ليبيا عثمانية .. وليست عربية!* رجا طلب

النشرة الدولية –

هكذا أعلن أردوغان في أحد خطاباته أمام البرلمان التركي بل زاد على ذلك بقوله أن علاقة تركيا بليبيا ليست مصالح اقتصادية أو سياسية أو دبلوماسية فهي علاقات تتجاوز ذلك، وليبيا ليست دولة أجنبية فهي على مر العصور إرث عثماني مهم.

فماذا يعني هذا الكلام ؟

باختصار شديد يقول أردوغان إن ليبيا ليست إلا جزءاً من الامبراطورية العثمانية وليست دولة عربية وأنه كوريث لهذه الامبراطورية باسم الدين الإسلامي فهو يملك الحق باستعادة السيطرة عليها وإعادة السلطة فيها للعرق العثماني – التركي واقصد هنا ابناء قبيلة «الكراغلة» التي تعود أصولهم للعثمانيين الأتراك والموجودة اغلبيتهم في مدينة «مصراتة».

يستثمر أردوغان قدر المستطاع التاريخ والدين والعرق في طموحه السياسي ومن اللافت انه وفي الخطاب الذي اشرت إليه بداية مقالي تحدث عن مصطفى كمال اتاتورك «أبو الأتراك» بوصفه كان أحد «الجنود» الذين هاجموا القوات الايطالية التي استولت على ليبيا في بداية القرن العشرين وتعرض لاصابة بليغة في تلك المواجهة، وأشار إليه رغم الكراهية والضغينة التي يحملها لمشروعه المتمثل «بعلمنة» تركيا والذي مازال يحاربه في إطار سعيه لـ «أسلمة» تركيا بقدر ما يستطيع.

لم يعد سراً أن أنقرة وبخاصة في ظل حكم أردوغان وبطموحها التاريخي باتت تشكل خطراً على الأمن القومي العربي تماماً مثلما هو خطر إيران صاحبة مشروع تصدير الثورة وتحرير القدس عبر بغداد، وإسرائيل صاحبة مشروع دولة إسرائيل التاريخية وبناء الهيكل الثالث، فهذه المشاريع الثلاثة مازالت تنخر بجسد الأمن القومي العربي وسلامة جغرافيته وديمغرافيته، وفي اجتهادي أن هذه المشاريع الثلاثة متحالفة بالمصالح وإن بدت بعكس ذلك رسمياً وإعلامياً، وهذه المشاريع الثلاثة هي في ذروتها وبتنافسية عالية جداً وتحديداً بعد عام 2011 أو بعد ما سمي بالربيع العربي، فايران احكمت سيطرتها على احد اهم العواصم العربية الا وهي بغداد، فيما حاولت وتحاول احكام سيطرتها على دمشق إلا أن التواجد الروسي القوي في المعادلة الصراعية السورية اضعف تلك المحاولات، اما تركيا فواصلت تمددها وبوتيرة قوية وثابتة وكان مشروعها السيطرة على مصر، واردوغان صاحب «شعار رابعة» والمعروف بثأريته ورغبته بالانتقام من النظام المصري ما زال يعمل وبالتعاون مع دول اخرى على اضعاف مصر ومن «خواصرها الرخوة»، كانت الخاصرة الأولى السودان وعولجت بصورة أو باخرى، أما الثانية فهي سد النهضة باثيوبيا (وتركيا تحاول إظهار انها على الحياد)، أما الثالثة فهي ليبيا التي يعتقد أردوغان أنها هي «المطرقة القاتلة» التي ستخُضع له مصر وستكون «قبضته» في السيطرة على العرب ومقدراتهم.

نقلاً عن جريدة “الرأي” الأردنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى