هكذا نحمي نساءنا وما تبقى من أحلامنا
النشرة الدولية –
جريمة أخرى متعلقة بالشرف، ولن تكون الأخيرة في بلد يُعتقد أنّ الأرقام الفعلية لتلك الجرائم فيه تفوق الأرقام المعلنة. ومع كل ضحية، نسارع بالإدانة والبكائيات، وننام ثم نصحو على ضحية أخرى.
لقد آن الأوان أن يكون لدينا تصور واضح وخطط جديّة ومحكمة قابلة للتطبيق، مع علمي بوجود تصوّر وبعض الحلول المطبّقة لدى الدول التي تنتشر فيها تلك الجرائم، ومنها الأردن ولكنها ليست كافية بالتأكيد.
جرائم الشرف لن تنتهي. فما العمل؟
يمكن الاستئناس بتجارب بعض الدول، لا أقول من أجل كسر دائرة العنف- الذي يبدو أنه غدا عصياً على الكسر- في حق المرأة في بلادنا، بل لحمايتها.
هذه الخطوات قد تشكل خريطة طريق يصقلها ويضيف إليها المختصون وذوو الخبرات وصنّاع القرار، وأُجملها بما يأتي:
1 – إنشاء خط ساخن ومفتوح للنساء المعنّفات، ومن هنّ في خطر، وتطويره وتدريب كوادره لتحقيق استجابة أسرع على مدار الساعة.
2 – توفير المزيد من مساكن الحماية المؤقتة، كي تستطيع المرأة المعنفة اللجوء إليها، على أن تكون لائقة بكرامة المرأة ولا تُشعرها أنها في سجن أو مركز احتجاز. ومن المهم أيضاً أن لا تتم ممارسة أية ضغوط على النساء للعودة أو فرض حلول على حساب رغباتهنّ (الزواج مثلاً).
لا شكّ أنّ الأردن قد خطا خطوات جيدة في هذا الاتجاه، إِلَّا أنّ المساكن المؤقتة في الأردن ليست كافية ضمن المدينة الواحدة، ولا تشمل كل المحافظات والتجمعات السكنية.
3 – ملاحقة المعنِّف قانونياً وفرض عقوبة رادعة عليه، والتأكد من عدم خضوع المرأة لضغوط أو تهديد أو ابتزاز لإسقاط حقها الشخصي. وفِي حالة تطور العنف الى جريمة قتل، يتعيّن تغليظ العقوبة بحيث تكون غير قابلة للاستئناف، أو إسقاط الحق الشخصي من قبل الأهل.
4 – صرف معونات مالية للنساء المعنفات أثناء تواجدهن في مساكن الحماية المؤقتة، وتقديم العلاج الطبي، والدعم النفسي المجاني، والمساعدة القانونية لهنّ.
5 – ضرورة التشبيك والتنسيق مع كل مؤسسات المجتمع المدني، وبخاصة جمعيات تمكين المرأة؛ لتأهيلهنّ إلى العودة للحياة أو الدراسة أو العمل، والقيام بكل ما يلزم كيلا تضطر الضحية للعودة إلى بيئة غير آمنة.
6 – مواصلة تقديم الدعم والمساعدة حتى لو خرجت إلى بيت مستقل، بما في ذلك الدعم القانوني المجاني.
7 – ضرورة حماية حق المعنَّفة برعاية أطفالها أثناء تواجدها في مساكن الحماية المؤقتة، ومنع المعنّف من رؤية أطفاله إلا بحضور الشرطة أو طرف ثالث في بيئة آمنة.
8 – تكثيف الحملات الإعلامية الخاصة بهذه الخدمات للتأكد من أنها تصل الى جميع النساء وفِي متناولهنّ، ونشر كل بيانات التواصل ذات الصلة بوضوح.
9 – تجريم الخطاب المؤيد للعنف والمحرّض عليه.
10 – إدراج مواد تعليمية تثقيفية في المدارس والجامعات عن العنف ضد المرأة وتداعياته، وتشجيع التلاميذ والطلبة للتقدم بشكاوى العنف العائلي وطمأنتهم بحماية وضمان سرية الشكاوى والمعلومات الواردة فيها.
لا ريب في أنّ مسألة التمويل قد تُطرح كعقبة رئيسة في وجه تطبيق هذه الرؤية، ولكنّ الحل يكمن في تخصيص ما يصل إلى الحكومة الأردنية من مساعدات دولية تحت بند المرأة والتي تكفي لتمويل هذه التصورات.
ومع التشديد على ضرورة مواصلة كل جهد فردي وجماعي من أجل تغيير ثقافة العنف في المنزل والمدرسة والشارع والمجتمع ككل، إلّا أننا ندرك تمام الإدراك أنّ سنوات طويلة قد تمر قبل أن نرى ثمرة هذه الجهود. وحتى ذلك الحين، فإنّ كل ما نستطيع – بل يجب- فعله هو حماية الضحايا، وما تبقّى من «أحلامنا».
* كاتبة أردنية – عضو الهيئة الإدارية
في مركز ابن رشد للثقافة العربية/ أستراليا