«ابن أخت القوم منهم»* عبدالوهاب عبدالله الخاطر

أحد منتسبي برنامج الجوهر

النشرة الدولية –

قضية أبناء الكويتيات هي قضية حق ضاع لأسباب غير منطقية وأحكام تشوبها مغالطات لا حصر لها! فبين معارض ومؤيد ومتوقفٍ عن الحكم يبقى السؤال ما مبررات رفض تجنيس أبناء الكويتيات؟ وفي هذا المقال لا أبحث عن وصفة سحرية تحل قضية عالقة منذ عقود، بل أتناول وجهات النظر المتداولة بيننا.

لن أتطرق إلى موضوع الإنسانية لأحاول استثارة عاطفة القارئ في موضوع حساس كهذا، لاسيما أن هناك الكثير من التكسبات السياسية الرخيصة التي يبحث عنها البعض من وراء هذه القضية، خصوصاً أن انتخابات مجلس الأمة على الأبواب في ظل تخاذل نيابي ملحوظ، ونواب ادّعوا مراراً نصرة المرأة الكويتية، وفي الحقيقة هم بعيدون كل البعد عنها، ويتعاملون مع هذه القضية «بإبر البنج»، إذ إن تقديم اقتراح بقانون واقتراح برغبة صار من باب رفع العتب لا أكثر. وبغض النظر عن العاطفة يجب مناقشة هذه القضية بعقلانية محضة، وبسبب خصوصية هذا المقال لا شك أنه يصعب الإلمام بجميع الاعتراضات على تجنيس أبناء الكويتيات، وسأناقش الشائع منها في الشارع الكويتي.

أولاً: إن تجنيس أبناء الكويتيات سيؤدي إلى الإضرار بالهوية الكويتية والنسيج الاجتماعي. وهذا الرأي باطل لأسباب عديدة، ألا ندّعي أن مجتمعنا مجتمع متعدد الثقافات، وأن الكويت بُنيت على هذا الأساس؟ إذن لماذا نُصرّ على أن تجنيس هذا المكون سيكون بمثابة إدخال خليط غريب في المجتمع؟ من وجهة نظري الشخصية، وهذا ملاحظ بالنظر للواقع الخارجي، أن هناك من أبناء الكويتيات من هم كويتيون ثقافياً ولا يقلون انتماءً عن غيرهم.

المواطنة مفهوم مكتسب من الغرب، ومن وضع هذا المفهوم سمح بإعطاء الجنسية لأبناء المواطنات، فما المانع من أن نحذو حذوهم؟ ليس تقليداً لهم كما يظن البعض بل لمصلحة اجتماعية ملحة. وهذا يجرنا إلى التساؤل، هل الكويتيون من أم غير كويتية الذين يستطيعون الحصول على جنسية الأم يشكلون خطراً على هويتنا ونسيجنا الاجتماعي؟ المسألة واضحة. أتصور أن هذا النقاش برمته يجب ألا نتعامل معه بعقلية المثل الشعبي الذي يقول «العم ولي والخال خلي».

ثانياً: لا يمكن تجنيس أبناء الكويتيات لأن الابن يتبع الأب. إن هذا الرأي لا يمكن أن يصدق إذا بلغ الشخص سن الرشد، لأنه يكون حينئذ كامل الأهلية، وهذا ما نصت عليه المادة 96 من القانون المدني، فلا تتحقق حينها التبعية ويخرج عن الولاية والوصاية، إلا إذا كان قصدهم من التبعية- كثيراً ما يحصل الخلط في هذا المفهوم- هي انتساب الأبناء لآبائهم. وللدكتور محمد الطبطبائي رأي شهير حول هذا الموضوع تطرق فيه لرأيه الشرعي مستشهداً بالحديث الشريف: «ابن أخت القوم منهم».

لا أعتقد أنه يرضينا أن نرى أبناء الكويتيات يعيشون تحت فكرة أن الطلاق البائن قد يؤدي إلى انفراج، لهذا أرى أن التجنيس سيحافظ على ترابط الأسرة في مجتمعنا. والمطالبة بهذا الحق نابع من إيمان تام بالدستور الذي نص في مواده 7 و9، و29 على أهمية العدل في المجتمع ومكانة الأسرة فيه، والمساواة في الكرامة الإنسانية وفي الحقوق والواجبات، ولا تمييز بينهم- أي الناس- بسبب الجنس، والأصل، واللغة، والدين. لذلك أعتقد أن مخاوف البعض وهواجسهم حلها لا يكون برفض تجنيس أبناء الكويتيات.

ختاماً نقدر عمل جميع الجهات التابعة للسلطة التنفيذية على كل الخدمات والتسهيلات التي قدمتها لأبناء الكويتيات على كل الصعد، وهو عمل يستحق الشكر والثناء، وأعتقد من وجهة نظري أن الوقت قد حان لمنح هذه الفئة المواطنة الكاملة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى