جاسم النبهان في لقاء مفتوح نظمته «لابا»: عضوية في فرقة المسرح الشعبي تزامنت في يوم واحد مع التحاقي بالعمل في وزارة الأوقاف

النشرة الدولية –

اختتم برنامج «الجوهر» الذي تقيمه أكاديمية الفنون الأدائية «لابا» ثاني ورشاته الإعلامية باستضافة الفنان القدير جاسم النبهان، بحضور رئيسة مجلس إدارة لوياك فارعة السقاف. وأدارت اللقاء مديرة الورشة ليلى أحمد، وسط مشاركة المتدربين في طرح الأسئلة عبر تطبيق «زووم»، حيث يهدف «الجوهر» إلى مد الجسور بين جيل الشباب والكبار من صناع النهضة في الكويت بمختلف المجالات.

وقبل انطلاق الحوار تمنى النبهان أن يمن الله بالشفاء العاجل على صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وأن يعود إلى أرض الوطن سالما غانما، كما تمنى أن تزول جائحة كورونا، وفيما يلي نص الحوار:

  • دعنا نرجع معك إلى البدايات؟

– عضوية في فرقة المسرح الشعبي تزامنت في يوم واحد مع التحاقي بالعمل في وزارة الأوقاف في 20 ديسمبر عام 1964، لأنهم رفضوا التحاقي بها عندما كنت طالبا، والعمل الوظيفي كان بهدف «الإعاشة» لكن الهواية كانت الفن و»المسرح الشعبي»، حيث تعلمت الكثير من الرعيل الأول وتدرجت حتى أصبحت رئيسا لمجلس إدارة الفرقة، ورغم أنني لم أكمل في المعهد فقد تعلمت حكمة مهمة من الفنان الرائد زكي طليمات بأن «كل شيء بالمراس يعلم».

  • ماذا عن العلاقات والأجواء بين مؤسسي فرقة المسرح الشعبي في تلك الفترة؟

– كنا نسميها أسرة المسرح الشعبي وكذلك المسرح العربي والكويتي واسرة مسرح الخليج لأن العلاقة بيننا كانت أسرية، وكان هناك طقس الغداء كل جمعة، كل فنان يأتي بأكل «بيتي» ونلتقي كأفراد عائلة واحدة، وأي مسرحية كنا جميعا نشارك فيها. وتعلمت من الرعيل الأول عبد الرحمن ضويحي وعبد الله خريبط وعبد العزيز المسعود وأحمد الصالح رحمة الله عليهم جميعا، وحتى عبد العزيز النمش هذا الرجل العصامي الذي كان حالة خاصة جدا، لم يكن بيننا حملة شهادات، لكن الموهبة كانت موجودة، والحرص على التعلم، كما استفدنا من الأساتذة مثل د. عبد الله زكريا الأنصاري، ودعم راعي الفنون الشيخ عبد الله الجابر، كذلك لا ننسى الراحل محمد النشمي الذي أسس المسرح الشعبي قبل أن ينتقل ويؤسس المسرح الكويتي. وعشنا جميعا في مناخ إيجابي في ظل الدعم الكبير من الدولة التي أسست المسارح وخصصت لها مقار، حتى قبل الاستقلال وكان المسرح بمثابة صحيفة يحمل يوميات مجتمعنا ويضعها على الخشبة. وكنا كفنانين نعاني الخصومات والقيود، لكننا حرصنا على أداء واجبنا الوظيفي، وفي الوقت نفسه حرصنا على العطاء للمسرح في ظل التنافس بين الفرق الأهلية الأربع.

 

  • ما سبب انفصال الفنان محمد النشمي عن الفرقة؟

 

– انتمى للفرقة عدد من الشباب أفكارهم متضاربة مع الرعيل الأول الذي يمثله محمد النشمي والقصار والمنيع وغيرهم فقال النشمي: «أعطيكم هذا المسرح خذوه»، وذهب لتأسيس المسرح الكويتي، ولما انتقل ذهبت معه «ام طلال» طيبة الفرج رحمة الله عليها، وبعدها خطبتها ورددتها معي إلى المسرح الشعبي، وكان معنا أيضا من العناصر النسائية مريم الصالح ومريم الغضبان.

 

علاقات

 

  • ماذل تغير في علاقات الفنانين اليوم عن الماضي؟

 

العلاقات الآن أصبحت تحكمها المصلحة في عصر مادي ولم يكن الأمر كذلك بالنسبة لنا، أذكر أول مكافأة حصلت عليها كانت عشرة دنانير، وعبد الرحمن الضويحي أكبر أجر حصل عليه 550 ديناراً عن التأليف والإخراج، ورغم أننا عانينا نفور البعض من فكرة العمل في مجال الفن، لكننا وجدنا الدعم من المسؤولين ومحبة الجمهور.

 

  • هل لم يعد المسرح مجديا، لذلك اتجه نجومه إلى التلفزيون؟

 

– إذا قدم لي عمل مسرحي مع رفاق دربي أو من يشابههم فلن أتردد، وكما يقولون على قدر أهل العزم تأتي العزائم، كان لدينا كتاب مسرح لديهم معاناة ويعايشون الواقع السياسي والاجتماعي مثل عبد الأمير التركي أوعبد العزيز السريع وحتى مبارك الحشاش، وهذا أعطى القيمة لنصوصهم المسرحية.

 

مهرجانات رسمية

 

  • كانت هناك تجربة مسرحية مهمة مع المخرج سليمان البسام لماذا لا تعرض في الكويت؟

 

– سيلمان البسام كان يعرض بعض اعماله في الكويت لكنه حريص أكثر على تقديمها على خشبات عالمية منها مسرح شكسبير في بريطانيا وكذلك في فرنسا وإيطاليا، لكن عندما عرضنا «ريتشارد الثالث» في الكويت قدمنها ثلاثة أيام فقط ولم نستطع التمديد، ومعظم عروضنا الجادة أصبحت قاصرة على مهرجانات رسمية لا يتابعها الجمهور، والدور المهم هنا يقع على المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لتشغيل الفرق الأهلية الأربع ومنحها صالات المسارح لتقديم موسم مسرحي ممتد فهل يعقل أن يتعب الممثل لثلاثة أشهر من أجل عرض ليلة واحدة في مهرجان؟ على أيامنا كنا نعرض شهراً وأكثر وعقب العرض تدور نقاشات مطولة مع الجمهور.

 

  • لماذا توقفت عن الأعمال المسرحية؟

 

– للأسف لأن معظم جيلي توفوا إلى رحمة الله خصوصا الكتاب، مثل عبد الأمير التركي وللأسف قدمت عمله ولم تتم الموافقة عليه، وأذكر أنني في منتصف السبعينيات قدمت «مغامرة رأس المملوك» في أكثر من دولة عربية بحضور حمد الرجيب وزكي طليمات وكانت من إخراج أحمد عبد الحليم رحمه الله ويومها وقف زكي طليمات على خشبة المسرح ومنحني شهادة بقوله «كل شيء بالمراس يعلم»، الآن أصبح تنفيذ مثل هذه الأعمال صعبة.

 

الغزو… وزينب ضاحي

 

  • في عام 1990 وقبيل الغزو كنت رئيس فرقة المسرح الشعبي والتقيت المغفور له الشيخ جابر الأحمد.. فماذا كان هدف هذا اللقاء؟

 

– اجتمعنا مع المغفور له الشيخ جابر الأحمد ضمن وفد الفنانين وكان المتحدث باسمنا الفنان شادي الخليج وتحدد اللقاء أول أغسطس في العاشرة صباحا وألقى بيان الفنانين شادي الخليج الذي أكد على التمسك بأسرة الصباح.

 

  • أثناء فترة الغزو أنشأت زينب ضاحي نقابة الفنانين العراقيين الكويتيين… هل وجهت إليك دعوة للانضمام إليها؟

 

– هذه الفنانة ليست كويتية ولعب بها الشيطان، واتصلت بزوجتي طيبة الفرج رحمة الله عليها، رغم أن زوجتي انتقلت مع الأولاد إلى بيت بنتها في الأندلس، وأنا كنت في «الرابية» وزوجتي هددتها وقتها إذا عاودت الاتصال، وعن نفسي قدمت شكوى ضدها خصوصا أنها اتهمت زورا الفنانة «أمل عباس» بأنها كانت معها في قضايا سرقة، علما أن أمل شاركت معنا ودعتني زوجتي لمساعدتها في هذه الورطة، وفي تلك الفترة الصعبة كلنا، أعضاء فرقة المسرح الشعبي، ذهبنا متطوعين إلى المخفر منذ اللحظة الأولى، ولا أنسى في تلك الفترة جهود سلوى الخلفان التي شاركت في المظاهرات، وتواصلت معنا وأعطتنا الأخبار أولا بأول، وهناك العديد من الكويتيات الشهيدات والفدائيات، وهؤلاء من نفتخر بهن. وفي عام 1991 قدمنا مسلسل «لا ثمن للوطن» من إخراج غافل فاضل، ويعطي صورة مهمة عن الواقع آنذاك.

 

  • كيف ترى ضعف النصوص الدرامية حاليا؟

 

– هناك توسع في الإنتاج الدرامي لكن هذه الزيادة في الكم جاءت على حساب الكيف، كما افتقدنا التنسيق بين الأعمال ومواعيد البث، فشهر رمضان مثلا كانت له أعمال تختلف عن بقية السنة ومفترض ان الكاتب يتعايش مع مفردات المجتمع وهمومه لكن للأسف هؤلاء قلة من يقدرون على ترجمة حياتنا بمصداقية، كذلك نفتقر لحرفية الكتابة التي تحافظ على التشويق والتباين في رسم الشخصيات ونعاني إما من الاعتماد على أعمال يتم «تكويتها» وخطوطها بعيدة عن مجتمعنا، وإما أن الكاتب الكويتي نفسه بعيد عن مجتمعه وعاجز عن فك شفراته وكنا في الأول نجلس على طاولة «قراءة القراءة» لأسبوعين نحلل كل شخصية حتى على مستوى المفردة اللغوية ايضا نعاني من بعض المنتجين الذين يتحكمون في كل تفاصيل العمل والذين يهتمون بالربح على حساب القيمة الفنية ولذلك كنا نقدم أعمالا محكمة من 13 حلقة قبل أن يعتمدوا فكرة الثلاثين حلقة لتحقيق ربح أكبر على حساب الجودة غير تدخل الرقابة أحيانا بطريقة قد لا تتفهم فكر الكاتب ورؤية المخرج.

 

  • ما أسباب انحدار الدراما وتحولها من القيمة والرسالة إلى تجارة؟

 

– المسرح الذي يقدمه الشباب في المهرجانات حافل بالإبداع، وهو مختلف عما يسمى «الأعمال التجارية» التي أعتبر مسرحها غشاشا، وفي التلفزيون هناك أعمال كثيرة جيدة وعلينا مسؤولية تجاه الارتقاء بما نقدمه من فن.

 

  • سمعنا أنك تعمل أحيانا كمهندس ديكور؟

 

– يهمني في الأعمال التراثية أن تكون متجانسة ويكون هناك اهتمام بكل مفردة وهذا ما أحرص عليه مثلما أحرص على دقة التعبيرات وأكثر المسرحيات التي شاركت فيها مع عبد الرحمن الضويحي كنت أشارك في تنفيذ الديكور لها، والمسرحي يجب أن يلم بكل مفردات العمل المسرحي.

 

تشابه

 

  • في مسلسل «رحى الأيام» كنت تاجرا وكذلك في «محمد علي رود»… فهل هذا التشابه يؤثر على التلقي؟

 

– لا أبدا.. حتى لو تشابهت المهنة، فلكل شخصية حضورها المختلف والمهم إقناع المشاهد بها فهناك فرق بين «بو أحمد» و«بو عبد العزيز»، نفس الشيء قد أقدم دور الأب بصيغ مختلفة، وأحيانا أقبل الدور لتشجيع أبنائنا الشباب.

 

  • أخيرا.. كيف تقيم أعمالك؟

 

– مازلت أصبو لتقديم الأفضل الذي يعيش في وجدان الجمهور وأفتخر بمسلسلات مثل «إخوان مريم» وشخصية الحاكم الأول، وكذلك «نيران» و«افتح يا سمسم» و«سهيل وزهرة اللوتس»، وأحلم بتقديم اعمال عن الشيخ عبد الله الجابر وعبد العزيز رشيد وغيرهما من الشخصيات الكويتية الكبيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى