لماذا تتعارك الصين مع العالم؟ وما خطة واشنطن لمواجهة “فرانكشتاين”؟
النشرة الدولية –
على الرغم من محاولته طمأنة الشعب الصيني على إمكانية الخروج من “الصعاب والتحديات” الحالية، إلا أن الرئيس الصيني شي جينبينغ خلق بيئة “عدائية” مع العديد من دول العالم، قد تكلفه بلاده الكثير اقتصاديا، بحسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية، خاصة مع الولايات المتحدة التي تعمقت الخلافات معها، ووصلت إلى حد قرارات بإغلاق مقرات دبلوماسية من الجانبين.
ويقول تقرير الصحيفة إن المواقف المتشددة، لشي، الذي جاء إلى السلطة عام، 2012، قلبت مفهوم السياسة الصينية “السلمية” التي ظلت لعقود، وأصبحت، الصين، تحت حكمه “أكثر صرامة ورغبة في مواجهة منتقديها”.
وعددت الصحيفة المعارك التي خاضتها، الصين، في آخر شهرين فقط، لتدلل على اختيار، بكين، المواجهة، وأهمها، معركتها الحدودية الأخيرة مع الهند، التي كبدتها خروج 59 شركة صينية من السوق الهندية، إحدى أسرع الأسواق نموا في العالم، من بينها “تيك توك” و”ويب شات”، وتصاعُد الحرب الكلامية مع أستراليا، وإجراءات قضائية بحق مواطنين كنديين، والنهاية المفاجئة لـ”العصر الذهبي” للعلاقات مع المملكة المتحدة، والقانون الذي فرضته على هونغ كونغ، ودخولها في منافسة مع الولايات المتحدة.
وفضلا عن خسارة السوق الهندية، فقدت بكين أيضا حصول شركة “هواوي” على موطئ قدم رئيسي، في أوروبا، بعد أن حظرتها بريطانيا.
وترى، سوزان شيرك، الخبيرة في الشأن الصيني، بجامعة كاليفورنيا الأميركية، أن الصين “تتبع “مصلحة ذاتية ضيقة للغاية”، بدلا من خيار “التعاون” مع العالم، وهو الأمر الذي تتوقع أن تكون له “تكاليف حقيقية، ليس فقط على سمعة بكين، ولكن تكاليف اقتصادية”.
ويشير التقرير إلى أنه بعد تعافيها من أزمة كورونا الصحية، ظنت، الصين، أنها باتت قوية وتقف على قدم المساواة مع القوى الكبرى، وأهمها الولايات المتحدة، فاختارت أن تتعارك معها وتحاول إلحاق الضرر بها.
وتقول ميرا راب هوبر، الزميلة المتخصصة في دراسات آسيا بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، إن “هونغ كونغ، وإقليم شينجيانغ، وبحر الصين الجنوبي، وهواوي، كلها تجتمع في صورة مؤلمة… لما ستبدو عليه القيادة الصينية العالمية الوحيدة”.
ويرى، مينكسين بى، من كلية كليرمونت ماكينا في كاليفورنيا، أن الشعب الصيني بات يدرك أن البلاد في حالة “حرب باردة” مع الولايات المتحدة، وأن المستقبل “غير واضح”، ولا يعلم كيف سيتعامل مع هذه الحقائق الجديدة، بعد أن “عاش نحو 40 سنة في بيئة سلمية”.
وقد تعمقت الخلافات الأميركية تحديدا مع الصين، خاصة خلال الفترة الأخيرة، على خلفية قضايا، أبرزها بحر الصين الجنوبي، وقضايا حقوق الإنسان، وملف هونغ كونغ، وقضايا تجسس، وحقوق الملكية الفكرية.
وتعارض، واشنطن ولندن، وعدد من العواصم الغربية، قانون الأمن القومي، الذي فرضته بكين، أواخر يونيو، على هونغ كونغ، والذي أثار مخاوف على الحريات.
وآخر حلقات الخلاف مع واشنطن، هو إدراج 11 شركة صينية على قائمة العقوبات، لدورها في الانتهاكات ضد أقلية الأويغور المسلمة، في إقليم، شينجيانغ.
وأعلنت الخارجية الأميركية، الأسبوع الماضي، أن الولايات المتحدة ستحظر منح تأشيرات دخول بعض موظفي شركة هواوي الصينية، المتهمة بالتجسس، إلى أراضيها.
وقررت واشنطن إغلاق القنصلية الصينية في مدينة، هيوستن، بولاية تكساس، التي وصفها وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بأنها “مركز للتجسس الصيني” و”لسرقة الملكية الفكرية”.
وردا على الخطوة الأميركية، قالت وزارة الخارجية الصينية إنها أبلغت السفارة الأميركية، الجمعة، بإغلاق قنصليتها في مدينة، تشنغدو، جنوب غربي البلاد.
وقالت الوزارة في بيان إنها “سحبت موافقتها على إقامة وتشغيل القنصلية العامة الأميركية في تشنغدو”.
مواجهة “فرانكشتاين”.. “مهمة عصرنا”
وردا على السياسة الصينية الجديدة، تطرق وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في خطاب من كاليفورنيا، الخميس، إلى خطوات يجب اتخاذها في مواجهة بكين.
ودعا بومبيو، الذي أطلق عدة تصريحات شديدة اللهجة ضد بكين، “العالم الحر” إلى الانتصار على “الطغيان الجديد” الذي تمارسه الصين الشيوعية، متهما الرئيس الصيني بأنه “تابع مخلص لإيديولوجية شمولية مفلسة”.
وقال الوزير الأميركي بالخطاب الذي ألقاه في مدينة يوربا ليندا، مسقط رأس الرئيس الأميركي السابق، ريتشارد نيكسون، إن الأخير عبر عن قلقه بشأن خلق “فرانكشتاين” ((مخلوق غريب صنعه عالم في رواية أدبية شهيرة)، من خلال الانفتاح على الحزب الشيوعي الصيني، وأضاف بومبيو “وها نحن ذا”.
وكان نيكسون قد أسس بنية العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين، خلال توليه الرئاسة عام 1979، تضمن زيارة له إلى بكين عام 1972.
وتابع بومبيو “الحقيقة هي أن سياساتنا، وسياسات الدول الحرة الأخرى، أنعشت اقتصاد الصين المتهاوي، فقط لرؤية بكين تعض الأيادي الدولية التي كانت تطعمها”.
وقال إن على واشنطن وحلفائها استخدام “طرق أكثر إبداعا وحزما” للضغط على الحزب الشيوعي الصيني كي يغير أسلوبه.
وأوضح أنه “يجب على دول العالم المحبة للحرية أن تدفع الصين إلى التغيير … لأن أعمال بكين تهدد شعبنا وازدهارنا”.
بومبيو، الذي دعا إلى تشكيل تحالف من الدول الديمقراطية ضد سياسيات الصين، قال أيضا “إذا لم يتغير العالم الحر، فمن المؤكد أن الصين الشيوعية ستغيرنا”، مؤكدا أن الحفاظ على “حرياتنا من الحزب الشيوعي الصيني هي مهمة عصرنا”.