقول تمارا.

في تلك اللحظات دخل سائقهم ويدعى خزعل والتي وصفته تمارا بأنه أكثر شخص مخلص لوالدها غازي، وطلب منهم الخروج من المنزل بسرعة وقد بدت عليه ملامح الغضب لأول مرة.

غادر أيضا جارهم محمد علي الجلبي من منزله، وطلب من والدة تمارا مغادرة المنزل لأنه سمع الإذاعة تقول على لسان حركة الضباط الوطنيين “ادخلوا بيوتهم واقتلوهم”.

“لا أذكر أننا شاهدنا الإسفلت ونحن نسير بالسيارة لكثرة الناس وهم متجمهرين حولها، حتى وصلنا منزل عمتي وزوجها حكمت سليمان، وعند دخولنا شاهدت رجلا يخرج يده من حافلة وبيده أصبع ويقول قطعت أصبع الأمير عبد الإله بيدي”.

قتل الضباط العائلة المالكة داخل القصر إلا أن الأميرة هيام زوجة الأمير عبد الإله أصيبت برصاصة بقدمها، حتى طلب أحد الضباط من بقية زملائه بأن لا يقتلوها كونها ليست من الهاشميين إنما من أقرباء الضابط.

وبحسب ما روت الأميرة هيام لتمارا، فإن “الملكة نفيسة (والدة الأمير عبد الإله) أخرجت القرآن وجعلت الضباط يحلفون بأن لا يؤذوا الملك والبقية، وحلفوا ولكنهم ساقوهم إلى الحديقة وقتلوهم جميعا”.

لحظة نطق الحكم بإعدام الداغستاني

الحكم على غازي الداغستاني بالإعدام

عقدت المحكمة أول جلساتها بعد الانقلاب لمحاكمة رجال العهد الملكي وكانت أول جلسة لمحاكمة غازي الداغستاني، قائد الفرقة الثالثة التي انقلبت على الحكم الملكي، وأصدرت بحقه حكما بالإعدام مع 9 ضباط آخرين، قضى غازي في السجن مدة عامين ونصف ثم أفرج عنه بعفو عام.

“أمي منعت عنا استخدام الهاتف بعد أن كانت تصلني مكالمات تطلب التحدث معي وفي كل مرة يقول المتصل بأننا سنقتل والدك ونعلقه على العامود، وأنا كنت في 12 من عمري، أفزع كثيرا عند سماع مثل هذه المكالمات عن والدي”، تروي تمارا.

وتتساءل في الوقت ذاته “لماذا لم يفعل الملك فيصل أي إجراء بحق القائمة التي سلمت له وكانت السبب في مقتله والعائلة الهاشمية؟”.

خروج اللواء غازي الداغستاني بعفو

را

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى