من الناصرة إلى عجلون الأردن.. عيسى قبعين أول رئيس بلدية في عجلون
بقلم: رلى السماعين

النشرة الدولية –

الدستور الأردنية –

ذكرت لي والدتي في أحد الايام بأن جدّها الاكبر لامها عيسى قبعين هو أول رئيس بلدية لمدينة عجلون -لبلدية عجلون وقتها سنة 1916 – ولكنها لا تملك عنه معلومات أكثر من ذلك. أثارت هذه الجملة فضولي، واحببت أن أعرف أكثر عن شخصية هذا الرجل الذي أسس في منطقة بعيدة ونائية بلدية، وعمل منها مدينة تُذكر، ولم يذكره التاريخ، أو الكتب المدرسية أو الجامعية، أو حتى في أية من التقارير الاعلامية.

ولان محرك الصحافي هو الفضول، قمت بالبحث عن عيسى قبعين في محرك البحث الالكتروني جوجل، وجدت عنه معلومات خجولة؛ فقط الاسم دون ذكر اية تفاصيل أخرى، وكذا الامر في الصفحة الالكترونية التابعة لوزارة الثقافة الاردنية صفحة التراث الثقافي غير المادي، فلم أجد فيها أية معلومات تشبع فضولي لاشارك به المهتمين من الباحثين والقراء.

ولان قناعتي بأن الاوطان تُبنى بولاء ابنائها وحبهم لها وهو أمر فطري لا يُدّرس أو يشترى، كان لا بد لي أن أعرف أكثر عن عيسى قبعين، لذا تواصلت اخيراً مع حفيده المهندس عيسى قبعين الذي سُمّي على اسم جده، وأفادني بالمعلومات التي عنده وهي ليست بكثيرة وإنما قيمة جداً، وضرورية لان تاريخ الاردن بني بتعب ابنائها وبناتها.

جاء عيسى قبعين من الناصرة إلى عجلون الاردن سنة 1890، وكانت عجلون قرية صغيرة تسكنها عشائر منها الربضي والصمادي والعويسات، وعيسو، وحداد. عمل عيسى قبعين في مهنة التعليم فقد كان مولعاً بالكتابة والقراءة والبحث، وعمل أيضاً بالتجارة، وبالاتفاق مع راشد باشا الخزاعي الذي كان ممثل الباب العالي العثماني في منطقة قضاء عجلون، عمل عيسى قبعين على تأسيس بلدية عجلون ،وأصبحأول رئيس بلدية لمدينة عجلون وذلك عام 1920 وبقي لغاية سنة 1933.

حال استلامه، عمل قبعين على تحسين البنية التحتية لمدينة عجلون من تبليط الشوارع منها التي عرفت بشارع الصمادية، وشارع الربضية. للاسف، علمتُ بأن هذه الشوراع القديمة التي خدمت أهلها سنوات عديدة، لم يتم العمل على صيانتها بل تم ازالتها ووضعت الزفتة مكانها!

وقد وجدتُ وصفاً جميلاً لهذه الشوارع كتبها خليل عريفج قال: «كانت شوارع عجلون قليلة وقصيرة، وكان الشارع الرئيسي مبلطاً بحجارةمربعة ومستطيلة ورقيقة، لكنها قوية، وكان الطريق ما بين شارع البعاج بحارة الصمادية والعين مبنياً بحجارة مشذبة على شكل درجاتحجرية، وكانت الادراج عريضة وجميلة وكان البعض يسمي هذا الطريق طريق الملايات، اما بقية الشوارع فكانت ترابية.»

انجب عيسى قبعين خمسة أولاد هم: زكي، فهيم ، جميل، وديع، وكمال. درس جميعهم وتخرجوا من مدرسة فرندز في رام الله، فلسطين.

حال تخرجهم من المدرسة، التحق إبنه وديع في مدرسة الحقوق في القاهرة في بدايات 1900، وعاش فترة ليست بقليلة عند عمه سليم قيعينمؤسس مجلة الاخاء، ثم عاد الى عجلون وعمل على تأسيس أول مدرسة فيها، هي مدرسة الروم الارثوذكس عام 1930.

أما ابنه فهيم قبعين فقد تخرج من الجامعة الامريكية في بيروت سنة 1949، ومن ثم هاجر إلى أمريكا وهناك حصل على ثلاث شهادات في الدكتوراة وعرف عنه بذكاءه وكرمه الكبيرين.

أسس فهيم قبعين مؤسسة الامل Hope Foundation Fund خصيصاً للطلبة الفلسطينيين المحتاجين لمساعدتهم باكمال دراستهمبالالتحاق بالكليات والجامعات الأمريكية، وتكريماً لجهوده وعطاءه وتفانيه تم تكريس بعثة باسمه «بعثة فهيم قبعين».

أما زكي قبعين، فقد عمل مديراً في قسم المحاسبة في شركة بترول العراق. وابنه جميل قبعين بقي في الاردن وعمل في التجارة، وأما كمال قبعين فقد هاجر الى الناصرة وأسس عائلة كبيرة هناك.

تقوم المجتمعات وتنهض وتتقدم برجالاتها وبتاريخ واضح وتام يبعث الامل في الحاضر، فالتاريخ هو الصخرة التي يقف حاضرنا عليهاومنها نستشرق المستقبل.

Back to top button