قالب البومب ببوظة المانجا

أنا القى عليك الشهوة جديد الشاعرة وفاء أخضر

وفاء أخضر

النشرة الدولية –

خرجت من غرفة النّوم بإبتسام. ارفعي رأسك عاليا؛ تنشّقي كلَّ الهواء حولك!

السّاعة الثّالثة صباحا وزوجي ينام جنبي. لا يجدي لا فرويد ولا أدلر ولا علم النفس كلّه! حزني ليس بسبب جوع أو جنس أو تلك السلسلة من الاحتياجات الأوّلية الملّحة، الأساسية؛ أو بسبب مشاكل الطفولة العالقة (طفولتي شرّحتها وتحوّل اللاوعي إلى وعي؛ وبحسب فرويد هكذا يشفى المريض).

كان العشاء شهيّا، متنوّعا وكنّا جميعاً حول الطاولة لكن كلاً في عوالمه والكلام  تمتمة وهات وخذ …

“هل الماء ساخن؟” سأل زوجي. وهذا يعني: “سأكون نظيفا بعطر وسأمارس الحبّ معك”. كان حزني أكبر من محاولة ابتسام؛ حاولت ألّا آبه به وله (حزني أقصد)؛ ارتديت قميص النوم الأحمر الذي حاولت أن أراني جميلة فيه (كان هديته لي في عيد ميلادي). دخل هو الحمّام، ودخلت أنا السّرير. لم أرني جميلة ولم أرَ جمالا في أيّ شيء حولي مع أنّي بذلت مجهودا استثنائيا لجعل الغرفة بديعة مريحة، تليق بمشهد حبّ في فيلم! استلقى جنبي، حاول تقبيلي، شعرت كأنّ جسدي ثقل أودُّ التخلّص منه! جسده التصق بجسدي، ازداد الثقل! تململت كمن يختنق. كان دوما لطيفا، لمّا أبديت امتعاضي، ابتعد رغم أنّ علائم الرّغبة والإثارة كانت استأثرت بجسده كلّه. تكوّم في جانب السّرير بعيدا عنّي وكذلك فعلت أنا.

هو نام وأنا أستدعيت كلّ قدرتي على التحليل، محاولة فهم ذاتي وجسدي. كلّ الاحتمالات سقطت! حاولت من جديد تصديق فرويد والعمل وفقا لإرشاداته؛ دنوت منه واحتضنته من خلف وأخذت أداعب قدميه بقدميّ، كنت دوما أحرص أن تكون دعوتي له رقيقة، خفرة. قاوم دعوتي مدّعيا النوم العميق؛ ارتفعت بقدمي أعلى وأعلى ولامست عضوه بركبتي، دار بلطف واحتضنني بقوّة. دنوت بفمي من فمه، همّ بتقبيلي، عاودتني تلك المشاعر عينها. وهكذا بين كرّ وفرّ وإقبال وإدبار، لم أستطع أن أنام ولا حتى أن أحبّه؛ حتّى ما قبل الفجر بقليل؛ لا أعرف حينها ماذا حصل، وكيف حصل! كانت لحظات من غيبوبة كان فيها هو منتشيا ونهضت أنا بحزن مضاعف.

دخلت الحمّام، غسلت وجهي ونصفي التحتي مرارا وخرجت من الغرفة. لماذا لا أشعر بالرّضى؟ جسدي استجاب له وبلذّة. ما سرّ هذا الحزن؟ يبدو فرويد مخطئا؛ القصّة ليست قصة جنس وكبت. هل هو شعوري بالنقص، وحاجتي الملّحة لإثبات ذاتي؟ كيف؟ أنا ناجحة جدّا في عملي، ومنزلي  محطّ تقدير وإطراء من كلّ من يزورني! (لمساتي في كلّ مكان فيه، بدءا من الحديقة،حتّى صحون الحلوى التي كنت أحضّرها وأحرص على عرضها بشكل شهيّ لافت!)

أخذت أنشر الغسيل، وأنا أحاول أن أنفض أحزاني مع كلّ قطعة أعلّقها.

القصّة ليست احتياجا لإثبات الذّات، الحكاية أنّي فعلا أحتاج أن أشعر أنّي مرغوبة بدون مجهود منّي، بدون أسباب. هل يحبّني زوجي؟ هل أحبّتني أمّي يوم ولدتني؟

الأمهات عادة يحببن أطفالهن بدون شروط؛ هذا عند القطط والكلاب والقرود؛ نحن من ساعة نخرج من ذاك المكان، او حتّى قبل مغادرته مع التصوير الصّوتي المستجدّ وتحديد الهويُة الجنسية مبكرا، يُحتفى بنا أو تتلقّى أمّهاتنا العزاء والمواساة؛ بحسب رغبات المحيط والأب التي تتماهى معها الأمّ باستسلام. بعضنا يخرج والقصاص ينتظره والبعض الآخر يُزغرد له! والعلامات نحوزها وفقا للملامح والشّكل واللّون والجنس والطّول والعرض… الحبّ مع الحضارة بات مشروطا بمواصفات ورغبات وعلامات.

ربّما ما أحتاجه هو الشّعور أنّي محبوبة فعليا وبصدق وبدون شروط. ربّما هذا ما يحرّكنا جميعا، نحوز الأشياء ونحاول أن نتميّز… كفاني ثرثرات! لا إجابات. الحقيقة الوحيدة أنّ لا إجابات حاسمة. أعرف أنّنا هنا على كوكب الأرض، لن نكون يوما بخير تماماً. لو حدّثني… لو نظر في عينيّ… لو قال أحبّك؛ لربُما كان كلّ شيء أفضل ولربّما نسيت، أو تناسيت أنّه يحبّني بشروط. (أن أكون له  كلّي طوال الوقت، يغضب  لو خرجت وحدي مع صديقة.)

تسلّلت البرودة جسدي؛ عدت الى الغرفة؛ ألقيت رأسي على المخدّة؛ أمسكت كتابا من كتب الطّبخ والحلوى المكدّسة جنبي وأخذت أقرأ: كيف تعدّين قالب البومب مع بوظة المانجا.

( من رواية أنا أخطئ كثيرا)

Back to top button