الشيخة انتصار سالم العلي الصباح: يبرز دور المرأة في الأزمات حيث تكتشف أنّها أقوى
النشرة الدولية –
هي رائدة كويتيّة طموحة تحبّ الحياة بكلّ تفاصيلها وتعمل على نشر الفكر الإيجابي حولها. لديها اهتمامات عدّة سواء بالثقافة أو تصميم المجوهرات أو تمكين المرأة. فما لبثت الشيخة انتصار سالم العلي الصباح أن سخّرت كلّ أعمالها ومبادراتها لتحقيق التغيير الإيجابي في المجتمع وتأمين حياة أفضل للجميع. فأسّست دار لولوة للنشر وهي الدار العربية الأولى في تخصّصها المنذور لإيجابيّات إثراء الذات والارتقاء بالمرأة العربيّة ونجحت من خلالها في تغيير الكثير من المفاهيم حول المرأة العربيّة ونظرتها لنفسها. وقد بدأت مسيرتها في نشر الإيجابيّة مع تأسيس مبادرة النوير لإحداث فارق اجتماعي وسلوكي. وبعد ثلاث سنوات وبفضل نجاحها في تعزيز الإيجابيّة، ابتكرت مبادرة بريق لخلق بيئة تعليميّة إيجابيّة في المدارس الثانويّة، باستخدام منهج يعتمد على علم النفس الإيجابي. وقد أدرج هذا البرنامج من قبل وزارة التربية ضمن خطّتها الجديدة لتطوير التعليم، كما اعتمده المجلس الأعلى للتخطيط في برنامج التنمية البشرية ضمن رؤية الكويت 2035 التي تحمل شعار “كويت جديدة”. وانطلاقاً من سعيها لتمكين المرأة أسّست “مؤسسة انتصار الخيريّة” لتقديم الدعم النفسي لمليون امرأة عربيّة متأثّرة بالحرب باستخدام العلاج النفسي بالدراما. كذلك أسّست علامة “إنتصارس” لصناعة المجوهرات. وهي ليست علامة تجاريّة اعتياديّة إنّما تعطي بعداً آخر لمن يرتديها، فتشعر المرأة بمحبّتها لذاتها وبقدرتها على مساعدة نساء أخريات حيث يعود نصف ريع المبيعات إلى دعم هذه المؤسّسة. وشاركت الشيخة انتصار في كتابها “دائرة الحب” قصص 87 امرأة ملهمة تتمتّع بالمرونة والشهامة لإلهام القرّاء وتمكين النساء على أرض الواقع حيث خصّصت عائدات بيع هذا الكتاب بالكامل لدعم البرامج المخصّصة للمساعدة في التخفيف من صدمة النساء ضحايا الحروب في المؤسّسة. في ما يلي نسألها عن مسيرتها المكلّلة بالنجاحات والمبادرات التي تقوم بها، كما نناقش معها دور المرأة في المجتمعات خلال الأزمات ومواضيع أخرى متّصلة بالوضع الحالي.
لديك اهتمامات عدّة، فكيف تجمعين بين كل المهام التي تنجزينها وكيف تتمكّنين من خلالها من إحداث تغيير إيجابيّ في المجتمع؟
نحتاج إلى جرعات من الإيجابية في حياتنا و كلّ ما أقوم به من نشاطات وأعمال يصبّ في وعاء واحد وهو إحداث التغيير في السلوكيّات سواء كان هذا التغيير يأتي من خلال علم النفس الإيجابي أو من خلال التعليم الإيجابي عبر برامج تحفيزيّة لنشر الإيجابية بين الطلبة أو عبر استعمال المسرح التفاعلي لوقف العنف في المدارس أو باستخدام علم النفس الدرامي مع السيّدات اللواتي تعرضنّ للحروب . أمّا عن مشاريعي التجارية، فيذهب نصف ريع مبيعات مجوهرات “انتصارس” لدعم مؤسسة انتصار الخيرية التي تُعنى بالمرأة العربيّة المتضرّرة من الحروب، كما أنّ ريع شركة الدعاية والإعلان يذهب الى رعاية مبادرة النوير. وأرى أنّه من الضروري أن تكون لدينا مشاريع تجارية يذهب ريعها الى أعمال خيريّة يستفيد منها أناس آخرين لأنّ الله جعل منّا سبباً لسعادة الآخرين.
قامت مؤسسة انتصار الخيرية بمبادرات عدّة لتمكين المرأة وكان آخرها إعادة تأهيل النساء العربيّات المتضرّرات من الحروب في مخيّمات اللاجئين في الأردن. هلّا أخبرتنا عن هذا النوع من المبادرات، وأيّ منها عزيزة على قلبك وما هي تلك المستقبليّة؟
في ضوء الصراعات الأخيرة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، قمت بتأسيس مؤسسة إنتصارس عام 2018، وهي مبادرة خاصّة ولدت من الرغبة في مساعدة النساء على علاجهنّ من الصدمات النفسيّة من خلال العلاج النفسي بالدراما وتعزيز قدرتهنّ على المقاومة ودعمهنّ أثناء اكتسابهنّ منظوراً جديداً حيث تُموّل هذه المؤسسة من نصف ريع بيع علامة المجوهرات الراقية “إنتصارس”. والهدف من إنشاء هذه المؤسّسة أن تكون جزءاً من الحلّ لبناء حياة ما بعد الحرب من خلال توفير إستجابة أوليّة من خلال برامج الدعم النفسي ونشر السلام في العالم العربي. فأنا أؤمن بأنّ المرأة هي حجر الزاوية في كلّ أسرة وتربط المجتمعات وأن التركيز عليها سيؤدي إلى تغيير إيجابي داخل تلك الأسر والمجتمعات ككل. فبرامج المؤسسة تشمل العلاج الجماعي حيث تتلقّى النساء دعماً مستمراً للنموّ والشفاء، وتساعدهنّ على التغلّب على الاكتئاب والقلق والصدمات المرتبطة بالحرب والظروف التي يعشنها ما بعد الهجرة. كذلك، تتيح لهنّ الوصول إلى شبكة مبنية على الدعم والتفاهم، وتسخّر أيضًا القوّة الإبداعيّة للعلاج بالدراما وتهدف إلى تعليم وتدريب 600 من المعالجات في 20 عاماً بهدف الوصول إلى معالجة مليون امراة عربية في عام 2035. فبرامجنا في الأردن و لبنان أسفرت عن علاج أكثر من 140 سيّدة متضرّرة من الحروب حتّى الآن و الحمد لله رأينا تغييراً كبيراً لدى المشاركات في البرامج. أمّا مبادراتنا المستقبليّة في البحث العملي، فستركّز على إضافة العلاح بالدراما إلى النيورو ساينس أو العلاج العصبي. وقد نظّمنا بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، وبالتعاون مع الأمم المتّحدة في دولة الكويت، ندوةً افتراضيّة عبر الإنترنت تحت شعار “النساء والحرب والصحّة العقليّة والسعي إلى السلام”، وذلك في إطار مبادرة UN75Talk بهدف تقديم العلاج الدرامي وشرح دوره، كأحد أكثر برامج الدعم النفسي تأثيراً في مساعدة النساء في كافة أنحاء العالم العربي على الشفاء من صدمات الحرب واكتساب القوّة. وكانت الندوة مفتوحة أمام جميع المهتمّين في العالم الذين سجّلوا مشاركتهم من خلال منصّة عبر الإنترنت.
من خلال موقعك وتجربتك الشخصيّة وبناءً على تلقيبك بأميرة الإلهام العربي، ماهي نصيحتك للنساء الخليجيّات ليصبحن هنّ أيضاً مصدر إيجابيّة وإلهام في محيطهنّ؟
أسعدني هذا اللقب كثيراً وأتشرّف أن أسمّى أميرة الإلهام العربي. فكلّ امراة ملهمة بأشياء تفيد المجتمع ويمكنها أن تكون إيجابيّة في مجتمعها. وأنا شخصيّاً لم أبدأ هكذا بل كنت أشعر أنّ ما ينقصني الإيجابيّة وبالتالي قرّرت تعلّم كيف أكون إيجابيّة مع نفسي ومع من حولي وأنا مؤمنة بأنّ ثمّة نساء عربيّات كثيرات ملهات في مجالات عدّة في الخليج العربي و هنّ فخر لمجتمعاتهن واستطعن أن يحدثن تغييراً في هذه المجتمعات ووصلن إلى مراتب عالية وأصبحن قادرات على التغيير. وأنا ومن خلال برامجي التي تهدف إلى نشر الإيجابيّة والتغيير الإيجابي وخصوصاً بين الطلبة و النساء استطعت ان أحدث فارقاً في مجتمعنا. ويبرز دور المرأة عادةً في أوقات الأزمات حيث تكتشف خلال هذه الظروف أنّها أقوى ممّا كانت تعتقد وتتجلّى قدراتها الكامنة. فلم أرَ حتّى اليوم امرأة لم تستطع تخطّي الأزمات بل إنّها دائما تظهرأنّها قويّة وتقوم بالدور المنوط بها دون أيّ خوف أو تردّد.
كيف يمكن برأيك للمرأة أن تكون سفيرة سلام؟
بهدف أن تكون المرأة سفيرة سلام يجب أن تتمتّع بالسلام الداخلي أيّ لا بدّ من أن تتعلّم أن تشعر به بداخلها، حينها تستطيع أن تعيشه مع أبنائها وعائلتها ومع المجتمع المحيط بها. فسلام النفس هو الأساس، ويأتي من زراعة البذور واستخدام الأدوات المناسبة وتعلّم كيفيّة مساعدة الآخرين ونشره من حولنا. فعلى المرأة التوقّف عن تعنيف أطفالها والإهتمام بنفسها ومساعدة النساء المحيطات بها على تجاوز محنهنّ.
ما هي برأي سعادتك أهميّة مشاركة النساء في الحياة السياسيّة والخدمة العامّة في الخليج العربي وكيف يمكن تشجيعهنّ على الإنخراط أكثر فيها؟
من الضروري جدّاً أن تشارك المرأة في الحياة السياسيّة وفي الخدمات العامّة، سواء في منطقة الخليج العربي أو العالم العربي، وذلك لأنّ المرأة نصف المجتمع وإذا لم يجد هذا الأخير من يمثّله يصبح المجتمع غير متوازن ككلّ. وتشجيع المرأة على الإنخراط في الحياة السياسيّة بشكل كبير يأتي بكلّ بساطة من تقبّلنا لمن نختارهم حتى وإن اخطأنا الاختيار في بداية الأمر لأنّنا نتعلم السياسة من خلال هذه التجارب. ففي بعض المرّات يكون توقّعنا للمرأة أفضل بكثير من اختيار الرجل، فأنا لا أريد أن تكون المرأة أفضل من الرجل بآدائها بل أن تكون مثله رغم أنّهم يملكون الخبرة في هذا المجال أكثر منّا ولهذا نستطيع نحن كنساء التعلّم من الآخر في تحديد مسارنا وتطلّعاتنا.
إعداد: “أرزة نخلة” موقع Marie Claire Arabia